المشيشي يطالب الرئيس التونسي بإنهاء «أزمة اليمين الدستورية»

تونسيون يقرأون الفاتحة على روح شكري بلعيد في الذكرى الثامنة لوفاته أول من أمس (إ.ب.أ)
تونسيون يقرأون الفاتحة على روح شكري بلعيد في الذكرى الثامنة لوفاته أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

المشيشي يطالب الرئيس التونسي بإنهاء «أزمة اليمين الدستورية»

تونسيون يقرأون الفاتحة على روح شكري بلعيد في الذكرى الثامنة لوفاته أول من أمس (إ.ب.أ)
تونسيون يقرأون الفاتحة على روح شكري بلعيد في الذكرى الثامنة لوفاته أول من أمس (إ.ب.أ)

وجه هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، تذكيراً إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد، طالب فيه باستعجال تحديد موعد لأداء اليمين الدستورية لأعضاء الحكومة الجدد، الذين حصلوا على ثقة البرلمان، مشيراً إلى دقة وحساسية الوضع الأمني والصحي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه البلاد، الذي لم يعد يتحمل المزيد من التعطيل في سير مؤسسات الدولة، حسب تعبيره.
وكان المشيشي قد وجه مراسلة أولى إلى سعيد لتحديد موعد أداء اليمين الدستورية. غير أن رئيس الجمهورية لم يرد على مراسلته، وهو ما أكد وجود أزمة كبيرة بين المؤسسات الدستورية، وخلاف حاد بين رأسي السلطة التنفيذية.
وصادق البرلمان التونسي في جلسة 26 يناير (كانون الثاني) الماضي على منح الثقة لـ11 وزيراً ضمن التعديل الذي أجراه رئيس الحكومة، لكن الرئيس سعيد رفض الموافقة على هذا التعديل، وتمسك بموقفه الرافض للإشراف على موكب أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمامه، بدعوى وجود شبهات فساد وتضارب مصالح تحوم حول أربعة وزراء من بين الأسماء الواردة ضمن التعديل.
في غضون ذلك، تواصل عدة أطراف سياسية، وعلى رأسها التحالف البرلماني الثلاثي، الذي تقوده حركة النهضة الإسلامية، الضغط من أجل موافقة رئاسة الجمهورية على التعديل الوزاري، عبر دعوة باقي الوزراء إلى القصر، الذين لا تحوم حولهم «شبهات فساد» لأداء اليمين الدستورية، وإصدار أوامر رئاسية بتسميتهم حتى لا يتمكنوا من تولي حقائبهم الوزارية.
وتهدد بالذهاب إلى حلول أحادية، وفي مقدمتها تجاوز أداء «اليمين الدستورية» في إطار ما يعرف بـ«الإجراء المستحيل»، وتدعو إلى تنازل الرئيسين عن «مواقفهما المتصلبة» بهدف إيجاد حل للأزمة الدستورية المستفحلة.
ومن المنتظر أن تستنجد معظم الأطراف السياسية بقيادات اتحاد الشغل (نقابة العمال) للتوسط للوصول إلى حل ينهي الأزمة، وسط اقتراحات تطالب بالاستغناء عن الوزراء، الذين رفضهم الرئيس سعيد، ويتم بالتالي إنهاء الأزمة الدستورية، في انتظار أن يحسم القضاء أمره في الوزراء المشتبه بهم، وهو حل ترفض الرئاسة أن تكشف عن إجابتها عنه.
وبهذا الخصوص، أكدت مصادر سياسية مقربة من رئاسة الجمهورية، أن انسحاب الوزراء الأربعة الجدد المشتبه بهم، لن يغير من موقف سعيّد، ولن يحل أزمة تعطل أداء اليمين الدستورية. مبرزة أن رئيس الجمهورية يعتبر أن إجراءات التعديل الوزاري، التي اتبعها المشيشي «مخالفة لأحكام الدستور التونسي، ولا تنطبق مع مضمون الفصل 92 من الدستور، وهو ما يجعله يرفض كلياً قبول هذا التحوير».
على صعيد متصل، أعلن اتحاد الشغل (نقابة العمال) أنه وقع اتفاقاً مع الحكومة يتعلق بتفعيل نحو 50 اتفاقية مبرمة في القطاع العام، ويمتد مفعولها المالي لسنتي 2021 و2022، وهو ما سيجعل نقابة العمال تتجه لإقرار هدنة مطولة خلال المرحلة المقبلة.
ويرى مراقبون أن هذا الاتفاق من شأنه أن يحيد القيادات النقابية، ويخفف من تحالفها غير المعلن مع التيارات اليسارية المعارضة، وكذلك قربها من الرئيس سعيد، وسعيها لفتح أبواب الحوار السياسي الذي يشرف عليه رئيس الجمهورية.
في المقابل، دعا صلاح الدين السالمي، القيادي النقابي، إلى عدم تفويت البنوك الحكومية، ومحاولة إصلاح وضعياتها وتوازناتها المالية، معتبراً أن وزير المالية مطالب بمراجعة هذا الخيار، ومؤكداً أن «اتحاد الشغل» لن يقبل عمليات تفويت الدولة في مساهماتها بالبنوك العمومية، وبالتالي التفويت فيها للقطاع الخاص، وتخلي الدولة عن دورها الاجتماعي.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.