مخاوف من «رفع دعم مقنّع» مع الزيادة التدريجية لأسعار الخبز والمحروقات

TT

مخاوف من «رفع دعم مقنّع» مع الزيادة التدريجية لأسعار الخبز والمحروقات

في وقت يعاني اللبنانيون من الفوضى في زيادة أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية على مختلف أنواعها نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار وجشع التجار، تأتي الزيادة المتدرجة بقرارات رسمية على بعض الأنواع المدعومة لتزيد خوفهم على لقمة عيشهم ومن فرض قرار رفع الدعم بشكل مقنّع.
ومنذ أسابيع، يستفيق اللبنانيون كل أربعاء على زيادة في أسعار المحروقات، ويأتي ذلك بعدما كانت وزارة الاقتصاد قد أعلنت مطلع الأسبوع الماضي عن رفع سعر ربطة الخبز 250 ليرة لبنانية بعد أسابيع على زيادة المبلغ نفسه ليصبح ثمنها 2500 ليرة (1.66 دولار على سعر الصرف الرسمي 15015)، وذلك بناء على ارتفاع سعر طن الطحين، وعلى دراسة علمية لمؤشر سعر ربطة الخبز، وارتفاع سعر صرف الدولار، بحسب وزارة الاقتصاد.
وهذا الأمر يرى فيه خبراء اقتصاديون أنه تمهيد لرفع الدعم أو رفع دعم مقنّع للمواد الاستهلاكية فيما تنفي مصادر رسمية معنية بخطة ترشيد الدعم هذا الأمر نفياً قاطعاً، مؤكدة أن الأمر مرتبط بارتفاع أسعار المواد الأولية عالمياً، ولن يكون هناك أي قرار بترشيد الدعم قبل تأمين معايير محددة.
ويقول الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان لـ«الشرق الأوسط»: «منذ نحو شهر يرتفع سعر البنزين أسبوعياً نحو 500 ليرة في وقت لا يسجّل هذا الارتفاع في الأسواق العالمية للمحروقات». وفيما يتعلّق برفع سعر ربطة الخبز، يسأل أبو سليمان: «لماذا يتم رفعها فيما يفترض أن الطحين مدعوم وهذا الدعم لا يكلف خزينة الدولة أكثر من 150 مليون دولار من أصل نحو 5 مليارات دولار، وبالتالي المبلغ لا يفترض أن يؤثر على الدولة بينما الـ500 ليرة التي أضيفت إلى سعر الربطة من شأنها أن تشكل فرقاً كبيراً بالنسبة إلى مصروف العائلة الشهري؟». من هنا، يعتبر أبو سليمان أن ما يحصل هو رفع دعم مقنع على غرار ما يحصل مع أموال المودعين في المصارف ضمن سياسة الـ«هيركات»، وذلك عبر سياسة ممنهجة لتحميل الأعباء الاقتصادية والمالية للمواطنين والمودعين في وقت ينشغل الشعب اللبناني بتأمين لقمة عيشه والخوف على صحته في ظل جائحة كورونا».
في المقابل، ترفض مصادر رسمية معنية بخطة ترشيد الدعم، الحديث عن رفع دعم عن المواد الاستهلاكية، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «زيادة الأسعار ليست مقدمة لرفع الدعم ولا تحايل شكلاً ومضموناً كما يقول البعض، بل هو مرتبط بارتفاع السعر العالمي للفيول والقمح وبعدما تم استخدام كل مساعدات الطحين التي قدمت إلى لبنان».
وتشدد المصادر على أن خطة ترشيد الدعم لن تطبق خلال وقت قريب ولن يتخذ القرار بشأنها قبل توفير ثلاثة معايير، وهي: عدم المس بلقمة عيش المواطن، وتقديم الدعم لمستحقيه، والتوفير على خزينة الدولة على ألا ينعكس هذا الأمر على سعر صرف الدولار في السوق، مضيفة: «إذا توفرت هذه الشروط عندها يتخذ القرار مع تأمين البطاقة التموينية التي يعمل عليها لتقدم إلى مستحقيها والتي ستشمل وفق التقديرات الأولية ما لا يقل عن 600 ألف عائلة، عبر مبلغ يتراوح بين 600 ألف ليرة (75 دولاراً وفق سعر صرف السوق السوداء أكثر من 8 آلاف ليرة) ومليون و500 ألف ليرة (نحو 200 دولار) بحسب عدد أفراد العائلة.
من جهتها، تقول مصادر وزارة الاقتصاد لـ«الشرق الأوسط» إن قرار رفع سعر ربطة الخبز جاء بعدما ارتفع سعر القمح عالمياً من 200 إلى 320 دولاراً، وبالتالي فإن انخفاضه، إذا حصل، سيؤدي كذلك إلى اتخاذ قرار بتخفيض سعر ربطة الخبز، وذلك وفقاً لدراسات يتم الاعتماد عليها بشكل دوري.
وفي هذا الإطار ومع رفع الأصوات المحذرة من أن يشمل رفع الأسعار كل المواد المدعومة، كان وزير الاقتصاد راوول نعمة قد ردّ على حسابه على «تويتر»، محذراً من الشائعات وقال: «يتم تداول خبر عن رفع الدعم عن جميع المواد الغذائية وبذلك سوف نشهد ارتفاعاً كبيراً بسعر المواد الغذائية». يهمنا التوضيح أن هذا الخبر عار كلياً عن الصحة وهدفه المس بالأمن الاجتماعي في البلد. كما سنتابع الأمر قضائياً لمعرفة هوية مطلقي الشائعات واتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم.
وهذا الأمر كان قد تطرق إليه أيضاً، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر قائلاً في بيان: «المنظومة المتحدة بين أهل السلطة والمال تتواطأ لرفع سعر ربطة الخبز وصفيحة المازوت كمقدمة واضحة لرفع الدعم تدريجياً وجعله أمراً واقعاً ومن دون أي خطة اقتصادية تعيد للعملة الوطنية قيمتها الحقيقية وقدرتها الشرائية أو استعادة الأموال المنهوبة أو المهربة أو التأمين على أموال المودعين في ظل حكومة تصريف أعمال عاجزة ومكبلة دستورياً وصحياً بجائحة كورونا، وطروحات بيع الأملاك العامة والذهب وتعويم الدولار وغيرها».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.