يدخل مسبار الأمل الإماراتي غداً (الثلاثاء) مرحلة الحسم في مهمته نحو الولوج إلى مدار كوكب المريخ، وهي المهمة التي تحيط بها صعوبات قد تجعل فرص نجاحها 50 في المائة.
فرص النجاح
وقبل أيام استبق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات ورئيس مجلس الوزراء، وحاكم إمارة دبي، هذه المرحلة الحاسمة، بقوله في تغريدة كتبها على حسابه الرسمي بموقع «تويتر»: «نسبة النجاح المتوقعة لدخول مسبار الأمل مدار المريخ 50 في المائة، ولكننا حققنا 90 في المائة من أهدافنا في بناء كوادرنا ومعارفنا».
واجتاز المسبار بنجاح مرحلة الإطلاق، وكان الفريق العامل على المشروع يملك خلال هذه المرحلة أكثر من فرصة، حيث كانت نافذة الإطلاق ممتدة إلى ثلاثة أسابيع، كان يمكن خلالها التأجيل وإعادة المحاولة، كما حدث بالفعل، ولكن الأمر يبدو مختلفاً مع المرحلة الأخطر في الرحلة نحو المريخ، وهي مرحلة الولوج إلى مدار الكوكب الأحمر.
وقال عمران شرف، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في إحاطة إعلامية يوم 3 فبراير (شباط): «على عكس مرحلة الإطلاق، التي كان يوجد بها أكثر من فرصة، يوجد أمامنا في مرحلة الولوج إلى مدار المريخ فرصة واحدة فقط، فإذا لم نستطع إبطاء سرعة المسبار إلى الحد المطلوب وإدخاله إلى المدار بالاتجاه الصحيح، ربما نفقد المسبار في الفضاء العميق أو قد يصطدم بسطح المريخ».
مرحلة حاسمة
ويمر المسبار منذ إطلاقة بعده مراحل وصولاً إلى هذه المرحلة الحاسمة، والتي تبلغ مدتها 27 دقيقة، فبعد الإطلاق من جزيرة تانيغاشيما اليابانية، بدأت المرحلة الثانية بالتخلص من صاروخ الإطلاق ووضع المسبار في مدار الأرض حتى تتم عملية الاصطفاف الدقيق مع المريخ، ليتم توجيهه في الاتجاه الصحيح نحو الكوكب الأحمر.
وبعد عملية التوجيه نحو الكوكب، خضع المسبار لمتابعة مستمرة من فريق العمليات الأرضية، الذي أجرى سلسلة مناورات لتحسين مسار المسبار إلى المريخ تُعرف باسم «مناورات تصحيح المسار».
وقبل 27 دقيقة من وصول الكوكب إلى مدار المريخ تأتي المرحلة الأصعب، والتي تتطلب تقليل سرعة المسبار من 121 ألف كيلومتر في الساعة إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة، حتى يتمكن من الولوج إلى مدار المريخ دون أن تقذفه جاذبية الكوكب في الفضاء العميق، وفي هذه المرحلة سيتم حرق نصف كمية الوقود الموجودة في خزانات المسبار لإبطائه إلى الحد الذي يسمح بإدخاله في مدار الالتقاط.
مدار المريخ
وتكمن صعوبة هذه المرحلة، كما يشير الدكتور علاء النهري، نائب رئيس المركز الإقليمي لتدريس علوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، إلى أنها تحتاج إلى حسابات دقيقة جداً، لإبطاء السرعة عبر أنظمة الدفع الخاصة بالمسبار، وإذا حدثت أي مشكلة في هذه الحسابات يمكن أن يتم فقد المسبار.
ويقول د. النهري في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إن التجهيز لهذه المرحلة يتم خلاله حساب الوقت الذي تستغرقه الإشارة التي يتم إرسالها من المحطة الأرضية إلى المسبار لإبطاء سرعته، لتتم بعد ذلك عملية الدخول إلى المدار دون أي تدخل من فريق المشروع، ولن تكون هناك إمكانية وقتها من التعامل مع المسبار لأن الإشارات الصادرة منه تستغرق مدة تتراوح بين 13 إلى 26 دقيقة للوصول إلى الأرض.
ويضيف أنه «بمجرد اكتمال عملية الدخول إلى مدار المريخ سيكون المسبار محجوباً بواسطة الجانب المظلم من المريخ وعندما يخرج المسبار من هذا الجانب يمكن إعادة الاتصال به مرة أخرى، وعندها فقط يمكن للفريق التأكد من نجاح مناورة الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ».
وإذا كان الوصول إلى مدار المريخ، ومن ثم قيام المسبار بأداء المهمة العلمية التي أرسل من أجلها، يمثل نجاحاً بالعلامة الكاملة، فإن عدم تحقيق ذلك، لا يعني أن الإمارات خرجت صفر اليدين من هذه المهمة، كما يؤكد النهري.
ويقول: «النجاح الذي تحقق في مرحلة الإطلاق ثم التوجيه نحو الكوكب، يعني أن الإمارات خطت خطوات كبيرة ومهمة على طريق الوصول لأداء المهمة العلمية على الكوكب الأحمر، حتى وإن لم تصل إلى نهاية هذا الطريق».
وتاريخ الرحلات إلى المريخ حافل بالإخفاقات وصولاً إلى تحقيق النجاح في النهاية، فالاتحاد السوفياتي السابق، وصل إلى المريخ في عام 1971 بعد أن أطلق 10 محاولات فاشلة خلال 11 عاماً بداية من عام 1960. ولم تحقق روسيا بعد تفكك الاتحاد السوفياتي نجاحاً كاملاً في الوصول إلى المريخ، أما الولايات المتحدة صاحبة أكبر سجل من المحاولات الناجحة من الوصول إلى المريخ، فلم تخل مسيرتها أيضاً من الفشل.