ملفات قد تهدد مسار أول انتخابات تشريعية ورئاسية منذ 15 عاماً

خلافات قضائية وأمنية قد تظهر حول المرجعيات المخولة

رجل شرطة يقف حارسا لمبنى المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله (إ ب أ)
رجل شرطة يقف حارسا لمبنى المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله (إ ب أ)
TT

ملفات قد تهدد مسار أول انتخابات تشريعية ورئاسية منذ 15 عاماً

رجل شرطة يقف حارسا لمبنى المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله (إ ب أ)
رجل شرطة يقف حارسا لمبنى المجلس التشريعي الفلسطيني في رام الله (إ ب أ)

تجري حركتا «فتح» و«حماس» الفلسطينيتان محادثات في القاهرة، هذا الأسبوع، حول عدد من الملفات التي قد تهدد مسار أول انتخابات تشريعية ورئاسية منذ 15 عاماً، مرتقبة في مايو (أيار) ويوليو (تموز) المقبلين.
وفازت حركة «حماس» الإسلامية في آخر انتخابات تشريعية فلسطينية عام 2006، لكن حركة «فتح» لم تعترف بهذا الفوز، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات دامية بين الطرفين وانقسام سياسي مستمر إلى اليوم. وأدى الانقسام السياسي بين الطرفين إلى وضع الأراضي الفلسطينية تحت نظامين سياسيين مختلفين، ومن دون برلمان، فالسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس تحكم في الضفة الغربية المحتلة، حيث يعيش نحو 2.8 مليون نسمة، بينما تدير «حماس» قطاع غزة المحاصر الذي يضم نحو مليوني نسمة.
ووقع الرئيس الفلسطيني في منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، مرسوماً لإجراء الانتخابات، في خطوة عدّها محللون وسيلة للفلسطينيين لاكتساب الشرعية، وجاءت قبل أيام من تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن. وقد يتيح هذا التوافق الفلسطيني استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة بعد قطيعة في 2017 على أثر اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإعلانه لاحقاً خطة للسلام بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، نصت على ضم الدولة العبرية أجزاءً واسعة من الضفة الغربية المحتلة.
وفي القاهرة، حيث ترعى مصر، اليوم، المحادثات الفلسطينية، سيتعين على وفد «فتح» برئاسة جبريل رجوب، ووفد «حماس» بقيادة صالح العاروري، محاولة إزالة العقبات من طريق إجراء الانتخابات. ويشير مدير «المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية»، في رام الله، خليل الشقاقي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى قائمة تتضمن المسائل القانونية والأمنية والفنية، التي تجب معالجتها من أجل سلامة الانتخابات. ويتساءل الشقاقي: «أي سلطة قضائية ستفصل في الخلافات الانتخابية؟»، مشيراً إلى تلك الموجودة في رام الله والثانية في غزة. ويلفت إلى أن قضاء السلطة الفلسطينية في رام الله لا يعترف بمحاكم حركة «حماس»، بينما قد يصر الإسلاميون «على السماح لقضاتهم بالفصل في الخلافات الانتخابية في غزة».
ويطرح مدير «المركز الفلسطيني للبحوث» مزيداً من التساؤلات حول «من سيراقب العملية الانتخابية؟»، ويحذر من احتكاك محتمل في حال أصرت حركة «فتح» على إرسال قوات تابعة للسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
إن أي تقدم في مباحثات القاهرة سيواجه بمعضلة كبرى تتمثل في موافقة إسرائيل على إجراء الانتخابات في القدس الشرقية التي احتلتها الدولة العبرية في 1967، وضمتها لاحقاً، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي. ويعيش في القدس الشرقية أكثر من 300 ألف فلسطيني، وسبق لعباس أن أعلن أن إجراء الانتخابات غير ممكن إذا لم يتمكنوا من التصويت. ومن غير المتوقع أن تسمح إسرائيل للفلسطينيين في القدس الشرقية بالتصويت، خصوصاً أنها تعدّ المدينة بشطريها «عاصمتها الموحدة».
وطلب الفلسطينيون من دول الاتحاد الأوروبي الضغط على إسرائيل للسماح للفلسطينيين في القدس الشرقية بالتصويت. وأكدت مصادر دبلوماسية لوكالة الصحافة الفرنسية أن دولاً أوروبية تلقت هذا الأسبوع، بالفعل، دعوات من لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية، لنشر مراقبين للإشراف على انتخابات مايو ويوليو المقبلين، خصوصاً في القدس.
وفي خضم هذه المحادثات القانونية والفنية، تسري شائعات حول العمل على تشكيل قوائم انتخابية للاقتراعين التشريعي والرئاسي. وتجعل استطلاعات الرأي من القيادي في «فتح» مروان البرغوثي، المعتقل لدى إسرائيل منذ عام 2002، ويقضي حكماً بالسجن المؤبد بتهمة القتل، الشخصية السياسية الأكثر شعبية. كما يتصاعد التوتر بين الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس، والقيادي المفصول من حركة «فتح» محمد دحلان.
في هذه الأثناء، ينتاب القوى الإقليمية «شعور بالقلق» من مشاركة أو فوز حركة «حماس» الإسلامية، كما يقول الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط في «معهد هيربرت كيلمان للأبحاث»، عوفر زالزبرغ. ويرى زالزبرغ أن مصر لا تزال قلقة «من مشاركة (حماس) التي قد يكون لها تأثير مضاعف على مكانة الإخوان المسلمين في مصر والمنطقة».
ويشير الباحث إلى أن هذا القلق ينتاب أيضاً الأردن وإسرائيل، اللذين يتخوفان من أن تشكل الانتخابات الفلسطينية «خطوة أولى لـ(حماس) للسيطرة على الضفة الغربية».
وفي ظل هذا السيناريو المحتمل، تحاول بعض القوى الإقليمية الضغط على الجانبين، في سبيل إيجاد «صيغة» تضمن تحقيق الاستقرار في الأراضي الفلسطينية بعد الانتخابات، مثل قائمة انتخابية مشتركة بين «فتح» و«حماس»، وفق زالزبرغ.
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، جمال الفادي، فيرى أنه على الأطراف إعلان «ميثاق شرف يقضي بأن لا عودة للخلافات أو للانقسام أو لحرب أهلية (...) والالتزام بنتائج الانتخابات أياً كانت». ويعتقد الفادي أن «الأمر اليوم مختلف، فشعبنا لن يقبل هذه المرة بالتراجع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».