عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> تركي بن ناجي العلي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى النيجر، شارك أول من أمس، في حفل الإطلاق الرسمي المشترك لخطة الدعم الحكومية وخطة مواجهة الوضع الإنساني لشركاء النيجر لعام 2021م، كما شارك السفير بصفته عميداً للسلك الدبلوماسي بالنيجر في الحفل الرسمي لتدشين المدرسة العسكرية العليا بالعاصمة نيامي، الذي ترأسه الرئيس النيجري إيسوفو محمدو.
> الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، التقت أول من أمس، في كينيا، رئيس «جمعية الناشرين الكينيين» وعدداً من الناشرين المحليين، للاطلاع على الأضرار التي لحقت بصناعة النشر في كينيا وتداعيات «كوفيد - 19» عليها، في إطار جهود الاتحاد الدولي للناشرين لدعم مرونة قطاع النشر واستدامته في جميع أنحاء العالم. كما زارت القاسمي مكتبتي «ماكادارا» و«كالوليني» فرعي مكتبة «ماكميلان» التاريخية في نيروبي، اللتين خضعتا لعملية ترميم وتجديد كاملة تحت إشراف منظمة «بوك بانك ترست».
> السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، شارك أول من أمس، في الاحتفال باليوم العالمي للقضاء على ختان الإناث، الذي نظمه صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع «يونيسف»، تحت عنوان «الإسراع في الاستثمار والعمل من أجل إنهاء ختان الإناث»، وأوضح إصرار الحكومة المصرية على مواصلة جهودها للقضاء على ظاهرة الختان من خلال معالجة جذور هذه الممارسة الضارة عن طريق نشر الوعي والتعليم، مبرزاً جهود كلٍّ من الأزهر الشريف والكنيسة القبطية في هذا الصدد.
> نذير عبيدات، وزير الصحة الأردني، افتتح أول من أمس، مركز صحي النصر الشامل في عمان بعد أن تم إغلاقه من أجل أعمال الصيانة والتحديث، وقال الوزير إن المراكز الصحية تعمل لخدمة المواطن الأردني ولمصلحته وصحته، وبيّن خلال جولة في المركز أن الوزارة ستعمل على تطوير المركز ورفده بأجهزة حديثة لخدمة المنطقة.
> تامر كمال المليجي، سفير مصر في كوناكري، التقى أول من أمس، وزير الخارجية الغيني الجديد إبراهيم خليل كابا، حيث نقل له تهنئة نظيره المصري سامح شكري، بمناسبة تقلده منصبه، وقد بحث السفير مع الوزير سُبل تعزيز التعاون بين البلدين في شتى مجالات التعاون الثنائي واستمرار التنسيق المتميز في مختلف المحافل الأفريقية والدولية، وأكد السفير أن مصر عازمة على استمرار العمل على تطوير وتعزيز علاقاتها بغينيا في شتى المجالات، بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
> علياء برهان، سفيرة مصر في بورت لويس، التقت أول من أمس، وزير البيئة الموريشي كافيداس رامانو، حيث هنّأها على بدء مهمتها كسفيرة مصر الجديدة لدى موريشيوس، وأعرب عن تطلع بلاده إلى تطوير علاقات التعاون في مختلف المجالات البيئية وأبرزها جهود مواجهة التحديات المرتبطة بتغير المناخ والتلوث البحري، وإعادة تدوير النفايات، والحفاظ على الشعاب المرجانية والبيئة البحرية، وحماية الشواطئ من التلوث. من جانبها، أكدت السفيرة أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في مجال البيئة.
> باسم الطويسي، وزير الثقافة الأردني، افتتح أول من أمس، مكتبة الأسرة في محافظة المفرق وفعاليات البرنامج الوطني للقراءة، ضمن احتفالية مئوية تأسيس الدولة الأردنية، واشتمل البرنامج على خمسة مكونات، بالتزامن مع افتتاح مكتبة الأسرة الأردنية التي تضم المجموعة الأولى من إصدارات المئوية في 28 مركزاً لبيع الكتب بأسعار رمزية في مختلف المحافظات، وقال الوزير إن الخطة الوطنية للاحتفال بمئوية الدولة الأردنية اشتملت على سلسلة من البرامج الثقافية والمجتمعية والعامة في محافظات المملكة كافة.
> مي الكيلة، وزيرة الصحة الفلسطينية، منحتها قمة الرياديات في آسيا، جائزة «امرأة العَقد في الحياة العامة والريادة والإنسانية»، وذلك خلال مشاركة الوزيرة في القمة عبر تطبيق زووم، أول من أمس، بتنظيم من مجلس الأعمال البنغالي الهندي، بمشاركة سفير فلسطين في بنغلاديش يوسف رمضان، وشخصيات دولية كبيرة. وتحدثت الوزيرة عن دور المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال والتحديات التي تواجهها، ودور المرأة الفلسطينية في مواجهة فيروس «كورونا» وبناء القطاع الصحي.
> الدكتورة أماني أبو زيد، مفوضة البنية التحتية والطاقة بالاتحاد الأفريقي، أعاد المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي انتخابها، أول من أمس، لفترة ثانية لمدة 4 سنوات «2021 - 2024». وقالت بالمناسبة: «إنه لشرف عظيم لي... أتعهد بالاستمرار في العمل الدؤوب لرفع راية بلدي مصر عالية خفاقة، وخدمة قارتنا الأفريقية في مجالات النقل والطاقة والمعلوماتية، وأن أحرص على أن تكون التجربة الوطنية المصرية الرائدة مثالاً يحتذي به في العالم أجمع».



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)