رغم العجز والديون... اليورو في أمان على المديين القصير والمتوسط

الدول التي كانت تقف على أرض هشة اقتصادياً قبل أزمة {كورونا} تضررت بشدة (رويترز)
الدول التي كانت تقف على أرض هشة اقتصادياً قبل أزمة {كورونا} تضررت بشدة (رويترز)
TT

رغم العجز والديون... اليورو في أمان على المديين القصير والمتوسط

الدول التي كانت تقف على أرض هشة اقتصادياً قبل أزمة {كورونا} تضررت بشدة (رويترز)
الدول التي كانت تقف على أرض هشة اقتصادياً قبل أزمة {كورونا} تضررت بشدة (رويترز)

قال الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر إنه لا يتوقع تأثيرات سلبية على المدى القصير أو المتوسط على عملة اليورو، رغم العجز والديون المتزايدة بين الدول الأعضاء في الوقت الذي تكافح فيه مرض «كوفيد-19».
وقال يونكر، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «نويه زيورخر تسياتونج» السويسرية، إن العملة ستتحمل الضغوط إذا أنفقت الدول الأعضاء أموال صندوق إعادة الإعمار التابع للاتحاد الأوروبي بحكمة، مثل إنفاقها على الإصلاحات الموجهة نحو المستقبل.
وأضاف يونكر، في التصريحات التي أوردتها، السبت، وكالة بلومبرغ للأنباء، أنه «لا يريد التقليل من مشكلة الديون الناتجة»، وهو أمر لا يمكنك التخلص منه بسهولة.
واعترف يونكر بالانتقادات الموجهة لكيفية إدارة طرح اللقاحات في الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أنه من غير الواقعي توقع تلقيح الجميع في غضون الأسابيع أو الأشهر القليلة الأولى، حسبما ذكرت الصحيفة.
وقال إن أوروبا طلبت لقاحات كافية لتلقيح 70 في المائة من السكان بحلول الخريف.
وحذر مسؤولو الاتحاد الأوروبي، آخر الشهر الماضي، من أن تفشي جائحة فيروس كورونا (كوفيد - 19) يهدد بتعميق الانقسام بين دول منطقة اليورو.
وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية باولو جينتيلوني إن الدول التي كانت تقف بالفعل على أرض هشة اقتصادياً قبل الأزمة تضررت بشدة من الوباء أكثر من الدول التي كان أداؤها جيداً.
وتابع: «هذه الاختلالات بين أعضاء منطقة اليورو كانت تتراجع تدريجياً قبل (كوفيد –19)»، إلا أن جينتيلوني أوضح أن هذا التقارب معرض لخطر الاتساع مرة أخرى، لأنه «على سبيل المثال، الدين العام الآن في ازدياد مرة أخرى خاصة في الدول الأكثر تضرراً اقتصادياً من تراجع السياحة وأسباب أخرى».
في أعقاب اجتماع افتراضي مع وزراء مالية منطقة اليورو التسعة عشر، قال إن «هذه الاختلالات للأسف معرضة لخطر التعمق». وأضاف: «الآن يجب أن نكون ملتزمين بتجنب سرعة مختلفة للتعافي بين الدول الأعضاء في منطقة اليورو، ومواصلة تقديم الدعم طالما كان ذلك مطلوباً».
وستقدم الدول رسمياً خططها الوطنية للتعافي إلى المفوضية للموافقة عليها في منتصف فبراير (شباط) المقبل، وبعد ذلك سيتعين على مجلس الاتحاد الأوروبي إعطاء الضوء الأخضر.
كما أعرب رئيس مجموعة اليورو، باسكال دونوهو، عن نبرة مماثلة بعد الاجتماع، مشدداً على أنه لا يمكن التغلب على جائحة «كوفيد – 19» والتحديات الاقتصادية إلا بشكل جماعي.
وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في منطقة اليورو خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، للمرة الأولى منذ يوليو (تموز) الماضي، مدفوعة بارتفاع التكاليف في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا.
وذكر مكتب الإحصاء يوروستات أن التضخم في 19 دولة تستخدم اليورو بلغ 0.9 في المائة في بداية 2021. في قفزة كبيرة عن المعدل السلبي 0,3 في المائة في الشهر السابق.
وقال يوروستات إن معدل التضخم الأساسي الذي يُراقب من كثب والذي يستبعد الأسعار المتذبذبة للغاية مثل الطاقة والغذاء، قفز أيضاً ليصل إلى 1,4 في المائة.
وبالإضافة إلى ألمانيا، شهدت فرنسا وإسبانيا عودة أسعار الاستهلاك إلى المنطقة الإيجابية، رغم أن المحللين يحذرون من أن الظروف غير العادية لوباء «كوفيد – 19» تجعل قياس التضخم صعباً.
ويظل التضخم في أوروبا بعيداً عن الهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي ويناهز 2 في المائة.
لمحاربة الركود في الطلب وتعزيز الأسعار، عزز المصرف المركزي الأوروبي برنامجه الطارئ لشراء السندات المرتبط بالوباء إلى 1,85 تريليون يورو (2.24 تريليون دولار).
وستشكل البيانات الجديدة فرصة ضئيلة لعكس اتجاه المساعدة من المؤسسة التي تتخذ من فرانكفورت مقرا لها. والشهر الماضي، حذرت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد من أن الوباء ما زال يشكل «مخاطر جسيمة» على اقتصاد منطقة اليورو وأن «التحفيز النقدي الوافر» ما زال ضرورياً.



انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
TT

انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)

من المتوقع أن يؤدي انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى زيادة معاناة الاقتصاد في الأشهر القادمة. ورغم ذلك، هناك بصيص أمل في إمكانية تشكيل حكومة جديدة أقل تشتتاً قادرة على تقديم سياسات أكثر انسجاماً قد تعيد الزخم للاقتصاد الألماني.

وجاء هذا الانهيار في وقت بالغ الحساسية بالنسبة للاقتصاد الأكبر في أوروبا، بعد ساعات فقط من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مما أثار احتمالية نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة وألمانيا، وهو ما يزيد القلق على مستوى السوق العالمية، وفق «رويترز».

أزمة داخلية تزيد من الضغط الاقتصادي

ويوم الأربعاء، أقال المستشار أولاف شولتز وزير المالية، مما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة بعد شهور من المشاحنات داخل ائتلافه المكون من ثلاثة أحزاب، ما أثر سلباً على الثقة في الاقتصاد الذي يعاني من ارتفاع تكاليف الطاقة وتآكل القدرة التنافسية.

ويُتوقع أن ينكمش الاقتصاد الألماني للسنة الثانية على التوالي في 2024، مما يجعله الأسوأ أداءً بين اقتصادات مجموعة السبع الكبرى. كما يُحتمل أن يتسبب انهيار الائتلاف في مزيد من الضرر للاستهلاك والاستثمار في الأشهر القادمة التي من المتوقع أن تشهد تراجعاً، حيث أشار ثلث الشركات الألمانية في استطلاع حديث إلى خطط لتقليص الإنفاق.

وقال رئيس الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»، كارستن برزيكي: «بالإضافة إلى فوز ترمب، من المرجح أن تتراجع الثقة الاقتصادية بشكل كبير، مما يجعل الانكماش في الربع الرابع أكثر احتمالاً». لكنه أشار إلى أن هناك أيضاً إمكانية للحصول على دفعة جديدة إذا تم تشكيل حكومة أكثر استقراراً.

وأوضح برزيكي أنه مع اقتراب الانتخابات في مارس (آذار)، يُتوقع أن تكون الحكومة الجديدة قادرة على إنهاء حالة الركود الاقتصادي وتقديم توجيه سياسي اقتصادي أكثر وضوحاً. ويخطط شولتز لإجراء تصويت على الثقة في حكومته في 15 يناير (كانون الثاني)، ما قد يؤدي إلى انتخابات مبكرة في نهاية مارس. وحتى ذلك الحين، من المتوقع أن يرأس حكومة أقلية تضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، مع الاعتماد على تحالفات مؤقتة في البرلمان لتمرير التشريعات.

وهناك مَن يرى أنه يمكن لحكومة جديدة أن تمنح الاقتصاد بعض الزخم. وقال كبير الاقتصاديين في بنك «بيرنبرغ»، هولغر شميدينغ: «بمجرد أن تستقر الأوضاع ويستلم الحكومة الجديدة التي تحمل أجندة جديدة زمام الأمور بعد الانتخابات المبكرة، من المحتمل أن يكون التأثير إيجابياً».

وقد يسمح رحيل وزير المالية كريستيان ليندنر بتخصيص مزيد من الأموال لدعم الاقتصاد الضعيف. وكان ليندنر، من الحزب الديمقراطي الحر، يعارض خطط شولتز لتعليق «فرامل الديون» التي تحد من الدين العام.

وبحسب شولتز، فإن ألمانيا لديها مجال كافٍ للإنفاق دون التأثير على صحة ماليتها العامة. وقال: «من بين جميع الديمقراطيات الاقتصادية الكبرى، لدينا أقل دين بنسبة بعيدة». وأضاف: «هناك حلول لكيفية تمويل مؤسساتنا العامة ومسؤولياتنا بشكل سليم».

ترمب يشكل تهديداً إضافياً للاقتصاد

الأزمة الداخلية في ألمانيا تتزامن مع وصول ترمب إلى البيت الأبيض مجدداً، مما يضيف مزيداً من الضغط على الاقتصاد الألماني. فقد أشار تقرير صادر عن معهد الاقتصاد الألماني «آي دبليو» إلى أن فرض إدارة ترمب رسوماً جمركية بنسبة 20 في المائة على السلع الأوروبية، كما ألمح خلال حملته الانتخابية، قد يتسبب في تقلص الاقتصاد الألماني المعتمد على الصادرات بنسبة تصل إلى 1.5 في المائة بحلول عامي 2027 و2028.

وتشير التوقعات الحالية إلى أن الاقتصاد الألماني في طريقه إلى الركود أو مزيد من الانكماش في العام المقبل، ما يجعله يشهد أطول فترة من دون نمو اقتصادي منذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990.