«الوطني الحر» يقر بفشله في بناء الدولة ومكافحة الفساد

نائب في «التيار»: «حزب الله» لم يواكبنا لاعتبارات مرتبطة بـ«الثنائية الشيعية»

الرئيس ميشال عون وحسن نصر الله عند توقيع «اتفاق مار مخايل» في 6 فبراير 2006
الرئيس ميشال عون وحسن نصر الله عند توقيع «اتفاق مار مخايل» في 6 فبراير 2006
TT

«الوطني الحر» يقر بفشله في بناء الدولة ومكافحة الفساد

الرئيس ميشال عون وحسن نصر الله عند توقيع «اتفاق مار مخايل» في 6 فبراير 2006
الرئيس ميشال عون وحسن نصر الله عند توقيع «اتفاق مار مخايل» في 6 فبراير 2006

في الذكرى الخامسة عشرة لتوقيع ورقة «التفاهم» بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، أعلن الأخير أن هذا الاتفاق «لم ينجح في مشروع بناء الدولة ومكافحة الفساد، وهو يحتاج إلى تطوير لبقاء جدواه»، في موقف ليس الأول من نوعه من قبل مسؤولين في «التيار»، علماً بأن الاختلاف ظهر مرات عدة في المرحلة الأخيرة بين الحزبين، ولم يقتصر على القاعدة الشعبية، حيث كان التعبير عنها على وسائل التواصل الاجتماعي، بل تعداها إلى مسؤولين ونواب في «الوطني الحر»، وبشكل كبير إثر فرض العقوبات الأميركية على رئيس «التيار» النائب جبران باسيل، حيث كان الربط بينها وبين علاقة الأخير بـ«حزب الله»، فيما أعلنت أميركا أن العقوبات مرتبطة بقضايا فساد اتهم بها باسيل.
وفي بيان له أمس، تطرق المجلس السياسي في «الوطني الحر»، ضمن قضايا عدة، إلى ذكرى توقيع الاتفاق الذي كان له الدور الأكبر في وصول الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وقال: «يرى المجلس في ذكرى توقيع تفاهم مار مخايل بين (التيار الوطني الحر) و(حزب الله) مناسبة للتمعن في هذا التفاهم. فهو جنب لبنان شرور الفتنة والانقسام، وحماه من اعتداءات الخارج، فردع إسرائيل وصد الإرهاب، إلا أنه لم ينجح في مشروع بناء الدولة وسيادة القانون، ويعتبر المجلس أن تطوير هذا التفاهم باتجاه فتح آفاق وآمال جديدة أمام اللبنانيين هو شرط لبقاء جدواه، إذ تنتفي الحاجة إليه إذا لم ينجح الملتزمون به في معركة بناء الدولة، وانتصار اللبنانيين الشرفاء على حلف الفاسدين المدمر لأي مقاومة أو نضال».
وفي هذا الإطار، يذكر النائب في «التيار» جورج عطالله بأن ما جاء في بيان مجلس التيار ليس جديداً، إذ كان قد تحدث عنه باسيل قبل نحو شهر، ولفت إليه أيضاً أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله.
وقال عطالله لـ«الشرق الأوسط»: «تحقق الكثير نتيجة هذا الاتفاق، لكن (حزب الله) لم يستطع مواكبتنا في قضايا بناء الدولة، وإقرار قوانين مكافحة الفساد، ربما لاعتبارات مرتبطة بالثنائية الشيعية (تحالفه مع حركة أمل)»، مؤكداً أنه «بالنسبة إلينا، هذه الأمور هي أساسية ومهمة على قدر أهمية مواجهة إسرائيل»، لافتاً إلى «اجتماعين عقدا بين باسيل ونصر الله خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وكان خلالهما حديث مطول حول هذه القضايا العالقة، وطرحت فيهما كل الهواجس». وفي رد على سؤال عما إذا كان يمكن تحقيق كل ذلك في المرحلة المقبلة وهي التي لم تتحقق في 15 سنة، يقول: «القناعة موجودة، لكن المشكلة على مستوى التطبيق، ربما لوجود حرج لديهم، لكن هذا سيتم التركيز عليه في المرحلة المقبلة، بعدما تم تشكيل لجنة من الطرفين ستعمل على تحضير أوراق للخروج بورقة محددة، تتضمن الأولويات التي يجب العمل عليها، على ألا تكون المدة مفتوحة».
ويرفض عطالله الربط بين إعادة النظر في ورقة «تفاهم مار مخايل» والعقوبات الأميركية التي فرضت أخيراً على باسيل، ويقول: «لو كانت هذه النية موجودة، كان لدى رئيس التيار الذي اتخذ القرار اللازم الوقت الكافي للانسحاب منه، وما نقوله اليوم قاله باسيل أمام الأميركيين».
وعما إذا كان هذا الاتفاق مهدداً بالسقوط، بعد ظهور الخلافات في المرحلة الأخيرة، يقول عطالله: «بالنسبة إلينا، هدفنا العمل عليه لتحسينه وتطويره، وحتى توسيعه، ليشمل أفرقاء آخرين، وليس سقوطه، وهذا ما نسعى إليه».
وفي المقابل، يعد النائب المتحالف مع «حزب الله» الوليد سكرية أن المشكلة بين الحزب والتيار الوطني الحر هي في مكان آخر، وتحديداً في التمثيل الطائفي، والخوف المشروع على حقوق الطائفة المسيحية. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «قد تكون الأوضاع التي مرت بها لبنان منعت تنفيذ بعض الأمور، لكن الفريقين متفاهمان تفاهماً كاملاً حول الرؤية والتوجه أنفسهما لبناء الدولة على أساس الوحدة الوطنية»، مشيراً إلى أن «بعض الاختلافات، وأحياناً التجاوزات، من أحد الفريقين موجودة وطبيعية، لكن هذا لا يعني إلغاء الاتفاق، إنما قد يكون بحاجة إلى تطوير عن قناعة».
ويوضح أن «المشكلة بالنسبة إلى التيار الوطني الحر بشكل أساسي هي مقاربة المناصفة في الوظائف، وهي النقطة التي يحصرها اتفاق الطائف في الفئة الأولى فقط، في وقت يطالب فيه التيار بتطبيقها في كل الفئات، انطلاقاً من الواقع اللبناني اليوم، حيث بات فيه المسلمون أكثر عددياً من المسيحيين، وهذا ربما يكون لاحقاً على حساب المساواة، وبالتالي يحتاج إلى توحيد الرؤية لضمان حقوق الجميع، والعيش المشترك بعيداً عن الخلافات»، مؤكدا في الوقت عينه أن حل ذلك يكون بتطبيق اتفاق الطائف، عبر إنشاء مجلس الشيوخ الذي يمثل كل الطوائف ويحفظ حقوقها، على أن يكون البرلمان اللبناني خارج القيد الطائفي.
ومن جهة أخرى، يرفض سكرية الحديث عن خلافات في القضايا الاستراتيجية بين الطرفين، ويعد أن حديث باسيل قبل أشهر عن عدم وجود خلافات آيديولوجية مع إسرائيل هو كلام ابن ساعته لمحاكاة فئة معنية من الجمهور، لكنه ليس قراراً حزبياً أساسياً. كما يرفض الحديث عن معتقلين في السجون السورية، ويعد أن هذا الكلام هو تصويب ضد النظام السوري. أما فيما يتعلق بعودة اللبنانيين من إسرائيل، ورغم محاولة «التيار الوطني الحر» إجراء تعديل على القانون المتعلق بها، فيقول سكرية: «عودة المتعاملين مع إسرائيل لا يمكن أن تمر من دون محاسبة. أما الآخرون الذين غادروا لبنان بعد التحرير، فيطبق عليهم ما طبق على من أتوا سابقاً، عبر أحكام محدودة».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.