الاتحاد الأوروبي يعلن تركيز اهتمامه على قضايا الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر

بعد شهرين من لائحة برلمانية أثارت سخط السلطات المدنية والعسكرية

محكمة الدار البيضاء في العاصمة الجزائرية يوم الخميس حيث تم تأجيل محاكمة متهمين بقضية قتل متسلق جبال فرنسي قبل 6 سنوات على أيدي جماعة متشددة (أ.ف.ب)
محكمة الدار البيضاء في العاصمة الجزائرية يوم الخميس حيث تم تأجيل محاكمة متهمين بقضية قتل متسلق جبال فرنسي قبل 6 سنوات على أيدي جماعة متشددة (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يعلن تركيز اهتمامه على قضايا الحريات وحقوق الإنسان في الجزائر

محكمة الدار البيضاء في العاصمة الجزائرية يوم الخميس حيث تم تأجيل محاكمة متهمين بقضية قتل متسلق جبال فرنسي قبل 6 سنوات على أيدي جماعة متشددة (أ.ف.ب)
محكمة الدار البيضاء في العاصمة الجزائرية يوم الخميس حيث تم تأجيل محاكمة متهمين بقضية قتل متسلق جبال فرنسي قبل 6 سنوات على أيدي جماعة متشددة (أ.ف.ب)

يتوقع مراقبون في الجزائر أن تثير تصريحات لوزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بخصوص قضايا حقوق الإنسان والمعتقلين المعارضين في البلاد، استياء الحكومة الجزائرية التي كانت قد ردت بغضب نهاية العام الماضي على موقف مماثل صدر عن البرلمان الأوروبي.
ونشر موقع البرلمان الأوروبي، الخميس، ردّ المفوض السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد، جوزيب بوريل، على سؤال برلماني حول الأوضاع الداخلية في الجزائر، خصوصاً ما يتعلق بالحقوق والحريات، فجاء ردّه كالآتي: «يتابع الاتحاد الأوروبي عن قرب الوضع السياسي، وتطورات حقوق الإنسان في الجزائر، في هذا الوقت المهم، بما في ذلك الوضع بمنطقة تندوف»، في إشارة إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين بجنوب غربي البلاد.
وأبرز بوريل أن «احترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان منصوص عليها في الدستور الجزائري، وتمثّل جانباً أساسياً في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والجزائر»، مؤكداً أن الاتحاد «سبق أن قدم دعمه لخطة الإصلاحات المتبعة من طرف السلطات الجزائرية، بغرض الاستجابة للتطلعات المشروعة للشعب الجزائري»، في إشارة إلى مطالب بحرية التعبير وممارسة السياسة من دون قيود والتداول على السلطة. كما أشار المسؤول الأوروبي إلى لقاءات جرت مع المسؤولين الجزائريين «في المدة الأخيرة، والتبادل المفتوح والصريح الذي ميّزها، بشأن حقوق الإنسان، وذلك في إطار اجتماعات اللجنة الفرعية للحوار السياسي والأمن وحقوق الإنسان، التي عقدت في 19 أكتوبر (تشرين الأول) 2020».
وأشار بوريل إلى مناقشة قضايا الحقوق والحريات مع الجزائر «على مستوى سياسي»، يوم 7 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أثناء مؤتمر عبر الفيديو. ويفهم من تناول الموضوع على «مستوى سياسي» أن الجانب الأوروبي ركّز على سجن المعارضين السياسيين، وحجب صحف إلكترونية إخبارية بسبب تعاطيها مع قضايا لا تعجب السلطات. ويرجح بأنه تم أيضاً طرح قضية الصحافي خالد دراني مراقب «مراسلون بلا حدود»، الذي دانته محكمة الاستئناف بالسجن عامين مع التنفيذ (قضى منها 300 يوم)، بسبب تغطيته المكثفة لمظاهرات الحراك، التي توقفت في مارس (آذار) الماضي بسبب جائحة «كورونا».
وأضاف رئيس الدبلوماسية الأوروبي أن «الاتحاد عازم على تعميق الحوار مع الجزائر، المبني على الثقة والنقد البنّاء. وسنستمر في تشجيع الشركاء الجزائريين على إطلاق حوار شامل مع كل ممثلي المجتمع».
وترى الجزائر أن خوض أي جهة أجنبية في قضايا داخلية خاصة بها، بمثابة «دروس» و«توجيهات» مرفوضة. وازدادت حساسيتها إزاء هذه المسائل، منذ اندلاع الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، وتلميحات قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، المتوفى نهاية ذلك العام، إلى أن فرنسا تقف وراء فئات من المتظاهرين يرفعون شعار «دولة مدنية لا عسكرية».
وأصدر البرلمان الأوروبي، نهاية العام الماضي، لائحة أثارت سخط أعلى السلطات في البلاد، بما فيها رئيس أركان الجيش، جاء فيها أن عشرات نشطاء الحراك «تم سجنهم بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية ومطالبهم بتغيير النظام». وخصصت اللائحة حيزاً مهماً لسجن الصحافي درارني المتهم بـ«المسّ بالوحدة الوطنية»، إذ اعتبرته «سجين رأي».
ودعت اللائحة مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لـ«دعم المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمتظاهرين، وذلك من خلال تبني موقف عام أكثر حزماً بشأن احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون في الجزائر، وإدانة انتهاكات حقوق الإنسان بشكل واضح وعلني، ومن خلال حث السلطات الجزائرية أيضاً على إطلاق سراح المعتقلين تعسفاً ووقف الاستخدام المفرط للاحتجاز السابق للمحاكمة، وإتاحة الوصول إلى المحتجزين ومراقبة محاكمات النشطاء والصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمتابعة الدقيقة لحالة حقوق الإنسان في الجزائر».
واستهجنت وزارة الخارجية الجزائرية يومها «تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للجزائر»، واتهم وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر، فرنسا، بالوقوف وراء اللائحة التي قال إنها «مرتبطة باستقلال القرار الجزائري وموقفنا السيادي الثابت من قضايا دولية، كفلسطين والصحراء».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.