إسرائيل «لن تسمح لإيران ببناء حزب الله سوري»

في تبرير للغارات الأخيرة حول دمشق

TT

إسرائيل «لن تسمح لإيران ببناء حزب الله سوري»

رغم أنها لم تتبن الغارات حول دمشق قبل يومين، كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الجمعة، أن الحكومة الإسرائيلية وجهت رسالة إلى إيران تبلغها فيها أنها لن تسمح لها ببناء تنظيم لـ«حزب الله» في سوريا، وتلمح بأن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة استهدفت خطة لشحن كمية كبيرة من الأسلحة لتعزيز قوة الحزب.
وقالت هذه المصادر إن إيران عادت في الشهرين الأخيرين إلى نقل أسلحة نوعية بكميات كبيرة إلى سوريا. وقسم من السلاح يبقى في دمشق، تحت سيطرة الجيش السوري أو تحت سيطرة الميليشيات الإيرانية، وقسم آخر يفترض أن يصل إلى «حزب الله»، فينقل ما تيسر منه إلى لبنان، ويخزن قسماً آخر في قواعد له بسوريا، ضمن مشروع لإقامة بنية تحتية قوية له في سوريا، بشكل خاص في الجنوب، على مقربة من خط وقف النار مع إسرائيل في الجولان. وذكرت المصادر الإسرائيلية أن الغاية من هذا المشروع هو تشكيل تنظيم قوي لـ«حزب الله» في سوريا على نمط قواته في لبنان. وقالت الرسالة الإسرائيلية: «سنمنع بأي ثمن إقامة (حزب الله) ثانٍ في سوريا».
وأوضحت المصادر أن «حزب الله» اللبناني بات يعمل في سوريا كتنظيم سلطوي له تأثير كبير في الميدان، بهدف إقامة جبهة حرب قوية ضد إسرائيل. واعتبرت هذا العمل «كسراً للتوازن» لن تسمح به. ووجهت رسالة صريحة بهذا الخصوص عبر قنوات أجنبية إلى كل من النظام السوري وإيران، وفي الوقت نفسه نفذت غارات مكثفة «حتى يستوعبوا جدية الرسالة».
كانت الغارات على سوريا، في ليلة الأربعاء - الخميس الماضية، قد استهدفت مواقع في هضبة الجولان السورية ومطار دمشق الدولي وقاعدة عسكرية تضم الكتيبة 165 التابعة للجيش السوري، التي يُزعم أن إيران تستخدمها لتخزين الأسلحة، وكذلك ضد قواعد الصواريخ التابعة للمضادات الجوية. وقد رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الضربات الليلية، تماشياً مع سياسته بعدم تأكيد أو نفي عملياته في سوريا. ولكن مصادر أمنية في تل أبيب وصفت بدقة هذه الغارات وكيفية تنفيذها. فقالت إنه «كان هجوماً مركزاً وناجحاً». وإن «عشرات الطائرات الإسرائيلية المقاتلة حلقت في الأجواء السورية. وقد حاولت الدفاعات الجوية السورية صد الهجوم، وأطلقت أكثر من 30 صاروخ أرض – جو من أنواع مختلفة باتجاه الطائرات الإسرائيلية لكنها لم تصب أياً منها». وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، إلى أن «هذا الهجوم هو السادس ضد أهداف في سوريا خلال الشهر الأخير، والغرض منها مواصلة تصفية التموضع الإيراني في الدولة، وإفشال مخطط إيران لتعزيز قوة الميليشيات». ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية في تل أبيب قولها إن «إيران عادت إلى نقل أسلحة إلى سوريا عن طريق الجو». وأضافت أنه «في إسرائيل لا يستطيعون تأكيد أو نفي الاعتقاد بأن هذه الأنشطة مرتبطة بوجود رئيس أميركي جديد، جو بايدن. لكننا سنواصل هذه الهجمات وسندمر أي شحنة أسلحة تصل إلى سوريا، وسنقوم بكل ما يلزم للحفاظ على أمننا ومصالحنا، بغض النظر عن هوية الإدارة في واشنطن».
يذكر أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، كان قد تحدث عن 500 غارة إسرائيلية في سنة 2020، فضلاً عن عمليات أخرى. وفي خطاب له أمام مؤتمر معهد أبحاث الأمن القومي، يوم الثلاثاء الماضي، اعتبر هذه الغارات ضمن «المعركة بين الحربين»، وهي حرب استباقية مصممة لإبعاد الحرب الكبيرة. وبدا أن إسرائيل و«حزب الله» يمتنعان عن استخدام الأراضي اللبنانية للتصعيد الحربي، ويمارسان سياسة لجم النفس، لكنهما لا يترددان في استخدام الأراضي السورية لذلك.



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.