طرد مجلس النواب الأميركي، أمس (الخميس)، نائبة جمهورية متشددة مؤيدة للرئيس السابق دونالد ترمب من لجنتين نيابيتين بسبب إدلائها بتصريحات مؤيدة لنظريات تآمرية، في خطوة تأديبية أتت في ختام جدل استمر أسابيع وأحدث شرخاً في صفوف الحزب الجمهوري، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وبأغلبية 230 صوتاً مقابل 199، وافق مجلس النواب على طرد مارجوري تايلور غرين النائبة عن ولاية جورجيا من لجنتي التربية والميزانية، في تصويت عكس إلى حد بعيد ميزان القوى الحزبية في المجلس.
وانضم 11 نائباً جمهورياً فقط إلى الأغلبية الديمقراطية في إدانة هذه النائبة التي أيدت نظريات تآمرية تروج لها حركة «كيو أنون» اليمينية المتطرفة، ورددت مزاعم ترمب أنه فاز بالانتخابات الرئاسية، وأن الديمقراطيين سرقوا الفوز منه، وأدلت بتصريحات بدت فيها كأنها تدعو إلى إعدام مسؤولين ديمقراطيين.
وصوت النواب على طرد غرين (46 عاماً) على الرغم من أنها ألقت على مسامعهم قبيل التصويت خطاباً كان أشبه بفعل ندامة؛ إذ أكدت فيه أنها لم تعد تؤمن بنظريات المؤامرة، وأعربت عن أسفها لما بدر منها قبل انتخابها.
وفي خطابها الذي ألقته وقد وضعت على وجهها كمامة كتب عليها «حرية التعبير»، قالت غرين «لقد آمنتُ بأشياء لم تكن صحيحة، وأنا آسفة على ذلك»، مؤكدة أنها «توقفت عن الإيمان» بنظريات المؤامرة قبل ترشحها إلى الانتخابات النيابية التي جرت في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) بالتوازي مع الانتخابات الرئاسية.
وأضافت «كانت تلك تصريحات من الماضي لا تمثل قيمي»، متهمة وسائل الإعلام بأن «ذنبها لا يقل عن ذنب (كيو أنون)؛ لأنها تقدم حقائق وأكاذيب تقسمنا».
لكن فعل الندامة هذا لم يقنع النواب الديمقراطيين.
وقال زعيم الأكثرية الديمقراطية في مجلس النواب ستيني هوير خلال النقاش الذي سبق التصويت، إنه «لا يمكن السماح لأي نائب بأن يتصرف مثل غرين من دون أن يحاسب».
بدوره، حذر النائب الديمقراطي توم مالينوفسكي زملاءه الجمهوريين من أنه إذا حصلت غرين على دعم واسع من معسكرها، فإن «المتطرفين العنيفين سيرون في هذا الأمر علامة أخرى على أن لهم مكاناً شرعياً في النقاش الوطني».
لكن الجمهوريين رفضوا هذا المنطق، معتبرين أنه لا ينبغي معاقبة زميلتهم على تصريحات أدلت بها قبل دخولها الكونغرس في يناير (كانون الثاني).
وقال زعيم الأقلية الجمهورية في المجلس كيفن مكارثي، إن «لا أحد يؤيد ما قيل قبل أن تصبح غرين عضواً» في مجلس النواب.
وذهب النائب الجمهوري جيم جوردان أبعد من ذلك، وسأل «من التالي؟»، مندداً بـ«ثقافة نفي» يطبقها زملاؤه الديمقراطيون.
بدورها، قالت ليز تشيني، الثالثة في ترتيب قيادة النواب الجمهوريين في المجلس، إن ما حصل بحق زميلتها غرين هو «سابقة خطيرة في هذه المؤسسة يمكن أن يندم عليها الديمقراطيون عندما يستعيد الجمهوريون الأغلبية».
وفي الفترة الأخيرة، ارتفعت أصوات تنتقد هذه النائبة وتطالبها بالاستقالة بسبب تصريحات أدلت بها في الماضي وهاجمت فيها أحد ضحايا المجزرة التي شهدتها ثانوية باركلاند، وكذلك بسبب تصريحات بدت فيها كأنها تدعو إلى إعدام ديمقراطيين.
وقبل انتخابها، أبدت غرين إعجابها بتعليق على «فيسبوك» قال، إن أسرع طريقة لكي تتوقف رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي عن ممارسة صلاحياتها هي «رصاصة في الرأس»، وفقاً لشبكة «سي إن إن». كما قالت، إن بيلوسي مذنبة بـ«الخيانة العظمى»، وإن هذه الجريمة «يعاقب عليها بالإعدام».
وقالت أيضاً قبل انتخابها، إن حوادث إطلاق النار التي تحصل تكراراً في المدارس الأميركية هي عمليات مدبرة هدفها تشديد القوانين التي ترعى حيازة الأسلحة النارية وحملها.
وكانت غرين أعلنت، قبل أن تصبح نائبة، انتماءها لـ«كيو أنون»، الحركة اليمينية المتطرفة التي تروج لنظريات المؤامرة، وتقول إن ترمب يشن حرباً سرية ضد طائفة عالمية من عبدة الشيطان والمعتدين جنسياً على الأطفال.
وفي خطابها أمس، قالت غرين إن «حوادث إطلاق النار في المدارس حقيقية قطعاً»، وهجمات «11 سبتمبر (أيلول) حصلت حتماً»، لكن من دون أن تقدم أي اعتذار حقيقي.
وكانت غرين محط هجوم نادر شنه عليها زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور ميتش ماكونيل الذي وصفها الاثنين بأنها «سرطان للحزب الجمهوري».
وقال ماكونيل، إن «من يعتقد أنه ربما لم تتحطم طائرة فوق البنتاغون في 11 سبتمبر، وأن عمليات إطلاق النار المروعة في المدارس مدبرة مسبقا هو شخص لا يعيش في العالم الحقيقي».
وأضاف أن غرين، بترويجها «أكاذيب سخيفة»، وتمسكها بـ«نظريات المؤامرة» هي «سرطان للحزب الجمهوري».
وسارعت النائبة يومها إلى الرد على ماكونيل. وقالت في تغريدة على «تويتر»، إن «السرطان الحقيقي للحزب» هم البرلمانيون الجمهوريون الضعفاء الذين لا يسعهم سوى فعل شيء واحد، «أن يخسروا بأناقة». وأضافت «لهذا السبب نحن نخسر بلدنا».
وكشفت هذه القضية عن الشرخ الحاصل في الحزب الجمهوري بين أتباع الملياردير الجمهوري الذي ما زال يحتفظ بنفوذ قوي بعدما حصد 74 مليون صوت في الانتخابات الرئاسية، وأنصار الخط التقليدي.
ويضع كل من هذين الطرفين في ميزان حساباته انتخابات منتصف الولاية في 2022 والانتخابات الرئاسية في 2024.
وكان النائب عن فلوريدا مات غايتس، الناطق بلسان الطرف الموالي لترمب، حذر عبر شبكة «فوكس نيوز» الأربعاء من «سابقة خطيرة» إذا عاقب مجلس النواب زميلته غرين التي حققت فوزاً كبيراً في دائرتها الانتخابية.
وقال «هذا ما يحاول اليسار فعله، يقول إن الشعب الأميركي ليس مهماً».
ومنذ أيام، يشن غايتس هجوماً شرساً على زميلته عن ولاية وايومينغ النائبة ليز تشيني التي كانت واحدة من عشرة نواب جمهوريين صوتوا لصالح محاكمة ترمب أمام مجلس الشيوخ بتهمة تحريضه أنصاره على اقتحام الكونغرس في 6 يناير.
وقال غايتس الأسبوع الماضي خلال زيارة إلى شايان، عاصمة ولاية وايومينغ التي حقق فيها ترمب فوزاً كبيراً في الانتخابات الرئاسية «نحن منخرطون في معركة من أجل روح الحزب الجمهوري، وأنا أعتزم الفوز فيها».
لدعمها نظريات تآمرية... طرد نائبة أميركية جمهورية من لجنتين برلمانيتين
لدعمها نظريات تآمرية... طرد نائبة أميركية جمهورية من لجنتين برلمانيتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة