الرئاسات العراقية الثلاث تكرّم رفاة إيزيديين قتلهم «داعش»

صالح والكاظمي والكعبي خلال المراسم في نصب الشهيد ببغداد أمس (الرئاسة العراقية)
صالح والكاظمي والكعبي خلال المراسم في نصب الشهيد ببغداد أمس (الرئاسة العراقية)
TT

الرئاسات العراقية الثلاث تكرّم رفاة إيزيديين قتلهم «داعش»

صالح والكاظمي والكعبي خلال المراسم في نصب الشهيد ببغداد أمس (الرئاسة العراقية)
صالح والكاظمي والكعبي خلال المراسم في نصب الشهيد ببغداد أمس (الرئاسة العراقية)

أقامت رئاسات الجمهورية والوزراء والبرلمان في العراق، أمس، تشييعاً لرفاة مواطنين إيزيديين قتلهم «تنظيم داعش» بعد احتلاله قضاء سجنار الذي توجد فيه أغلبية سكانية إيزيدية في أغسطس (آب) 2014. حين ارتكب انتهاكات فادحة ضد السكان، وقتل مئات من رجالهم وسبى نساءهم.
وشارك في حفل التشييع الذي أقيم في نصب الشهيد ببغداد، رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والنائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي وعدد من الشخصيات الإيزيدية وكبار المسؤولين والوزراء وممثلون عن البعثة الأممية في بغداد.
وقال بيان لرئاسة الوزراء إن «ما حصل لأبنائنا وبناتنا من مختلف الأديان والطوائف هو جرح لكل الوطن، الانتصار للضحايا واجب الدولة في إنصافهم». وأضاف أن «جثامين الضحايا ستوارى الثرى في قرية كوجك التي كانت مسرحاً لجريمة إرهابية تجسد دموية (داعش)».
واعتبر الباحث الإيزيدي خلدون إلياس أن «مراسم التشييع مهمة لجهة لفت الانتباه إلى المأساة الإيزيدية التي حدثت على يد (داعش) الإرهابي، خاصة مع مشاركة كبار المسؤولين في الدولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «رفاة الضحايا الذين شيعوا ويبلغ عدد 104، تعود إلى مواطنين إيزيديين قتلهم (داعش) وتم الكشف عنها قبل أكثر من عام في مقابر جماعية بقرية كوجو، لكن الظروف التي ارتبطت بمخاطر فيروس كورونا حالت دون نقلهم من دائرة الطب العدلي في بغداد إلى سنجار، واليوم تم ذلك». وأكد أن «مراسم تشييع أخرى للجثامين ستجرى في قضاء سنجار السبت».
ورغم إشادته بمراسيم التشييع، فإن إلياس ينتقد بطء الإجراءات التي تقوم بها السلطات، لجهة إقرار قانون الناجيات أو تعويض الضحايا أو استكمال عمليات البحث عن المقابر الجماعية التي دفن فيها مئات الإيزيديين.
وأكد «وجود 83 مقبرة جماعية، افتتح منها حتى الآن 23 مقبرة فقط في غضون 7 سنوات، ولنا أن نتخيل كم سيتنظر الإيزيديون ليعرفوا مصير أبنائهم في بقية المقابر. ما جرى شيء رهيب، وأتخيل ألا تخلو بقعة من سنجار من رفاة إيزيديين».
وعن أوضاع سنجار والعائدين إليها من مخيمات النزوح، قال إلياس إن «نحو 200 ألف مواطن من مجموع 360 ألفاً عادوا إلى سنجار. الأوضاع أفضل من السابق، والأسواق تعمل والحركة تعم المدينة بعد أن كانت خاوية تماماً لسنوات. ومع ذلك لم تبذل الجهات الحكومية ما يكفي لتعويض السكان الذين هدمت منازلهم. بعض الجهات الدولية والإنسانية ساهمت في ذلك».
كان الكاظمي استقبل، الاثنين الماضي، الناشطة العراقية الإيزيدية نادية مراد الناجية من براثن «داعش» والفائزة بجائزة نوبل للسلام. وأشاد بـ«أهمية الدور الذي تلعبه الناشطات من الناجيات الإيزيديات في تعريف العالم بما تعرّضن له على يد عصابات (داعش) الإجرامية، فضلاً عن حشد الرأي العام العالمي لصالح قضايا التعايش السلمي ووحدة المجتمع التي هددها التنظيم المجرم».
وقال إن «الحكومة لا تدخر جهداً في سبيل تسهيل هذه العودة، وتوفير أسباب الاستقرار لها، والجهود تنصب حالياً على دعم إعادة الإعمار وتشغيل مشروعات المياه وإعمار المدارس والخدمات الطبية بصورة أساسية لجميع المناطق التي دمّرها الإرهاب».
وعانى قضاء سنجار خلال السنوات الأخيرة، حتى بعد طرد عناصر «داعش» منه، نتيجة الوجود الكثيف لمختلف الفصائل والقوى العسكرية، وجماعات مرتبطة بحزب «العمال الكردستاني» التركي والحزب «الديمقراطي الكردستاني» و«الحشد الشعبي».
لكن اتفاقاً أمنياً عقدته الحكومة الاتحادية مع حكومة أربيل العام الماضي نص على وجود قوات اتحادية فقط داخل القضاء، ولم يسمح بوجود أي قوات أخرى من «البيشمركة» الكردية، ولا غيرها، واشترط أن يُرفع العلم العراقي في القضاء فقط. كما أقرّ أن تتولى الفرقة السادسة من قوات الشرطة الاتحادية مسؤولية إدارة الملف الأمني داخل القضاء.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.