سلطات طرابلس تتسلم من إيطاليا مشروع «ترسيم الحدود البحرية»

من عملية إعادة 140 مهاجراً إلى الساحل الليبي بعد إنقاذهم من الغرق في «المتوسط» (المفوضية السامية للاجئين)
من عملية إعادة 140 مهاجراً إلى الساحل الليبي بعد إنقاذهم من الغرق في «المتوسط» (المفوضية السامية للاجئين)
TT

سلطات طرابلس تتسلم من إيطاليا مشروع «ترسيم الحدود البحرية»

من عملية إعادة 140 مهاجراً إلى الساحل الليبي بعد إنقاذهم من الغرق في «المتوسط» (المفوضية السامية للاجئين)
من عملية إعادة 140 مهاجراً إلى الساحل الليبي بعد إنقاذهم من الغرق في «المتوسط» (المفوضية السامية للاجئين)

أعلنت وزارة الخارجية بحكومة «الوفاق» الليبية، أمس، تسلمها مشروع مذكرة من السلطات الإيطالية بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في وقت أعلنت فيه المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا إنقاذ قرابة 140 مهاجراً غير نظامي من الغرق أمام الساحل الليبي.
وقالت وزارة الخارجية الليبية بطرابلس في بيان أمس إن سفير إيطاليا لدى ليبيا، جوزيبي بوتشينو غريمالدي، تقدم إليها بمشروع مذكرة لترسيم الحدود البحرية، وذلك لدراستها وإبداء الرأي حولها، تمهيداً لتوقيعها من قبل الطرفين، مشيرة إلى أن وكيل وزارة الخارجية للشؤون الفنية، محمود التليسي، استقبل في مقر الوزارة بالعاصمة السفير الإيطالي، ومستشار الشؤون الاقتصادية بالسفارة لمناقشة الإجراءات التنفيذية، التي تطرق إليها الاجتماع الأخير للجنة الفنية الاقتصادية المشتركة الليبية– الإيطالية، التي عقدت اجتماعها الافتراضي في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ولفتت الوزارة إلى أنه تم خلال الاجتماع تسليم مشروع مذكرة تعاون في مجال التقنية الرقمية، المستخدمة في الخدمات العامة لتحسين وتبسيط التواصل بين المواطنين والإدارات العامة، إلى جانب مذكرة ترسيم الحدود البحرية.
وسبق أن وقعت تركيا مذكرتي تفاهم حول الحدود البحرية والتعاون الأمني مع حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأعلنت وزارة الدفاع التركية أن الأمم المتحدة سجلت الاتفاقية، وقالت إن «علاقاتنا متعددة الجوانب تستند إلى 500 عام من التاريخ المشترك مع ليبيا».
وعقدت اللجنة الإيطالية - الليبية المشتركة، في الرابع والعشرين من يونيو (حزيران) الماضي اجتماعها الأول في وزارة الداخلية بالعاصمة روما، بهدف تعديل المذكرة الثنائية، الموقعة عام 2017 بين روما وطرابلس في مجال الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وتهريب الوقود وأمن الحدود. وكانت منظمات إنسانية إيطالية ودولية وصفت الاتفاقية في بيان مشترك أول من أمس بأنها «أربع سنوات من الفشل وسوء المعاملة»، وطالبت بإلغائها.
في السياق ذاته، قال عضو مجلس النواب الإيطالي من تيار «أحرار ومتساوون»، إيرازمو بالاتسوتو، بشأن اتفاقية الهجرة المبرمة مع ليبيا: «كفانا اتفاقات تنتهك حقوق الإنسان».
وأضاف بالاتسوتو، وفقاً لوكالة «أكي» الإيطالية مساء أول من أمس: «في هذه الساعات نتحدث عن طاولة مفاوضات حول برنامج لولادة حكومة جديدة. لنطرح هذا الأمر على الطاولة أيضًا، كفانا اتفاقات مع ليبيا تنتهك حقوق الإنسان. فلتتوقف هذه المجازر»، متابعاً: «قبل أربع سنوات، وقعت بلادنا مذكرة التفاهم مع ليبيا. ومنذ عام 2017 إلى اليوم وصل من ملايين دافعي الضرائب الإيطاليين حوالي 800 مليون يورو إلى هذه الدولة الشمال أفريقية، وتم إنفاق 22 مليوناً لتسليح وتدريب ما يسمى خفر السواحل الليبي، الذي تألف في كثير من الحالات من مجرمين، يعترضون المهاجرين في عرض البحر لإعادتهم إلى العنف، وسوء المعاملة في معسكرات الاعتقال الليبية، وتم ذلك غالباً بالتحالف مع متاجرين بالبشر».
في سياق قريب، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أمس، أن خفر السواحل الليبي أنقذ ما يقرب من 140 شخصاً على متن زورقين، وتمت إعادتهم إلى طرابلس، وقالت إنها قدمت هي وشريكها (IRC) المساعدة والرعاية الطبية لجميع الناجين، مشيرة إلى أن ليبيا «ليست ميناء آمناً لإنزال اللاجئين إليه».
في المقابل، رد مسؤول أمني بغرب ليبيا على ما سماها «أكاذيب دولية»، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «ليبيا تتعرض لظلم واضح من بعض المنظمات، التي تعلم أن بلادنا ضحية لهذه الهجرة غير المشروعة، والأجهزة الأمنية الرسمية لم يثبت تورطها في أي تجاوز ضد المهاجرين، وإذا وقع أي تجاوز يتم التحقيق فيه فوراً».
بدورها، قالت منظمة (إس. أو. إس. ميديتيراني) إن سفينة «أوشن فايكينج» التي تديرها أنقذت نحو 130 مهاجرا من المياه الدولية قبالة ليبيا أمس، موضحة أن طاقم السفينة رصد قاربا مطاطيا مكتظا بالركاب من خلال المناظير، فقام بإنقاذ 121 مهاجراً، موضحا أنه من بين المهاجرين 19 سيدة وطفلان.
وأضافت المنظمة في بيان نشرته الوكالة الألمانية، أمس، أنه تم إنقاذ عدد من الأشخاص الذين سقطوا من على متن القارب.
وغادرت سفينة الإنقاذ ميناء مارسيليا الفرنسية في طريقها لوسط البحر المتوسط في 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد توقف دام شهراً. وبحلول نهاية يناير الماضي، كان طاقم السفينة قد أنقذ أكثر من370 مهاجراً من البحر إلى ميناء أوجوستا الإيطالي في صقلية.
وتحدثت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين لدى ليبيا عن وجود مقترح، من عدة منظمات إغاثية للقيام بعمليات إجلاء إنسانية لمهاجرين غير نظاميين، من ليبيا إلى إيطاليا.
وأوضحت المفوضية في بيانها أنها ستتصل فور توفر ممر إنساني إلى إيطاليا بالمؤهلين الأكثر ضعفاً لترحيلهم.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.