إيران تتراجع عن شرط «الخطوة الأميركية أولاً» وتطلب وساطة أوروبية

طهران أبلغت «الطاقة الذرية» بتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة في نطنز

إيران تعرض أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
إيران تعرض أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
TT

إيران تتراجع عن شرط «الخطوة الأميركية أولاً» وتطلب وساطة أوروبية

إيران تعرض أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)
إيران تعرض أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم نوفمبر 2019 (أ.ف.ب)

غداة تحذير أميركي من قدرة إيران على إنتاج المواد الانشطارية اللازمة لصنع سلاح نووي، في أسابيع، توقع وزير الطاقة الإسرائيلي أن أمام إيران نحو ستة أشهر لإنتاج ما يكفي لصنع قنبلة نووية واحدة، وذلك غداة تنازل وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف عن شرط «الخطوة الأميركية أولاً» للعودة إلى الاتفاق النووي، مطالباً بوساطة الاتحاد الأوروبي لتنسيق خطوات متزامنة بين طهران وواشنطن في مسار العودة.
وقال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز في مقابلة إذاعية، إن إدارة ترمب «أضرت بشدة بمشروع إيران النووي». وصرح لإذاعة هيئة البث الإسرائيلي (مكان) «فيما يتعلق بالتخصيب، يمكنهم الوصول للكمية الكافية في غضون نصف عام إذا فعلوا كل ما يلزم... وفيما يتعلق بالسلاح النووي تبلغ المدة نحو عام أو عامين».
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد توقع نصف التقدير الإسرائيلي، وقال لتلفزيون «إن بي سي» أول من أمس، إن إنتاج إيران للمواد الانشطارية اللازمة لصنع سلاح نووي قد يستغرق «أسابيع» فقط إذا استمر عدم التزامها بقيود الاتفاق النووي.
وفي وقت لاحق، أبدى ظريف تراجعاً من مطالبة الإدارة الأميركية باتخاذ الخطوة الأولى للعودة إلى الاتفاق ورفع العقوبات أولا وقال في تصريحات لشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية، أنه «يمكن أن تكون هناك آلية»، إما لعودة «متزامنة» للبلدين إلى الاتفاق النووي، وإما «تنسيق ما يمكن القيام به». واقترح أن يحدّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل «التدابير التي يجب أن تتخذها الولايات المتحدة وتلك التي يجب أن تتخذها إيران».
ويفتح اقتراح ظريف للمرة الأولى المجال أمام آلية «متزامنة»، على الرّغم من تشديده على أنّ الأميركيين، الذين خرجوا من الاتفاق، يتعيّن عليهم أولاً «أن يبدوا حسن نيتهم».
وصرح بلينكن لـ«إن بي سي»، بأن عودة إيران إلى الالتزام بمندرجات الاتفاق النووي تتطلّب «بعض الوقت»، ومن ثم «بعض الوقت» لكي تجري الولايات المتحدة «تقييماً لمدى وفاء الإيرانيين بتعهداتهم».
وردّ نظيره الإيراني بالقول «ليست المشكلة بالتوقيت». وهو اعتبر أنّه يمكن إعادة الالتزام بقيود معيّنة «في أقلّ من يوم»، وأنّ الالتزام «بقيود أخرى قد يتطلّب أياماً أو أسابيع، لكنّ هذا الأمر لن يتطلّب وقتاً أطول مما يتطلّب الولايات المتحدة لتنفيذ المراسيم الرئاسية اللازمة» لرفع العقوبات.
وأعلن المتحدث باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي الثلاثاء أن الاتحاد الأوروبي يبذل «جهداً كبيراً» مع الإدارة الأميركية الجديدة لرفع العقوبات الأحادية التي فرضتها واشنطن على إيران وحثّ طهران على احترام تعهداتها في الاتفاق النووي.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بيتر ستانو: «يلعب الممثل الأعلى جوزيب بوريل دور المنسق ويبذل جهداً كبيراً لإعادة خطة العمل الشاملة المشتركة إلى السكة»، رداً على تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وأضاف ستانو: «من أهداف اتصالاتنا مع الإدارة الأميركية التحقق ما إذا كان من الممكن رفع العقوبات الأحادية المفروضة من الإدارة السابقة». وتابع: «إحدى المشكلات المعروفة هي أن إيران لا تستفيد حالياً من أي من المنافع الواردة في الاتفاق، ويمكن إيجاد حل مع عودة الأميركيين إلى الاتفاق».
وإسرائيل قلقة من نية إدارة بايدن العودة للاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015، وهي تعارض الاتفاق منذ فترة طويلة. وتقول واشنطن، إن انسحاب الإدارة الأميركية السابقة من الاتفاق كانت له نتائج سلبية؛ إذ دفع إيران للتخلي عن التزاماتها بتقييد أنشطتها النووية.
في الأثناء، أفادت «رويترز» عن تقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى الدول الأعضاء، بأن إيران بدأت تخصيب اليورانيوم في مجموعة ثانية من أجهزة الطرد المركزي المتطورة «آي آر - 2إم» في منشأة تحت الأرض في نطنز، في انتهاك لاتفاقها مع قوى عالمية.
وقال التقرير السري الذي يحمل تاريخ أمس، إن إيران تخصب اليورانيوم بالفعل في مجموعة تضم 174 من أجهزة الطرد المركزي «آي آر - 2إم» في المنشأة، لافتاً إلى أن «الوكالة تحققت أيضاً من أن تركيب المجموعة الثانية المذكورة سلفاً من أجهزة الطرد المتطورة الثلاثة (آي آر - 2إم) يقترب من الاكتمال، في حين بدأ تركيب المجموعة الثالثة من هذه الأجهزة».
وسبق تغريدة من مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية كاظم غريب آبادي على «تويتر» تسريب التقرير السري إلى وكالة «رويترز»، وقال، إن بلاده لديها الآن مجموعتان من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة بطاقة تخصيب تبلغ أربعة أمثال قدرة الأجهزة السابقة التي كانت تعمل في الموقع النووي في نطنز.
وقال غريب آبادي «بفضل دأب علمائنا النوويين، تعمل الآن بنجاح في نطنز مجموعتان من 348 جهاز طرد مركزي من طراز (آي آر - 2إم) تبلغ قدرتهما نحو أربعة أمثال (أجهزة) (آي آر – 1)». وأضاف «كما بدأ تركيب مجموعتين من أجهزة الطرد المركزي (آي آر – 6) في فردو. وهناك المزيد قريباً».
وتعهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن العودة مجدّداً إلى الاتفاق، شرط أن تعود طهران للتقيّد التام بالقيود المفروضة على برنامجها النووي، والتي بدأت تتحرّر منها شيئاً فشيئاً ردّاً على الموقف الأميركي.



إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

TT

إيران والعراق يشتركان في «هاجس» سوريا

صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان
صورة نشرها موقع إيراني لعلي خامنئي لدى استقباله السوداني ويرافقه الرئيس مسعود بزشكيان

اتفقت إيران والعراق على أن سوريا هاجس مشترك بينهما، ودعا البلدان إلى حفظ سلامة الأراضي السورية، وضرورة العمل المشترك لإرساء الأمن والاستقرار فيها.

وحضَّ المرشد الإيراني علي خامنئي، رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على «حفظ (الحشد الشعبي) وتعزيزه»، واصفاً وجود القوات الأميركية في العراق بأنه «غير قانوني ومخالف لمصالح الشعب والحكومة العراقية».

وقال خامنئي لدى استقباله السوداني إن «المؤشرات تدل على سعي الأميركيين لتثبيت وجودهم وتوسيعه في العراق، ويجب الوقوف بجدية ضد هذا الاحتلال».

ونقل موقع خامنئي قوله للسوداني: «كما ذكرتم، (الحشد الشعبي) يُعدّ من أهم عناصر القوة في العراق، ويجب العمل على حفظه وتعزيزه بشكل أكبر»، وأشار إلى أهمية «الوحدة والانسجام بين المذاهب والقوميات المختلفة في العراق».

جاء كلام خامنئي في سياق مباحثات أجراها السوداني حول التطورات الإقليمية، بما في ذلك إطاحة نظام بشار الأسد.

وقال خامنئي: «دور الحكومات الأجنبية في هذه القضايا واضح تماماً».

وصرح خامنئي: «كلما كان العراق أكثر ازدهاراً وأمناً، كان ذلك في مصلحة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً».

وأشار بيان موقع خامنئي إلى أن السوداني أعرب عن ارتياحه من المحادثات التي أجراها في طهران، معرباً عن أمله بأن تساهم «المحادثات والاتفاقيات الموقَّعة في تعزيز العلاقات بين البلدين وتعميقها».

وأشاد السوداني بعناصر القوة في العراق، التي تشمل «الشعب»، و«الحشد الشعبي»، و«الوحدة والانسجام الوطني» و«المرجعية»، مشيراً إلى أن «الموقف المبدئي للعراق هو دعم شعب غزة ولبنان ضد عدوان الكيان الصهيوني، والمقاومة في المنطقة».

كما أشار السوداني إلى «التطورات في سوريا ودور القوى الأجنبية فيها»، موضحاً أن موقف العراق دائماً يتمثل في «دعم إرادة الشعب السوري، والحفاظ على استقلال ووحدة أراضيه، والسعي لتشكيل حكومة شاملة».

قبل ذلك بساعات، كانت التحولات الإقليمية محور مباحثات السوداني والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، التي شملت أيضاً، توسيع العلاقات والتعاون الثنائي في جميع المجالات.

السوداني وبزشكيان خلال مؤتمر صحافي مشترك في طهران (الرئاسة الإيرانية)

وأكد بزشكيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع السوداني، أن «العراق بلد مهم وشريك استراتيجي لإيران. نحن سعداء بأن العلاقات بين البلدين في أعلى مستوياتها، وأن نطاق هذا التعاون يتسع يوماً بعد يوم».

وصرح بزشكيان قائلاً: «إيران تسعى دائماً إلى السلام والاستقرار والتنمية لمحيطها الإقليمي. إن أمن ونمو ورفاه الشعب العراقي ذو أهمية كبيرة بالنسبة لإيران»، منبهاً إلى أن «العراق، بعد تجاوزه فترة الإرهاب، يشهد فترة جيدة من الاستقرار».

وأضاف: «تأتي هذه الزيارة استكمالاً لزيارتي الناجحة إلى العراق في شهر سبتمبر (أيلول)، والتي كانت من المحطات المهمة في العلاقات بين البلدين، وستظهر نتائجها في تعزيز العلاقات الثنائية في المستقبل».

سوريا نقطة تلاقٍ

وأفاد الرئيس الإيراني بأن البلدين «يشتركان في مخاوف بشأن سوريا، من بينها استقرار سوريا وهدوؤها، والحفاظ على وحدة أراضيها، ومواجهة الجماعات الإرهابية، وضرورة خروج الكيان الصهيوني من المناطق المحتلة، والاهتمام بالمشاعر الدينية خصوصاً فيما يتعلق بالمزارات المقدسة للشيعة».

وأضاف: «يشكل خطر الإرهاب واحتمال إعادة تفعيل الخلايا الإرهابية أحد الهواجس المشتركة التي نوقشت الأربعاء؛ مما يجعل اليقظة والتعاون بين البلدين أكثر أهمية من أي وقت مضى».

من جانبه، أكد السوداني نجاح حكومته في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق بالصراعات الإقليمية، داعياً إلى حوار إقليمي شامل يعزز الثقة بين دول المنطقة.

بزشكيان يستقبل السوداني خلال مراسم رسمية في قصر سعد آباد شمال طهران (الرئاسة الإيرانية)

وأكد السوداني خلال الزيارة احترام العراق «إرادة الشعب السوري، ودعمه أي نظام سياسي أو دستوري يختاره بنفسه دون تدخلات خارجية»، كما أشار إلى «استعداد العراق للتعاون مع الأطراف كافة... لتحقيق انتقال سلمي سلس إلى نظام يعكس إرادة الشعب السوري»، معبراً عن رفضه «لغة التهديد واستخدامها ضد الدول».

وأضاف السوداني: «استقرار سوريا مفتاح لاستقرار المنطقة»، داعياً إلى «حل سياسي شامل في سوريا». ودعا إلى «احترام القانون الدولي، وحوار إقليمي شامل يضمن الأمن والسلام»، مبيناً أن «الحكومة نجحت في حفظ سلامة العراق وعدم الانزلاق في الصراعات الإقليمية»، مؤكداً أن «العراق حريص على نشر التهدئة وعدم توسيع الحرب في المنطقة، كما يسعى إلى إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية العراقية (واع).

وأفاد بيان لرئاسة الوزراء العراقية بأن السوداني أكد «استمرار جهود العراق، استناداً إلى علاقات التعاون البناء مع الجمهورية الإسلامية ومحيطيه العربي والإقليمي، من أجل فرض التهدئة والاستقرار في عموم المنطقة».

السوداني ووزراء في حكومته خلال مباحثات مع بزشكيان وفريقه الحكومي في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

التعاون الثنائي

ووصل السوداني، الأربعاء، إلى طهران في مستهل زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، واستقبله لدى وصوله إلى مطار مهر آباد في غرب طهران، وزير الاقتصاد عبد الناصر هتمي.

وبحسب بيان الحكومة العراقية، ترأس السوداني وفد بلاده في المباحثات الثنائية الموسعة مع الوفد الإيراني برئاسة بزشكيان، مشيراً إلى أنها «تناولت مجالات التعاون والشراكة بين البلدين على مختلف الصعد والمجالات».

وقال السوداني في المؤتمر الصحافي: «زيارته إلى طهران تأتي لتعزيز العلاقات الثنائية، حيث عقدنا اجتماعاً موسعاً مع الرئيس الإيراني، وناقشنا العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وملف تجهيز العراق بالغاز والطاقة، كما ستكون هناك اجتماعات على مستوى الوزراء بين البلدين». وأضاف: «نتابع المشاريع المشتركة مع إيران خصوصاً في قطاعي السكك والسكن»، مؤكداً أن «تعزيز علاقاتنا مع إيران ضروري لتحقيق المصالح المشتركة، في إطار الاتفاقات والتفاهمات الثنائية، وتطوير الشراكة البناءة، بما يعزز مصالح البلدين الجارين».

وأكد بزشكيان مناقشة تعزيز التعاون الجمركي، والاستثمارات المشتركة، وتسهيل النقل، وتقوية الأسواق الحدودية، معرباً عن أمله في تحقيق نتائج ملموسة.

السوداني ووزراء في حكومته خلال مباحثات مع بزشكيان وفريقه الحكومي في طهران الأربعاء (الرئاسة الإيرانية)

في سياق متصل، أكد فادي الشمري، المستشار السياسي للسوداني، أن العراق يعتمد في علاقاته الخارجية على الدبلوماسية المنتجة وسياسة التشبيك الاقتصادي؛ لتعزيز التعاون مع الجيران. وأضاف أن زيارة السوداني إلى إيران، في ظل توقيت حساس إقليمياً ودولياً، تهدف إلى توطيد التعاون في مختلف المجالات، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وأشار الشمري إلى أن الحكومة العراقية تسعى من خلال سياسة التشبيك الاقتصادي إلى فتح آفاق جديدة للشراكات المثمرة ودعم الاقتصادات الوطنية، انطلاقاً من مبدأ الشراكة المبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

وأوضح أن هذه الزيارة تعكس رؤية العراق جسراً للتواصل الإقليمي والدولي، وتعبر عن التزام الحكومة بالحوار البنّاء، وتعزيز الروابط الإقليمية لتحقيق الأمن والاستقرار، وبناء شراكات متوازنة تدعم التنمية الاقتصادية والسلام المستدام.