السجن أكثر من عامين للمعارض الروسي نافالني

محاكمته تحولت إلى سجال سياسي وقانوني... وحضور دبلوماسيين غربيين أزعج الكرملين

السجن أكثر من عامين للمعارض الروسي نافالني
TT

السجن أكثر من عامين للمعارض الروسي نافالني

السجن أكثر من عامين للمعارض الروسي نافالني

بعد جلسة محاكمة استمرت طوال نهار أمس، أصدرت محكمة في موسكو مساء الثلاثاء قراراً بسجن المعارض أليكسي نافالني، مستندة إلى حكم سابق بحقه مع وقف التنفيذ، الأمر الذي أدانته فوراً واشنطن ولندن، فيما صدرت دعوات من أنصار المعارض الروسي إلى تنظيم تظاهرات احتجاجية.
وقالت القاضية ناتاليا ريبنيكوفا إن على المعارض أن يمضي في السجن ثلاثة أعوام ونصف العام بموجب الحكم السابق الصادر عام 2014، تحذف منها الأشهر التي أمضاها في الإقامة الجبرية في ذلك العام.
وعلق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن على الحكم في بيان قائلاً: «في موازاة العمل مع روسيا للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة، سننسق في شكل وثيق مع حلفائنا وشركائنا بهدف محاسبة روسيا على عدم احترامها لحقوق مواطنيها»، فيما قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب في بيان مماثل إن «المملكة المتحدة تدعو إلى الإفراج فوراً ومن دون شروط عن أليكسي نافالني وجميع المتظاهرين السلميين والصحافيين الذين أوقفوا في الأسبوعين الأخيرين»، معتبراً أن القرار «المنحرف» للقضاء الروسي يظهر أن البلاد لا تفي «بالحد الأدنى من التزاماتها التي يتوقعها أي عضو مسؤول في المجتمع الدولي».
وكانت جلسة محاكمة نافالني، أمس، تحولت إلى ساحة سجال نادر، مع ممثلي النيابة، حول البعدين القانوني والسياسي للمحاكمة، خصوصاً مع قيام المعارضة ببث تفاصيلها أولاً بأول على وسائل التواصل الاجتماعي ما مكّن الملايين من متابعتها.
وفيما طالبت النيابة بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة ضد نافالني، حذّر فريق الدفاع من أن هذا الحكم يشكل نقطة انطلاق لتوجيه اتهامات جديدة بهدف إبقائه في السجن لـ«سنوات طويلة». وأثار حضور دبلوماسيين غربيين في قاعة المحكمة استياء الكرملين، وأعلنت موسكو رفضها «التدخل في شؤون روسيا وتجاوز التقاليد الدبلوماسية».
وانعقدت جلسة المحكمة وسط ترقب واسع على الصعيدين الداخلي والخارجي، وطالبت النيابة في مرافعتها بالسجن المشدد لنافالني. لكن تفاصيل القضية والسجالات التي وقعت خلال الجلسات الطويلة التي استغرقت نهار أمس كله، تحولت إلى حدث غير مسبوق في روسيا. إذ مع التشكيك بجدية الاتهامات الموجهة إليه، كون المحاكمة تنعقد في قضية سابقة كان نافالني أدين فيها، وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، رأت النيابة العامة ضرورة تحويل الحكم السابق إلى حكم فعلي بالسجن المشدد كونه «تهرّب من العدالة» و«لم يلتزم بتسجيل حضور دوري لدى قسم الشرطة المختص». ودافع نافالني عن نفسه بتذكير القضاة أنه كان خلال الشهور الماضية يخضع للعلاج في ألمانيا بعد محاولة تسميمه، وأنه أرسل عبر محاميه إلى إدارة التنفيذ القضائي الروسي وثائق تثبت وجوده في مستشفى ألماني.
ورغم أن هذا السجال بدا لافتاً على خلفية قضية التسميم المعروفة، ورأى نافالني أن الاتهام بتهربه عن الحضور إلى قسم الشرطة «مثير للسخرية»، لكن النقاشات حول الموضوع استمرت لساعات، وأصرّت جهة الادعاء على أن نافالني «لم يف بالتزاماته» وأنه «كان يتنزه في ألمانيا ويمارس الرياضة وأجرى عدة لقاءات تلفزيونية ما يعني أنه (كان) قادراً على العودة في وقت سابق والمثول أمام الجهات المختصة».
وقال ممثل الادعاء إن القرار باحتجاز المتهم وعرضه على المحاكمة مجدداً اتخذ بعد «مخالفة متعمدة». وزاد: «لم يسجل نافالني حضوره واختبأ من نظام العقوبات». وعندما سأله القاضي عن سبب البدء في ملاحقة نافالني، أجاب بأن «المتهم كان غائباً عن مكان إقامته، ولم تتوافر معلومات عن مكان وجوده».
لكن ممثل النيابة أقر لاحقاً بأن «الحراس الذين تمت مقابلتهم في المنزل الذي يعيش فيه نافالني قالوا إنه غادر لتلقي العلاج». وعندها خاطب المحامي جهة الادعاء، مشيراً إلى أن «حتى حراس المنزل كانوا يعلمون أن نافالني قد غادر للعلاج. البلد كله والعالم بأسره يعرف، أنت فقط لم تعرف».
ومع التفاصيل القانونية الكثيرة التي أوردها الطرفان خلال المناقشات، بدا أن المحاكمة لم تخل من سجالات سياسية أيضاً، إذ أعلن نافالني أن محاكمته بهذه الطريقة تهدف إلى «ترهيب أعداد كثيرة جداً من الروس»، في إشارة إلى المظاهرات الحاشدة في عشرات المدن الروسية لدعمه. واستغل المعارض وجود دبلوماسيين غربيين وبعض وسائل الإعلام في قاعة المحكمة ليوجه رسائل جديدة إلى معارضيه تضمنت إشارات إلى أنه «لا يخشى المحاكمة» التي قال إنه يعتبرها «باطلة».
في غضون ذلك، انتقد الكرملين بقوة حضور دبلوماسيين أوروبيين وأميركيين جلسة المحاكمة، وأعرب الناطق الرئاسي ديميتري بيسكوف عن استياء موسكو بسبب «تجاوز إطار اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وبالطبع لا يجوز للدبلوماسيين بأي حال من الأحوال التدخل في الشؤون الداخلية لروسيا، وحتما لا يجوز لهم القيام بأي تصرف يمكن تفسيره كمحاولة للضغط على القضاء المستقل». وأضاف بيسكوف أن «موسكو ليست مستعدة للاستماع، أو أن تأخذ بالحسبان التصريحات التوجيهية من الخارج، بشأن الوضع مع نافالني». أما المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا فقالت إن قدوم دبلوماسيين أجانب إلى جلسة محاكة نافالني ليس من «العادات الدبلوماسية» بل هو «تحرك ذو طابع سياسي» و«تدخل في شؤون روسيا الداخلية». ورأت أن الخطوة تدل على «فضح الغرب لنفسه في مساعيه لردع روسيا».
ورصدت الكاميرات قرب مبنى المحكمة سيارات تابعة لسفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا والدنمارك ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا وألمانيا والنمسا والتشيك واليابان وفنلندا والنرويج وبلغاريا.
وردت السفارة الأميركية في روسيا بتأكيد أن «حضور دبلوماسيين جلسات محاكمة لشخصيات سياسية ممارسة دبلوماسية عادية في البلد المضيف». وحملت ردود السفارة البريطانية وعدد من السفارات الأوروبية معنى مماثلاً، لكن موسكو رفضت هذا التفسير.
ورأت زاخاروفا أن ذلك الحضور ربما «شكل محاولة للضغط النفسي على القاضي»، مضيفة أنها لا تستبعد «أن يكون الغربيون تعتريهم مخاوف قوية من الكشف عن مصير ملايين الدولارات التي ضخوها لتغذية النشاطات المخالفة للقانون في روسيا».
على صعيد مواز، أعلن الكرملين أن «صندوق مكافحة الفساد» التابع للمعارض أليكسي نافالني، «أثبت حقيقة كونه عميلاً أجنبياً، عندما ناشد البيت الأبيض فرض عقوبات على عشرات من رجال الأعمال والمسؤولين الروس». وقال بيسكوف الناطق باسم الكرملين: «فيما يتعلق بهذا الصندوق وكل هذه الخطابات والنداءات... لقد أثبت الصندوق أنه عميل أجنبي فعلياً وقانونياً على السواء». وأضاف أن الدعوات للولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة ضد روسيا أمر غير مقبول على الإطلاق، وأن هذا الأسلوب ليس له أدنى فرصة للنجاح.
وكان صندوق نافالني وجه رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن تحثه على فرض عقوبات على 35 شخصاً وصفوا بأنهم «مقربون من الرئيس فلاديمير بوتين».
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن لدى موسكو أسباباً جدية لـ«اعتبار قضية الناشط المعارض أليكسي نافالني مسرحية، ما دامت ألمانيا ترفض تقديم أدلة لروسيا تثبت فرضية تسميمه».
وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرته السويدية، آن لينديه، التي وصلت إلى موسكو بصفتها رئيسة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا: «عندما يوجه أحدهم اتهاماً ضدك فعليه إثبات ذنبك. أما إذا قال: لن أفصح لكم عن أي شيء لأنه سر، أو لأن المريض ذاته لم يسمح لنا بفعل ذلك، فلدينا ما يكفي من الأسباب لاعتبار ذلك مسرحية». وأضاف أن موسكو تنتظر من السلطات السويدية أيضا «شفافية ونزاهة» في تقديم معلومات حول نافالني لروسيا.



تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».