إسرائيل ترفض طلباً أميركياً بمراقبة مينائها من النفوذ الصيني

رافعات في ميناء حيفا نوفمبر الماضي (غيتي)
رافعات في ميناء حيفا نوفمبر الماضي (غيتي)
TT

إسرائيل ترفض طلباً أميركياً بمراقبة مينائها من النفوذ الصيني

رافعات في ميناء حيفا نوفمبر الماضي (غيتي)
رافعات في ميناء حيفا نوفمبر الماضي (غيتي)

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الحكومة الإسرائيلية رفضت طلباً أميركياً بإرسال مراقبين من الولايات المتحدة، لإجراء فحص أمني شامل في ميناء حيفا، بغرض معرفة مدى ضلوع شركات صينية في أعمال توسيع الميناء، خوفاً من التجسس الصيني العسكري والاقتصادي والإلكتروني.
وقالت صحيفة «هآرتس»، في تقرير نشرته بهذا الخصوص، أمس (الاثنين)، إن الاقتراح الأميركي قُدم في عهد الرئيس السابق، دونالد ترمب، العام الماضي، بسبب مخاوف واشنطن من النشاط الصيني وتأثيره على الصراع القائم بين البلدين، وأكدت أن الإدارة الأميركية كانت تريد من إسرائيل أن توقف أي نشاط صيني في الميناء، باعتبار أنه مجاور للميناء العسكري، وسيستغله الصينيون بالتأكيد لأغراض التجسس. وطلب الأميركيون أن يصل إلى الميناء فريق من حرس السواحل في قواتهم البحرية بشكل دائم لإجراء الفحص. وأكدت أن إدارة الرئيس الجديد، جو بايدن، توافق على هذا الطلب.
وجاء في التقرير أن «الصين تستثمر في شركات إسرائيلية وتبتاع تكنولوجيا إسرائيلية لغرض رفع مكانتها العسكرية والصناعية وزيادة نفوذها وهيمنتها في المنطقة والعالم. وقد كان استثمار الصين في بناء ميناء جديد في حيفا، ذروة هذا النشاط وأخطر ما فيه». وهددت بأن توقف سفن الأسطول الأميركي الحربية من دخول الميناء، إذا لم تقبل إسرائيل طلب المراقبة.
ومع أن ترمب لم يسمح بأن يتحول الموضوع إلى أزمة في العلاقات، فإنه أبدى إصراراً واضحاً عليه، وأرسل كثيراً من مسؤولي البنتاغون إلى إسرائيل لإقناعها بالتجاوب معه. وجنباً إلى جنب، تعالت في الإدارة الأميركية، وبشكل خاص في وزارة الدفاع (البنتاغون)، انتقادات شديدة ضد إسرائيل بسبب سماحها بضلوع الصين في مشروع توسيع ميناء حيفا، وغيره من المشاريع، وأن «اتساع التأثير الصيني في إسرائيل، يشكل خطراً على مصالح استراتيجية أميركية في الشرق الأوسط». وفي مرحلة معينة، جند البيت الأبيض يهوداً أميركيين إلى جانبه. ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس «المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي» (JINSA)، بليز مشتال، قوله إن «الولايات المتحدة تحتاج إلى مساعدة حليفاتها، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تقليص وجودها في الشرق الأوسط وخفض تعلقها الاقتصادي بالصين».
وتقوم إسرائيل بدور مركزي في حماية المصالح الأميركية في المنطقة، وبإمكانها المساعدة في الحفاظ على الموقع القيادي العالمي للولايات المتحدة بواسطة علاقة وثيقة مع اقتصادها الذي يستند إلى التجديد. ورغم ذلك، إذا بقيت الاستثمارات الصينية في إسرائيل دون معالجة، فإن هذا الأمر يمكن أن يعيق الشراكة الاستراتيجية ويشكل خطراً على أمن إسرائيل الاقتصادي».
وحذر مشتال من أنه «إذا لم تعمل إسرائيل على تقييد توغل واستغلال الصين لاقتصادها، فإنها قد تجد نفسها معزولة عن شركائها الغربيين». وأوصى التقرير بأن تتبنى إسرائيل استراتيجية تتابع فيها المخاطر الصينية، وتدقق في الاستخدام الصيني للتكنولوجيا الإسرائيلية، وتحذر النشاط الاستخباراتي الصيني، وتوافق على زيادة المراقبة بمساعدة أميركية، من أجل الحماية من التوغل الصيني من خلال رفع مستوى التعاون الاستخباراتي.
يذكر أن الحكومة الإسرائيلية ردت على التوجه الأميركي بهذا الخصوص، بأن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، أسس هيئة للتدقيق في الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل، غايتها إجراء مراقبة واسعة على الاستثمارات الصينية في شركات إسرائيلية، خصوصاً في مجالات قد تكون لها تبعات أمنية أو تصطدم بمصالح أميركية. لكن هذا الرد لم يكفِ الأميركيين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.