100 مليون جنيه إسترليني مبيعات «جيغسو» في بريطانيا

تساعد في الهروب من الواقع وترفّه عن النفس

100 مليون جنيه إسترليني مبيعات «جيغسو» في بريطانيا
TT

100 مليون جنيه إسترليني مبيعات «جيغسو» في بريطانيا

100 مليون جنيه إسترليني مبيعات «جيغسو» في بريطانيا

وصلت مبيعات أحجيات الصور المقطوعة في المملكة المتحدة إلى 100 مليون جنيه إسترليني، إذ إنّها تساعد الناس على إيجاد قدر من التوازن في حياتهم. حسبما جاء في «الغارديان» البريطانية.
ودفعت جائحة «كورونا» المستهلكين في بريطانيا إلى مشاهد الحنين إلى الماضي، وإلى الأكواخ الدافئة المريحة، والحيوانات الأليفة.
ومن واقع التصاوير المستوحاة من البهجة والمرح للأكواخ المريحة إلى الحانات الريفية المحظورة على العامة حاليا، مع فرض الضرائب على الصور ذات اللون الواحد، خيم على بريطانيا في الفترة الأخيرة هوس الاهتمام بألعاب أحجيات الصور المقطوعة.
تعكس الأرقام الحديثة أنّ مبيعات أحجيات الصور المقطوعة قد وصلت إلى 100 مليون جنيه إسترليني في عام 2020، بزيادة قدرها 38 في المائة عن العام السابق. ولقد أدت القيود المجتمعية المفروضة بسبب الوباء إلى فورة في شرائها لدى البالغين بأكثر من الأطفال، ولا يمكن اعتبار الأمر قاعدة عامة سيما مع العلم أنّ المبيعات تجاوزت 15 مليون قطعة.
يقول فريدريك توت، محلل الصناعة العالمية لدى شركة «إن بي دي» لأبحاث السوق، إنّ الطفرة الحالية في المبيعات لم يُسمع بها من قبل. وتعتبر أحجيات الصور المقطوعة من الألعاب الحاضرة باستمرار في سوق الألعاب المتقلبة، غير أنّ الشركات المصنعة «مغمورة» تماما بارتفاع مستويات الطلب عليها في الفترة السابقة.
وأضاف توت: «قالت لنا الشركات المصنعة إنّه يمكنهم بيع أي شيء من أحجيات الصور المقطوعة حتى الصور التي لا تحمل أشكالا على الإطلاق. ولقد أعلنت عن نفاد مخزونها مرة في الربيع ومرة أخرى قبل أعياد الميلاد ورأس السنة الأخيرة». كما أوضح، أنّ أفضل أحجيات الصور المقطوعة من حيث المبيعات كانت تلك التي تتألف من 1000 قطعة، والتي تكلف حوالي 12 جنيها إسترلينيا، مما يعني حصول المستهلكين على ساعات وساعات من الترفيه في مقابل قدر بسيط من الجنيهات في وقت يتسم بالقيود الكبيرة على النفقات.
من جانبها، قالت شركة «رافينسبرغر» الألمانية لصناعة الألعاب إنّ مبيعاتها الإجمالية قد ارتفعت بأكثر من الخُمس وصولا إلى 632 مليون يورو (حوالي 546 مليون جنيه إسترليني) في عام 2020، وذلك مع إشارة الشركة إلى نمو خاص في المبيعات في أسواق بريطانيا. وصنعت الشركة المذكورة 28 مليون قطعة من أحجيات الصور المقطوعة، مما يزيد بنحو الثُلث عن إجمالي إنتاج نفس الخط في عام 2019.
وكان كليمنس ماير، رئيس شركة «رافينسبرغر»، قد أشار إلى أنّ أحجيات الصور المقطوعة قد ساعدت الكثير من الناس على بلوغ التوازن المفقود في حياتهم، لا سيما في أوقات الأزمات الراهنة. وفي وقت مبكر من العام أقدمت الشركة على رفع خطوط الإنتاج في مصانعها بألمانيا وجمهورية التشيك بهدف تغطية مستويات الطلب المرتفعة كمثل الذي كانت تعاني منه في المعتاد قبل أعياد الميلاد من كل عام. وأضاف ماير، أنّه رغم ذلك فإنّ مستويات الطلب على أحجيات الصور المقطوعة قد فاقت المخزون المعروض لبعض المنتجات.
وأظهرت بيانات مبيعات شركة «رافينسبرغر» في بريطانيا أنّ عشاق أحجيات الصور المقطوعة يسعون في الأساس إلى الفرار من الواقع الراهن عبر تجميع أحجيات المشاهد الخيالية المتصورة مثل «الأكواخ الدافئة»، والتي تضم الأريكة المريحة وموقد حرق الأخشاب، فضلا عن الأحجيات الصعبة الأخرى التي يتعين على اللاعب فيها فك الشفرات المخفية في القطع الصغيرة، أو العمل على تكوين الشكل النهائي بمفرده عندما تكون الصورة ذات لون عادي غير معقد.
تقول جولي ويلكنز من شركة «جيه إتش جي بازلز» لصناعة الألعاب في دورست إنّ مبيعات الشركة قد تضاعفت 4 مرات في عام 2020، مما يمثل أكبر منحنى لمبيعات الشركة منذ تأسيسها في عام 1997.
وكان التحدي الأكثر رواجا هو الأحجيات من 1000 قطعة، وقالت شركة «رافينسبرغر» إنّ الطلب يتزايد عليها لأنّها أكثر صعوبة. وكانت الشركة قد أطلقت في العام الماضي مجموعة أحجيات ديزني من 40 ألف قطعة، تلك التي تبلغ الصورة النهائية لها مقاس (6.8 م × 1.9 م)، وتحتاج إلى مساحة كبيرة لتجميعها.
وقال بيتر داي، المدير المساعد في الأخوية الخيرية لعشاق الأحجيات، إنّ أعضاء النادي كانوا يخشون من تلاشي الاهتمام العام بتلك الهواية، وقال إنّه يبلغ الستين من عمره وإنّ النادي يعاني من شيخوخة الأعضاء. وأضاف أنّ تلك الهواية تساعده على الهروب من الواقع، وتقدّم له قدرا كبيرا من الترفيه.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».