الأمن التونسي يقود احتجاجات لـ«استرداد الكرامة»

قوات الأمن التونسي تؤمن التظاهرات وسط العاصمة (إ.ب.أ)
قوات الأمن التونسي تؤمن التظاهرات وسط العاصمة (إ.ب.أ)
TT

الأمن التونسي يقود احتجاجات لـ«استرداد الكرامة»

قوات الأمن التونسي تؤمن التظاهرات وسط العاصمة (إ.ب.أ)
قوات الأمن التونسي تؤمن التظاهرات وسط العاصمة (إ.ب.أ)

أسفر الاجتماع الذي عقدته فروع النقابة الوطنية لقوات الأمن التونسي الداخلي بكل من المنستير وسوسة وصفاقس، أول من أمس، عن الإعلان عن مجموعة من التحركات الاحتجاجية، التي بدأت منذ أمس، والتي ستتواصل على مدى 3 أيام، تحت شعار «الكرامة قبل الخبز».
وتتمثل التحركات في ولاية المنستير في وقفات احتجاجية أمام المقرات بالأقاليم والمناطق والوحدات الأمنية والسجنية من 9 إلى 10 صباحاً، وتعليق الخدمات الإدارية، كما تقرر عدم تحرير المخالفات المرورية والمحاضر والرادارات لمدة 3 أيام متتالية، وتعليق تأمين جميع الأنشطة الثقافية والرياضية.
وتأتي هذه التحركات على خلفية ما وصفه بيان النقابة بـ«إهانة الأمنيين وتواصل الاعتداءات الممنهجة عليهم، في ظل الصمت المريب لسلطة الإشراف والطبقة السياسية برمتها».
وفيما ندد المكتب التنفيذي لحركة النهضة «بالاعتداءات المجانية» ضد أعوان الأمن، التي تخللت مسيرة السبت الماضي بالعاصمة، أكد رئيس الحكومة هشام المشيشي، أمس، في تصريح لقناة «موزاييك» أن «التعبيرات» الاحتجاجية السلمية «مشروعة لكن من غير المقبول خروج هذه التعبيرات عن الأطر السلمية لتصبح تعبيرات مهينة للأمنيين».
واعتبر أن رجال الأمن يستحقون التشجيع على تعاملهم بمهنية مع هذه الاحتجاجات، وعبّر عن أسفه لإيقاف شباب وقصر «تحمسوا ربما في التعبير»، ما أدى بهم لارتكاب مخالفات.
وبخصوص الأزمة الدستورية التي تمر بها البلاد، قال المشيشي على هامش زيارته إلى المقر الرسمي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أمس، إن هناك «صلاحيات دستورية واضحة، ومساراً دستورياً واضحاً، وأداء الوزراء الحاصلين على ثقة البرلمان لليمين الدستورية هي مسألة وقت»، مؤكداً أنه «سيتم إجراء اللازم لممارسة الوزراء الجدد مهامهم»، معتبراً أن وضع تونس «لا يحتمل التأخير». وبخصوص تاريخ مباشرة الوزراء الجدد لمهامهم، أكد المشيشي أنه «يجب أن يكون في أقرب وقت نظراً لأن وضعية البلاد صعبة على جميع الأصعدة، ولا يمكنها أن تبقى على هذه الحال»، معبراً عن أمله في أن يتم حل هذه المسألة الدستورية في أقرب الآجال.
وأضاف المشيشي: «تنظيم يوم وتاريخ أداء 11 وزيراً اليمين الدستورية مسألة وقت، ولكن يجب الانكباب على ما يهم التونسيين، لأن الوضع الاقتصادي والصحي صعب، وتونس لن تبقى بوزارات وزراؤها لم يباشروا مهامهم»، وهو ما فسره بعض المتتبعين بأنه تصعيد وتحدٍ لرئيس الجمهورية قيس سعيد، الذي لا يزال يرفض أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمامه.
أما فيما يتعلق بالاحتجاجات الأخيرة، فأفاد رئيس الحكومة بأن «حق الشباب مضمون في الاحتجاجات السلمية، والتعبير عن غضبه بكل حرية، لكن في كنف احترام كرامة الأمنيين، وعدم التهجم عليهم».
في غضون ذلك هدد عدد من المعطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا، ممن تتجاوز أعمارهم 45 سنة، بتنفيذ عملية انتحار جماعي، إذا ما صحت تسريبات بخصوص إقصائهم من الانتداب، وفق القانون عدد 38 لسنة 2020 المتعلق بأحكام استثنائية للانتداب في القطاع العمومي للعاطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا، الذين قضوا فترة بطالة لمدة عشر سنوات أو أكثر.
وطالب المحتجون، خلال وقفة احتجاجية صباح أمس، بساحة القصبة وسط العاصمة، بالتعجيل في إصدار الأوامر الترتيبية المرتبطة بالقانون المذكور. وفي قفصة، دخل، أمس، عدد من المعطلين عن العمل في إضراب جوع أمام مقر الولاية؛ احتجاجاً منهم على تأخر نشر نتائج مناظرة انتداب 500 عون من العائلات محدودة الدخل في شركة البيئة والغراسات.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.