بين مشاكل الصحة العقلية والعنف...آثار «مدمرة» لـلوباء على الأطفال

طفلة ترتدي القناع الواقي للحماية من «كورونا» في مدرسة بكولومبيا (أ.ف.ب)
طفلة ترتدي القناع الواقي للحماية من «كورونا» في مدرسة بكولومبيا (أ.ف.ب)
TT

بين مشاكل الصحة العقلية والعنف...آثار «مدمرة» لـلوباء على الأطفال

طفلة ترتدي القناع الواقي للحماية من «كورونا» في مدرسة بكولومبيا (أ.ف.ب)
طفلة ترتدي القناع الواقي للحماية من «كورونا» في مدرسة بكولومبيا (أ.ف.ب)

يُعرف عن الأطفال أنهم غير معرضين بشكل كبير للإصابة بفيروس «كورونا»، وكانت الوفيات بينهم بسبب المرض قليلة نسبياً حول العالم. ومع ذلك، لا يزال الأطفال ضحايا للفيروس من نواحٍ عديدة أخرى.
من زيادة معدلات مشاكل الصحة العقلية إلى المخاوف بشأن ارتفاع مستويات سوء المعاملة والإهمال والأضرار المحتملة التي تلحق بنموهم، يهدد الوباء بأن يكون له «إرث مدمر» على الأطفال، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

«إغلاق المدارس يغلق الحياة»

يضر إغلاق المدارس بالطبع بتعليم الأطفال. لكن المدارس ليست مجرد مؤسسات للتعلم، بل هي أماكن يتواصل فيها الأطفال ويتطورون عاطفياً، وبالنسبة للبعض، تعتبر ملجأ من الحياة الأسرية المضطربة.
وأوضح البروفسور راسل فينر، رئيس الكلية الملكية لطب وصحة الأطفال، قائلاً: «عندما نغلق المدارس فإننا نغلق حياتهم».
ويقول إن الوباء تسبب في مجموعة من الأضرار للأطفال في جميع المجالات من العزلة والوحدة إلى المعاناة من مشاكل النوم وانخفاض النشاط البدني.
ويبدو أن الأمر لا يتعلق فقط بإغلاق المدارس، حيث إن الضغط الذي فرضه الوباء على الأسر، مع ارتفاع مستويات البطالة وانعدام الأمن المالي جنباً إلى جنب مع أوامر البقاء في المنازل، أدى إلى زيادة الضغوطات على العائلات في جميع أنحاء الأرض.
مشاكل الصحة العقلية في ارتفاع
مما لا يثير الدهشة، أن هناك علامات واضحة على أن الاضطرابات في حياة الأطفال تؤثر على الصحة العقلية لديهم.
ويعد تقرير الصحة العقلية للأطفال والشباب في إنجلترا لعام 2020. الذي أصدرته هيئة الخدمات الصحية الوطنية والمكتب الوطني للإحصاء، هو التقييم الرسمي لحالة رفاهية الأطفال. وتتبع التقرير أكثر من 3 آلاف طفل على مدى السنوات الأربع الماضية. ووجدت نتائج الدراسة الأخيرة، التي نُشرت في الخريف، أن طفلاً من بين كل ستة أطفال تتراوح أعمارهم بين 5 و16 عاماً يعاني من اضطراب محتمل في الصحة العقلية، مقارنة بواحد من كل تسعة قبل ثلاث سنوات. وسجلت الفتيات الأكبر سناً أعلى المعدلات.
وأشار الأطفال المشاركون في البحث إلى التوترات العائلية والمخاوف المالية وكذلك الشعور بالعزلة عن الأصدقاء والخوف من الفيروس كأسباب لمشاكلهم.
تأخر في نمو الأطفال
يشعر بعض الأطباء والممرضين بالقلق من تأثير الجائحة على الأطفال حديثي الولادة.
وتظهر الأبحاث أن أول سنتين إلى ثلاث سنوات من حياة الطفل هي الفترة الأكثر أهمية في نموهم وتطورهم. وأصبح هذا معروفاً باسم جدول الـ1001 يوماً. إذا واجه الأطفال مشاكل في هذه الفترة، فقد يجدون أنفسهم في وضع غير مستقر مدى الحياة.
ويقول معهد الزيارات الصحية إن الخدمات تضررت بشدة خلال الوباء مع انسحاب الممرضين المتخصصين من واجباتهم للمساعدة في خط المواجهة ضد «كورونا». في بعض المناطق، انخفض عدد الزوار الصحيين بمقدار النصف.
ويأتي ذلك بالإضافة إلى قواعد التباعد الاجتماعي التي تعني لكثير من الآباء أن الدعم الوحيد الذي تلقوه كان عبر الإنترنت. وفي الوقت نفسه، فإن غياب مجموعات الأطفال والصداقات التي تتطور بشكل طبيعي يعني أن الأطفال في زمن الوباء لم يستفيدوا من حافز الاتصال الاجتماعي الضروري لنموهم.
الأطفال المعوقون «مسجونون»
يشير التقرير إلى وجود نحو مليون طفل من ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة والإعاقات - يعاني نحو واحد من كل 10 منهم من حالات معقدة وتحد من الحياة الطبيعية، مثل الشلل الدماغي الشديد أو التليف الكيسي.
وخلقت طبيعة الوباء والاستجابة له تحديات أكبر للعديد من هؤلاء الأطفال وأسرهم.
ويمكن لأولئك الذين يعانون من أكثر الحالات تعقيداً أن يحتاجوا إلى رعاية في المنزل من ممرضات ومقدمي رعاية متخصصين. أصبح الحصول على هذه الخدمات أكثر صعوبة حيث تم إعادة توزيع الموظفين أو اضطرت الجمعيات الخيرية إلى تقليص شبكات الدعم الخاصة بها.
وقالت كريستين لينهان، مديرة مجلس الأطفال المعوقين، إنه في بعض الحالات ينتهي الأمر بالأطفال وكأنهم «مسجونون في منازلهم... لم يحصل الكثيرون على تعليم رسمي منذ بدء الإغلاق».
جائحة جعلت العنف «غير مرئي»
بالنسبة لبعض الأطفال، كان للوباء عواقب وخيمة مع تزايد حالات الأذى وسوء المعاملة.
وبين أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول) ، كان هناك 285 بلاغاً عن وفيات أطفال وتعرضهم لحوادث ضرر جسيمة، بما في ذلك الاستغلال الجنسي للأطفال. ويرتفع هذا الرقم بأكثر من الربع عن نفس الفترة من العام السابق.
وتقلق مفوضة الأطفال في إنجلترا، آن لونجفيلد، من أن هذه الأرقام ليست إلا عينة صغيرة لما يحصل في الحقيقة، مجادلة بأن عمليات إغلاق المدارس وأوامر البقاء في المنزل أدت إلى جعل جيل من الأطفال الضعفاء «غير مرئيين» للاختصاصيين الاجتماعيين.
وتشير الأرقام إلى أنه قبل الوباء كان هناك بالفعل أكثر من مليوني طفل في إنجلترا وويلز يعيشون في أسر متأثرة بواحد من «الثلاثي السام» - إساءة المعاملة المنزلية، وإدمان الوالدين على المخدرات والكحول، أو مشاكل الصحة العقلية الشديدة. ويكمن الخوف اليوم من أن هذه الأرقام سوف ترتفع بشكل كبير.


مقالات ذات صلة

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
TT

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)
المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية وتاريخها الممتد في عمق الحضارة المصرية.

واستهدفت الفعالية التي نُظمت، الأحد، بالتعاون بين مؤسسة «دروسوس» وجمعية «نهضة المحروسة» تسليط الضوء على الدور الذي يلعبه الإبداع في مجالات التراث والفنون والحِرف اليدوية، في الاحتفاظ بسمات حضارية قديمة، كما تستهدف تعزيز دور الصناعات الإبداعية باعتبارها رافداً أساسياً للتنمية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك إبراز أهمية الابتكار والإبداع في مختلف المجالات.

وأكد الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف المصري الكبير، أن «هذه الفعالية تعزز روح التعاون والرؤية المشتركة وتشجيع التبادل الثقافي»، لافتاً في كلمة خلال الاحتفالية إلى أن «المتحف المصري الكبير ليس متحفاً تقليدياً، وإنما هو مُجمع ثقافي يحتفي بالتاريخ والثقافة المصرية ويشجِّع على الإبداع والابتكار الذي يرتكز على الماضي لينطلق نحو مستقبل أكثر إشراقاً وتطوراً».

الحِرف اليدوية تحمل طابعاً تراثياً (وزارة السياحة والآثار)

وأوضح غنيم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المتحف عبارة عن منارة ثقافية هدفها ليس فقط عرض الآثار، لكن أيضاً عرض التراث المصري سواء المادي أو غير المادي، وربطها بالحضارة المصرية القديمة وعبر عصور مختلفة وصولاً إلى العصر الحديث».

وتضمنت الفعالية جولة بالمتحف تمت خلالها زيارة البهو، حيث تمثال الملك رمسيس، والدَّرَج العظيم، وقاعات العرض الرئيسة، وكذلك المعرض الخاص بالفعالية، كما اختتمت فرقة «فابريكا» الفعالية، حيث قدَّمَت أوبريت «الليلة الكبيرة»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

ويضيف الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف أن «الجمعيات الأهلية أو الجهات المتخصصة والمعنية بالتراث نحاول أن نعرضها في المتحف بشكل لائق ومشجع لمن يقومون على هذه الحِرف والفنون».

جانب من فعالية «تأثير الإبداع» للفنون التراثية والحِرف اليدوية (وزارة السياحة والآثار)

وأشار إلى أن الفعالية تضمنت عرض مجموعات من الخزف وكذلك فنون على الأقمشة والأعمال الخاصة بالخشب وأعمال متنوعة في المجالات كافة.

ويعدّ المتحف المصري الكبير من أهم المتاحف المصرية المنتظر افتتاحها، ووصفه رئيس الوزراء المصري في تصريحات سابقة بأنه سيكون «هدية مصر للعالم»، ويقع المتحف على مساحة 117 فداناً، ضمن مشهد مفتوح على منطقة الأهرامات الثلاثة، وتُعوّل مصر عليه كثيراً في تنشيط الحركة السياحية، ومن المنتظر أن يشهد عرض المجموعة الكاملة لآثار الفرعون الذهبي توت عنخ آمون التي يتجاوز عددها 5 آلاف قطعة لدى افتتاحه الرسمي بشكل كامل.

وتضمنت الفعالية التي شهدها المتحف رحلة عبر الزمن اصطحبتهم من الماضي حيث الحضارة الخالدة، مروراً بالحاضر ورموزه الفنية، نحو صورة لمستقبل أكثر ابتكاراً وإبداعاً.

وتعدّ فعالية «تأثير الإبداع» إحدى الفعاليات المتنوعة التي يستضيفها المتحف المصري الكبير في إطار التشغيل التجريبي الذي يشهده ويتيح لزائريه زيارة منطقة المسلة المعلقة، والبهو العظيم والبهو الزجاجي، والمنطقة التجارية، بالإضافة إلى قاعات العرض الرئيسة التي تم افتتاحها جزئياً.