قدم عبد الحميد الجلاصي نائب رئيس حركة النهضة المكلف بالهياكل، استقالته من خطته الوظيفية الحساسة داخل المكتب التنفيذي، احتجاجا على طريقة إدارة الحركة.
وقال في رسالة وجهها إلى راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة أن اختلالات كثيرة شابت مواقف الحركة مما بث الوهن في المؤسسات وأثر على أدائها ومس المناخات والعلاقات داخلها.
وقدمت أطراف سياسية طامحة للمشاركة في الحكومة التي لم تتشكل بعد، تفسيرات مختلفة أساسها التباين الحاد في الآراء بين تيار يسعى إلى المشاركة في الحكومة جنبا إلى جنب مع حركة نداء تونس، وتيار ثان يقف ضد هذه المشاركة ولا يرغب في الحديث عنها. وأضافت المصادر ذاتها أن إطالة المشاورات حول الحكومة الجديدة قد يكون لها ثمن باهظ على الحزبين الكبيرين في تونس، إذ إن التصدع لا يشمل حركة النهضة فحسب بل ظهر قبل الانتخابات البرلمانية بين قيادات حركة نداء تونس بسبب زحمة الترشح لرئاسة اللوائح الانتخابية.
ويعد عبد الحميد الجلاصي واحدا من أبرز قيادات حركة النهضة والماسك الرئيسي لملف الهياكل وهو صاحب تأثير مهم على أنصار حركة النهضة ويدرك الكثير من أبناء النهضة أن ما أقدم عليه سيحدث حرجا كبيرا لمختلف مكونات الحركة. وشغل الجلاصي خطة منسق عام لحركة النهضة ثم نائبا لرئيسها بعد مؤتمر 2012 ووجه اهتماماته إلى عدة ملفات كبرى من بينها الانتخابات والحوار الوطني.
ولوح الجلاصي الذي قاد الحملة الانتخابية في حركة النهضة خلال سنتي 2011 و2014 بالاستقالة منذ الصائفة الماضية وعبر في مناسبات متعددة عن عدم رضاه عن الهيكلة الحالية لحركة النهضة وقال إنها تحتاج إلى إعادة ترتيب كبرى وفقا لاستراتيجية واضحة.
ودعا إلى تطوير المؤسسات وفقا للحاجة الماسة التي دعت لها مواقع وقطاعات وكوادر الحركة. وانتقد طريقة العمل الحالية وقال إنها «تعطل اتخاذ القرار وتقلص من دور المؤسسات بعد انحصار القرار في دوائر ضيقة».
وذكرت مصادر مقربة من حركة النهضة تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن الجلاصي قدم طلب استقالته من الحزب منذ الثالث من شهر يوليو (تموز) الماضي، وقال إنه عبر قرار بالانسحاب من أي مسؤولية قيادية وأعلم قيادات الحركة كتابة، وأجل مسألة الانسحاب غير أن الأوضاع تفاقمت على حد تعبيره بما يدعو للتساؤل عن وجود إرادة حقيقية للتجاوز.
بشأن هذه الاستقالة، قال زبير الشهودي مدير مكتب رئيس حركة النهضة إن أسباب الاستقالة لا علاقة لها بوجود خلافات بين الجلاصي ورئيس الحركة حول طريقة التسيير والسياسات المتبعة داخل الحزب. ورد الاستقالة إلى أسباب شخصية على حد قوله.
وعبرت حركة النهضة في بلاغ أصدرته عقب إعلان طلب الاستقالة عن دخولها في حوار مع الجلاصي وقالت في بلاغها إنه «قيمة ثابتة في الحركة ومقامه فيها محمود ومحفوظ».
ونفى محمد بن سالم القيادي في حركة النهضة ووزير الفلاحة السابق لـ«الشرق الأوسط» أن تكون لقرار الاستقالة علاقة بمشاورات تشكيل الحكومة التي تدور حاليا أو الحصول على منصب وزاري. وأشار في المقابل إلى وجود اختلافات في المواقف والآراء داخل الحركة وهذا أمر طبيعي بل ومطلوب على حد قوله.
وينضم الجلاصي إلى حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة ورئيس حكومتها السابق الذي استقال من الأمانة العامة وكذلك من حركة النهضة احتجاجا على مواقفها السياسية وعدم إدارة ملفاتها بشكل يرضي أنصارها.
عن هذه الخطوة يقول جمال العرفاوي المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط» إن التنافس الانتخابي قد خلف شرخا مهما في صفوف الحركة، واعتبر أن خلافا هاما يحصل بين قيادات حركة النهضة بشأن طريقة خروجها من السلطة نهاية 2013 وكذلك حول الدعم الصريح لترشح المنصف المرزوقي في الانتخابات الرئاسية إلى جانب المشاركة في حكومة تقودها حركة نداء تونس من عدمه.
وتوجه عدة أطراف في حركة النهضة انتقادات إلى زعيمها راشد الغنوشي وتتهمه بالاستفراد بالرأي داخل الحركة وبقية مؤسساتها، وهي تهم تنفيها تصريحات قيادات حركة النهضة. وتشير في هذا الصدد إلى قرارات مجلس الشورى التي غالبا ما يجري «الانقلاب عليها» وذكرت بعملية الاختيار لرئيس الحكومة إبان استقالة حمادي الجبالي إذ إن الرئاسة آلت إلى علي العريض بقرار فوقي من راشد الغنوشي في حين أن مجلس الشورى قدم أسماء أخرى من بينها عبد اللطيف المكي وزير الصحة السابق.
بعد الجبالي.. الجلاصي نائب الغنوشي يطلب إعفاءه من مهامه
قيادي من «النهضة»: الاستقالة لا علاقة لها بمشاورات تشكيل الحكومة التي تجري حاليًا
بعد الجبالي.. الجلاصي نائب الغنوشي يطلب إعفاءه من مهامه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة