ماكرون: يجب ضم السعودية إلى أي مفاوضات حول «النووي» الإيراني

أكد أن عاطفته تذهب نحو شعب لبنان لكن قادته لا يستحقون بلدهم

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)
TT
20

ماكرون: يجب ضم السعودية إلى أي مفاوضات حول «النووي» الإيراني

الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون (رويترز)

شدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني ستكون صارمة للغاية، وينبغي أن تنضم السعودية إلى أي اتفاق، محذراً من ارتكاب خطأ عام 2015 عندما استبعد الاتفاق النووي القوى الإقليمية.
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أن الاتفاق النووي سيتطلب منهم ضم شركائهم في المنطقة، مؤكداً في حديث لقناة «العربية» أمس، أن «التفاوض مع إيران سيكون متشدداً جداً، وسيُطلب منها ضمّ شركائنا في المنطقة إلى الاتفاق النووي، ومن ضمنهم السعودية»، مشيراً إلى ضرورة التوصل إقليمياً إلى عقد من الثقة مع السعودية ويجب ضمّها إلى أي اتفاق مع إيران.
وأضاف الرئيس الفرنسي، في تصريحات جاءت في إطار جلسة مع مجموعة ضيقة من الصحافيين، ونقلتها قناة العربية: «يجب عدم ارتكاب خطأ عام 2015 عندما استبعد الاتفاق النووي القوى الإقليمية»، محذراً من أن «الوقت المتبقي لمنع إيران من حيازة سلاح نووي قصير جداً».
وأشار الرئيس ماكرون إلى عزمه زيارة لبنان للمرة الثالثة بعد التحقق من أمور أساسية، على حد قوله، متابعاً: «سنفعل كل شيء لتشكيل حكومة في لبنان حتى لو كانت غير مكتملة المواصفات».
وأوضح أن «النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب»، مشدداً على أن «المبادرة الفرنسية هي الوحيدة التي تسمح بالتقدم نحو حل في لبنان».
وأكد ماكرون أن خريطة الطريق الفرنسية ما زالت على الطاولة ولا حلول غيرها. وأضاف: «عاطفتي تذهب نحو شعب لبنان، أما قادته فلا يستحقون بلدهم... لبنان نموذج تعددي في منطقة عصف بها الجنون... شعب لبنان رائع وقدم في الخارج نجاحات فكرية وثقافية غير مسبوقة».
ورغم الانتكاسة التي منيت بها مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في لبنان رغم زيارتين قام بهما شخصياً إلى بيروت بداية شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول)، إضافة إلى إرسال مبعوثيه والتواصل الهاتفي المستمر وعبر القنوات الدبلوماسية العادية، فإن اليأس لم يحط به بعد، إذ إنه ما زال مصمماً على الاستمرار في مبادرته «الإنقاذية» والدفع باتجاه ملء الفراغ الحكومي المتأتي عن عجز الطبقة السياسية اللبنانية على التفاهم فيما بينها رغم مرور أشهر على تكليف رئيس الوزراء سعد الحريري مهمة تشكيل الحكومة العتيدة.
هذا ما يفهم من تصريحات ماكرون أمس، التي جاءت في إطار الجلسة التي كرسها بشكل واسع للحديث عن أزمة «كوفيد - 19» والجدل القائم حالياً بشأن الشركات المنتجة للتلاقيح، خصوصاً الشركة البريطانية - السويدية «أسترازنيكا» التي قررت خفض الجرعات المخصصة لبلدان الاتحاد الأوروبي إلى الربع في الفصل الأول من العام الجاري.
وفي هذه الجلسة، تناول ماكرون سريعاً ثلاثة ملفات إضافية؛ هي الحضور الفرنسي العسكري في منطقة الساحل ومستقبل عملية «برخان» ومستقبل المبادرة الفرنسية في لبنان وتطورات موضوع الاتفاق النووي الإيراني. وفي هذا الخصوص، نقلت قناة «العربية» أمس، قولاً للرئيس الفرنسي عن لبنان جاء فيه: «سأقوم بزيارتي الثالثة إلى لبنان بعد التحقق من أمور أساسية، وسنفعل كل شيء لتشكيل حكومة في لبنان حتى لو كانت غير مكتملة المواصفات». بيد أن ماكرون لم يفصح عما يعنيه بـ«التحقق من أمور أساسية» كذلك لم يكشف تاريخاً محدداً لتوجهه مجدداً إلى بيروت. وكما في مؤتمره الصحافي الشهير نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث هاجم بعنف الطبقة السياسية اللبنانية واتهمها بـ«خيانة التزاماتها» التي قطعتها له، فقد عاد إلى التنديد بها مجدداً، معتبراً أن «النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب». وسبق للرئيس الفرنسي أن نبه حزب الله الذي يبدو أنه المقصود بكلمة «ترهيب» من أن «يبالغ» في تقدير قوته العسكرية. وللإشارة، فإن ماكرون دعا رئيس مجموعة نواب الحزب في البرلمان اللبناني، النائب محمد رعد مرتين إلى مقر السفير الفرنسي في قصر الصنوبر في إطار لقائه بقادة الأحزاب اللبنانية الرئيسية التسعة مرتين. وفي المرة الثانية، حصل من الحاضرين على تعهد بالسير بـ«خريطة الطريق» الإنقاذية التي طرحها عليهم مفصلة. ومن بين بنودها، كما أصبح شائعاً، تشكيل «حكومة مهمة» تتولى معالجة الأوضاع الصحية والاجتماعية والمالية والاقتصادية، إضافة إلى محاربة الفساد وتشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء والتحقيق الجنائي في دفاتر مصرف لبنان... وأمس، أعلن ماكرون أن هذه الخريطة «ما زالت على الطاولة ولا حلول غيرها»؛ وهي «الوحيدة التي تسمح بالتقدم نحو حل في لبنان». وسبق للرئيس الفرنسي أن برر تشبثه بمساعدة لبنان، لأنه «لا يريد أن يترك اللبنانيين لوحدهم». وأمس، قال مجدداً إن عاطفته «تذهب نحو شعب لبنان، أما قادته فلا يستحقون بلدهم... لبنان نموذج تعددي في منطقة عصف بها الجنون... شعب لبنان رائع وقدم في الخارج نجاحات فكرية وثقافية غير مسبوقة».
وفي البيان الذي أصدره الإليزيه عن المحادثة الهاتفية بين الرئيس ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن، بداية الأسبوع المنتهي، تمت الإشارة إلى أن باريس وواشنطن «ستعملان معاً» بخصوص الملفين اللبناني والإيراني. وثمة قناعة راسخة في باريس قوامها أن مفاوضات ستنطلق بين طهران وواشنطن. وتريد باريس ومعها ألمانيا وبريطانيا أن يكون لها دور فيها، علماً بأن البلدان الأوروبية الثلاثة كانت من بين مجموعة «خمسة زائد واحد» التي فاوضت إيران ووقعت معها الاتفاق النووي. وقناعة الرئيس الفرنسي أنه بالنظر للمواقف المتضاربة بين العاصميتن المذكورتين، فإن المفاوضات سوف تكون متشددة جداً.
وفي هذا الإطار، قال ماكرون إنه «سيطلب من إيران ضم شركائنا في المنطقة إلى الاتفاق النووي ومن ضمنهم السعودية»، معتبراً أنه «يجب عدم ارتكاب خطأ عام 2015 (مجدداً) عندما استبعد الاتفاق النووي القوى الإقليمية، ولذا يجب التوصل إقليمياً إلى عقد من الثقة مع السعودية التي يتعين ضمّها إلى أي اتفاق مع إيران».
ويوماً بعد يوم، تتعاظم مخاوف باريس من تنامي القدرات النووي الإيرانية. وبعد تحذير وزير الخارجية جان إيف لو دريان من أن طهران «بصدد الحصول على قدرات نووية» عسكرية بعد انطلاقها إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 بالمائة وتخطيطها لإنتاج معدن اليورانيوم واستخدامها لطاردات مركزية متطورة، فقد ذهب ماكرون في الاتجاه عينه، إذ أكد أن «الوقت المتبقي لمنع إيران من حيازة سلاح نووي قصير جداً».



بتوجيه من ولي العهد... التزام سعودي بدعم جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

0 seconds of 21 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:21
00:21
 
TT
20

بتوجيه من ولي العهد... التزام سعودي بدعم جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة... مايو 2023 (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة... مايو 2023 (واس)

بتوجيه من الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، استضافت السعودية، في جدة محادثات أميركية - أوكرانية ضمن مساعيها لحل الأزمة، بفضل علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف.

وعُقدت المحادثات بين وفدَي الولايات المتحدة وأوكرانيا بفندق «الريتز كارلتون» بحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء مساعد العيبان.

وفدا الولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا بحضور وزير الخارجية ومستشار الأمن الوطني السعوديَّين قبيل بدء اجتماعات جدة (واس)
وفدا الولايات المتحدة الأميركية وأوكرانيا بحضور وزير الخارجية ومستشار الأمن الوطني السعوديَّين قبيل بدء اجتماعات جدة (واس)

في حين مثّل الجانب الأميركي في جلسة المحادثات وزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايكل والتز. ومثّل الجانب الأوكراني مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك، ووزير الخارجية أندري سيبها، ووزير الدفاع رستم عمروف.

وتأتي هذه المحادثات ضمن مساعي المملكة لحل الأزمة في أوكرانيا، بفضل علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف، وضمن جهودها لتعزيز الأمن والسلام العالميَّين، وانطلاقاً من إيمانها بأهمية الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، وأن الحوار هو الوسيلة الأنجح لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار الدوليَّين.

ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية - الروسية، كثَّف ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، اتصالاته لدعم الجهود والمساعي الدولية الهادفة إلى حل الأزمة، وتحقيق السلام، والتخفيف من تداعياتها الإنسانية.

وأكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الاثنين، حرص المملكة ودعمها جميع المساعي والجهود الدولية الرامية لحل الأزمة الأوكرانية، والوصول إلى السلام.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة... مايو 2023 (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة... مايو 2023 (واس)

وفي ظلِّ التزامها بسياسة الحياد والتوازن في النزاعات الدولية، وترسيخها مكانتها وسيطاً موثوقاً، تُعيد المملكة العربية السعودية رسم ملامح دورها في الدبلوماسية العالمية، لتصبح ساحةً تجمع الفرقاء ومنصةً رئيسيةً للمفاوضات الحساسة بين القوى الإقليمية والدولية.

الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بدوره قال، إن بلاده تعتمد على «الدعم السعودي النشط والمستمر للوصول إلى صيغة للسلام».

في أغسطس (آب) 2023، استضافت مدينة جدة، المطلة على البحر الأحمر، اجتماعاً لمستشاري الأمن القومي من نحو 40 دولة. وتأتي الاجتماعات الأميركية - الأوكرانية اليوم امتداداً للجهود المستمرة لتعزيز الأمن والاستقرار الدوليَّين، واستكمالاً للمبادرات القائمة منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، من خلال التنسيق والتشاور مع الأطراف المعنية، وبحث سبل حلها.

جانب من اجتماع جدة التشاوري لمستشاري الأمن القومي بشأن الأزمة الأوكرانية بمشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة (واس)
جانب من اجتماع جدة التشاوري لمستشاري الأمن القومي بشأن الأزمة الأوكرانية بمشاركة أكثر من 40 دولة ومنظمة (واس)

وكانت السعودية قدَّمت لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2023، حزمتين من المساعدات بقيمة 410 ملايين دولار، حيث قام الصندوق السعودي للتنمية بدعم أوكرانيا بالغاز المسال ومشتقات النفط بمبلغ 300 مليون دولار بوصفه منحةً مقدمةً من الحكومة السعودية، كما قدَّم «مركز الملك سلمان للإغاثة» مساعدات إنسانية بقيمة 100 مليون دولار.

كما وقَّع «مركز الملك سلمان للإغاثة» اتفاقيتَي تعاون مشترك لتقديم مساعدات طبية وإيوائية للاجئين من أوكرانيا إلى الدول المجاورة، خصوصاً بولندا، مع منظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بقيمة 10 ملايين دولار أميركي؛ مناصفة بينهما، حيث بلغ إجمالي الدعم المقدم لأوكرانيا 410 ملايين دولار أميركي.

وصول إحدى الطائرة الإغاثية السعودية التي تحمل مساعدات للشعب الأوكراني (واس)
وصول إحدى الطائرة الإغاثية السعودية التي تحمل مساعدات للشعب الأوكراني (واس)

ويرى مراقبون أن اختيار السعودية لاستضافة المباحثات الحالية يعكس تقدير القيادتين الأميركية والأوكرانية لولي العهد السعودي، ومكانة المملكة السياسية والاقتصادية، وثقلها ودورها المحوري على المستويين الإقليمي والدولي.

كما يعكس تحوّل الرياض إلى وجهة لقادة الولايات المتحدة وروسيا مكانةَ المملكة وثقلها السياسي، والدور القيادي لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.

وقال المبعوث الأميركي السابق لمنطقة الشرق الأوسط دنيس روس، إن مشاركة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في القمة الأميركية - الروسية المرتقبة تشير إلى «علاقة ثقة مع كل من الرئيسين ترمب وبوتين».

وأضاف في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» أن «الرياض حافظت على علاقات جيدة مع جميع أطراف الصراع، مما يوفر بيئةً مريحةً، ويجعلها موقعاً منطقياً لاستضافة المحادثات».

تواصل الدبلوماسية السعودية تكثيف جهودها في الوساطة بين الدول؛ سعياً لحل النزاعات عبر السبل السلمية، وتعزيز الحوار والتفاهم لتحقيق تقارب يمهِّد لسلام مستدام، حسبما أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

من اليسار: مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الدولة السعودي مساعد العيبان ورئيس مكتب الرئاسة الأوكراني أندريه يرماك ووزير الدفاع الأوكراني روستم عمروف خلال المباحثات في جدة... الثلاثاء (أ.ف.ب)
من اليسار: مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الدولة السعودي مساعد العيبان ورئيس مكتب الرئاسة الأوكراني أندريه يرماك ووزير الدفاع الأوكراني روستم عمروف خلال المباحثات في جدة... الثلاثاء (أ.ف.ب)

وتأتي الجهود السعودية في الوساطة، في سياق تصاعد التوترات بين القوى الكبرى، لا سيما في أوروبا منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية قبل نحو 3 سنوات، إلى جانب محاولات الغرب احتواء نفوذ الصين وروسيا.

في 19 فبراير الماضي، احتضنت الرياض محادثات أميركية - روسية جمعت وزيرَي خارجية البلدين، في أول لقاء بهذا المستوى منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير 2022.

وأسفرت المحادثات عن اختراق دبلوماسي مهم، إذ اتفق الطرفان على إعادة موظفي البعثتين الدبلوماسيتين، وتعزيز التعاون الاقتصادي، واصفين المناقشات بأنها «مثمرة» و«خطوة مهمة إلى الأمام».