العرب يتهمون الإيزيديين بمهاجمة قرى.. والأكراد يؤكدون أن لا أدلة عندهم

قاسم ششو: عناصر حزب العمال هي التي قامت بالاتداءات لعزل سنجار

مخيم للنازحين الإيزيديين عند سفح جبل سنجار (أ.ف.ب)
مخيم للنازحين الإيزيديين عند سفح جبل سنجار (أ.ف.ب)
TT

العرب يتهمون الإيزيديين بمهاجمة قرى.. والأكراد يؤكدون أن لا أدلة عندهم

مخيم للنازحين الإيزيديين عند سفح جبل سنجار (أ.ف.ب)
مخيم للنازحين الإيزيديين عند سفح جبل سنجار (أ.ف.ب)

تضاربت الأنباء والمعلومات حول قيام قوة مسلحة من الأقلية الإيزيدية في سنجار بمهاجمة قرى عربية محاددة لمناطقهم وقتل ما يقرب من 20 شخصا وسرقة أموالهم وسياراتهم وحرق بيوتهم واختطاف بعض نسائهم، أول من أمس. ففي حين أكد نائب عربي ومحافظ نينوى هذه الأنباء، فإن ممثل الأقلية الإيزيدية في مجلس النواب العراقي وقيادي بارز في البيشمركة نفوا هذه المعلومات تماما.
واتهم عبد الرحمن الويزي، النائب في البرلمان العراقي عن نينوى، شخصية إيزيدية (قاسم ششو) الذي يتزعم قوة مسلحة للدفاع عن سنجار بالهجوم على 4 قرى، وقال: «أنا من قرية (تل عطو) القريبة من تل عفر ومحاددين لقرى سنجار، وقد تعرضت قريتنا لهجوم مسلحين إيزيديين»، ونقل عن قرويين هناك أن «الإيزيديين قتلوا ما يقرب من 20 شخصا وأحرقوا البيوت وسرقوا الأموال واختطفوا النساء، إلا أن قوات البيشمركة أعادت النساء فيما بعد».
وأضاف الويزي قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من أربيل، أن «القوات التي هاجمت القرى ادعت أنها من البيشمركة وتريد تفتيش هذه القرى لتتأكد من عدم وجود مقاتلي (داعش) فيها، لكنهم أخرجوا النساء والأطفال وأحرقوا البيوت وقتلوا من اعترضهم من الرجال واختطفوا النساء».
من جهته، أكد أثيل النجيفي، محافظ نينوى، هذه الأنباء. وقال إن «هذه القرى تم تحريرها من سيطرة (داعش) وهي قريبة من قرى الإيزيديين في سنجار، وقد قامت قوات البيشمركة بتفتيشها والتأكد من خلوها من عناصر (داعش)».
وأضاف النجيفي قائلا لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من أربيل، أن «الشرارة انطلقت من مخيم للإيزيديين في دهوك عندما حرض بعض عناصر حزب العمال الكردستاني التركي، وبمساعدة من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني جماعة من الإيزيديين بالهجوم على القرى العربية كون العرب اختطفوا الإيزيديات وانتهكوا أعراضهن، مما استفز الإيزيديين وتوجهوا لهذه القرى العربية وقاموا بمهاجمتها وقتلوا ما يقرب من 20 شخصا وخطفوا عددا من النساء وحرقوا البيوت قبل أن تتدخل قوة من البيشمركة وتحرر النساء».
لكن محما خليل قاسم السنجاري، عضو مجلس النواب العراقي وممثل الأقلية الإيزيدية فيه، وصف هذه الأنباء بأنها «عارية عن الصحة تماما وهدفها الإساءة إلى الإيزيديين الذين يتعرضون لإبادة جماعية على أيدي الإرهابيين من تنظيم داعش».
وقال السنجاري لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من بغداد، أمس: «نحن ندين ونستنكر أي حادث أو اعتداء ينال من أي ناس أبرياء، فنحن ضحية الاعتداء والقتل والخطف، وقد تعرضنا للإبادة ونساؤنا سبايا بأيدي المجرمين من (داعش) يتاجرون بهن ويتعرضن لأنواع من المهانة. فكيف نقبل أن يعتدي أي شخص منا على أبناء وطننا من العرب المسلمين»، مشيرا إلى أن «ششو الذي يتهمونه بأنه هاجم هذه القرى بريء مما نسب إليه، فهو يدافع عن سنجار كما أنا وغيري ندافع عن مدينتنا ومقدساتنا التي دمرها تنظيم داعش».
وأضاف قائلا: «هناك خطة مبرمجة من بعض نواب البرلمان العراقي من العرب لسحب البساط من تحت الإيزيديين وتجريدنا من الدعم الدولي وتعاطف العالم معنا كوننا أول وأقدم طائفة دينية في العراق تتعرض للإبادة على يد قوى ظلامية مجرمة، وتحويل الاهتمام الدولي لينعكس ويكون إدانة لنا لأعمال لم نقترفها على الإطلاق ونحن بريئون منها كوننا أبناء شعب واحد». وقال: «عندما تعرضنا للقتل ونساؤنا تعرضن للاختطاف والسبي، لم نسمع إدانات من كثير من النواب العرب في البرلمان العراقي، مع أن (داعش) لا يمثل الإسلام والمسلمين. واليوم يكيلون لنا الاتهامات الباطلة بدلا من الوقوف معنا ودعمنا معنويا في الأقل».
من جانبه، أكد جبار ياور، أمين عام وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان «عدم وجود أي معلومات مؤكدة عن هجوم مسلح من قبل الإيزيديين على القرى العربية»، عادة القصة ليست «سوى بالون إعلامي وإن كل هذه الأحداث تمت في وسائل الإعلام والفضائيات».
وقال ياور لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من أربيل، أمس: «نحن سمعنا عن هذا الهجوم في الإعلام، لكننا كقوات بيشمركية مسؤولة عن حماية المناطق المحررة من (داعش) في سنجار وغيرها، لم تردنا أي معلومات أو شكوى أو أسماء ضحايا أو عددهم، ويجب أولا تحديد القرى التي تمت مهاجمتها وموقعها وهل هي محررة أم ما زالت تحت سيطرة (داعش)».
وحول نية حزب العمال الكردستاني باستقطاع سنجار لتكون «كانتون» منفصل عن العراق، قال ياور: «سنجار جزء من إقليم كردستان ومن أرض العراق وقوانيننا لا تسمح بإنشاء كانتونات في البلد، وقد عبرت رئاسة الإقليم وحكومته وبرلمانه عن الرفض القاطع لهذا المشروع ولا أحد يستطيع إقامته بالقوة».
من جهته قال قاسم ششو، قائد قوات البيشمركة في منطقة سنجار، والمسؤول عن حمايتها، إن «عناصر من حزب العمال الكردستاني التركي إضافة إلى مأجورين من قبل مخابرات إقليمية هم من نفذ الهجوم على بعض القرى العربية في منطقة سنجار»، مشيرا إلى أن «هذه العناصر قتلت بعض رجال هذه القرى وأحرقت منازلهم وخطفت بعض نسائهم، ونحن كقوة بيشمركة قمنا بمواجهة المعتدين وإعادة النساء إلى قراهن».
وأضاف ششو قائلا لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من منطقة سنجار أمس: «هدف هذه العناصر هو تهجير السكان العرب من منطقة سنجار، والإساءة إلى سمعة الإيزيديين وشق صف العلاقات بين العرب المسلمين والإيزيديين الذين يعيشون في هذه المناطق منذ مئات السنين»، منبها إلى أن «بعض عناصر حزب العمال الكردستاني التركي يريدون فصل قضاء سنجار والمناطق المحيطة به من إقليم كردستان والعراق لإقامة كانتون خاص بهم يسيطرون من خلاله على الإيزيديين، ونحن كطائفة دينية أصيلة وكمواطنين أكراد عراقيين، لن نسمح بذلك وسنقاتل دفاعا عن سنجار كما قاتلنا (داعش)». وقال: «ليذهبوا ويشكلوا كانتون في الأراضي التركية أو السورية إذا أرادوا، أما في العراق، فهذا مستحيل».
وحول الاتهامات التي وجهت له باعتباره هو الذي قاد مسلحين إيزيديين لمهاجمة القرى العربية، قال ششو: «أنا أولا مناضل قديم في صفوف الثورة الكردية ومقاتل في قوات البيشمركة ضمن تنظيمات الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، ومن المستحيل أن نعتدي على أي مواطن عراقي، بل نحن من يحمي هذه القرى وأهلها»، وأضاف: «أنا ناضلت ضد نظام صدام حسين على عكس من وجه لي الاتهامات، حيث كان ضد الأكراد مع البعثيين، والآن هو عضو في البرلمان العراقي، وأطلب منهم دليلا واحدا على قيامنا بأي اعتداء ضد القرى العربية، بينما عندنا عشرات الشهود على قيامنا بالدفاع عن هذه القرى وتحرير نسائهم، والمعروف أن قوات البيشمركة حمت سكان هذه المناطق بغض النظر عما إذا كانوا من العرب أو الأكراد».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.