لبنانيون يتحولون إلى مدونين في فترة الحجر

بينهم وجوه معروفة في مجالي الإعلام والفن

الممثلة نتالي نعوم وشقيقتها ريم استحدثتا صفحة إلكترونية جديدة في فترة الحجر
الممثلة نتالي نعوم وشقيقتها ريم استحدثتا صفحة إلكترونية جديدة في فترة الحجر
TT

لبنانيون يتحولون إلى مدونين في فترة الحجر

الممثلة نتالي نعوم وشقيقتها ريم استحدثتا صفحة إلكترونية جديدة في فترة الحجر
الممثلة نتالي نعوم وشقيقتها ريم استحدثتا صفحة إلكترونية جديدة في فترة الحجر

يبحث اللبنانيون بشكل مستمر عن طرق وأساليب تسهم في اجتيازهم فترات الحجر لكسر شعورهم بالملل. بعضهم ركن إلى ممارسة فن الطبخ وآخرون وجدوا في المنصات الإلكترونية خير عنوان لذلك.
شكل المؤثرون والمدونون من ناحيتهم وبفضل هوايتهم في عرض يومياتهم والكتابة عنها ظاهرة جديدة في فترة الحجر. تأثر بهم بعض اللبنانيون وراحوا يقلدونهم ناقلين تحركاتهم في المنزل في ظل فترة حظر التجول. فيما أدمن آخرون على متابعتهم، سيما وأنهم يعانون من وقت فراغ طويل. فتضاعفت أعداد الـ«viewers» لمنشورات هؤلاء وشهدت هواياتهم رواجا كبيرا.
وإذا ما تصفحت بسرعة صفحات إنستغرام الإلكترونية لا بد أن تلفتك أسماء مختلفة لهؤلاء. فكما ياسمينا وغنوة وسهير وناتاشا، تطالعك مجموعة أسماء أخرى من النساء والرجال الذين ينشرون موضوعات اجتماعية وفنية ورياضية. فهم يتناولونها من زوايا جديدة فيتحدثون عنها من باب مهاراتهم فيها، ويقدمون النصائح حولها. ولا يخلو الأمر من «بوستات» بمحتوى ركيك يعتمدها بعض هواة هذه الظاهرة بشكل غير هادف، فلا تستقطب الكثير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي.
سهير هاشم طبيبة نفسية تواكب في صفحتها الإلكترونية مشكلات أفرزتها فترة الحجر. فهي تعرض منشورات و«ستوريز» حول كيفية التعامل مع الجائحة إضافة إلى أخرى تتعلق بالمجتمع اللبناني. وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «كوني أعمل في مجال علم النفس، رغبت في إيصال رسائل اجتماعية وإنسانية كثيرة لأكبر عدد ممكن من الناس كي يستفيدوا منها. أحاول دائما التجديد في منشوراتي وفي الموضوعات التي أتناولها. ألمس تجاوبا كبيرا من متابعي على صفحتي كوني أخاطبهم بإيجابية وبطريقة سلسة كي لا ينفروا منها». وتتابع سهير المسؤولة عن العلاج النفسي لتلامذة مدرسة الليسيه الفرنسية: «أتلقى مئات الرسائل يوميا من متابعي، وغالبيتها تدور حول الحجر وكيفية التعامل مع أفراد العائلة. وكذلك رسائل حول فكرة الهجرة من لبنان، وأخرى تتعلق بحالات زواج مهتزة أو ضغوطات اجتماعية ومادية يعيشونها». وتحاول سهير وهي أم لثلاثة أولاد أن توفق بين عملها كطبيبة نفسية، وتربية أطفالها. وتقول: «غالبية منشوراتي أستوحيها من يومياتي ولذلك يلمس فيها متابعي الواقعية. ولقد استحدثت فقرات خاصةً «أم سألتني» و«بنت الناطور» و«عدوانية الأطفال» وغيرها كي أحصر الرسائل التي أتلقاها في خانات معينة أستطيع الرد عليها مجتمعة وبشكل أسرع».
نساء لبنانيات كثيرات يجدن في هذه الصفحات ولا سيما المتقنة والمدروسة بشكل جيد، مساحة ثقافية يحبون الاطلاع عليها باستمرار. وتقول ميا معوض معلقة: «أتابع أكثر من صفحة من هذا النوع على «إنستغرام». فهي إضافة إلى كونها تجدد أفكاري تزودني بنصائح ضرورية حول علاقتي مع أولادي. ففي فترة الحجر أصبح وجودي في المنزل مفروضا علي بعد أن صرت أمارس وظيفتي منه. ولذلك صرت أواجه مواقف محرجة وأخرى جديدة علي مع أولادي. ومع اطلاعي على هذه الصفحات صار الوقت الذي أمضيه معهم يحمل العلم والتسلية معا».
أما ياسمينا عودة صاحبة صفحة «سوبر ماما» على إنستغرام فتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تضاعف أعداد الأشخاص الذين يتابعونني في فترات الحجر. أما الموضوعات التي أتناولها، فمكين المرأة وزيادة مهاراتها وثقتها بنفسها. بعض النساء تأثرن بمنشوراتي إلى حد عودتهن إلى الدراسة. ونساء أخريات أسسن أعمالا خاصةً بهن بعد أن وجدن أن الإنتاجية عنصراً مهماً، ولا سيما في الحياة الزوجية». وتروي ياسمينا قصتها مع هذه الظاهرة وتقول: «بداية وجدت فيها «فشة خلق» أخرج من خلالها كل ما يزعجني. وتحولت مع الوقت فسحة أمل لي ولنساء أخريات يعانين نفس مشكلاتي. ولعل نجاحي يعود إلى قصص حقيقية أتناولها فلا أتبجح بإطلالاتي، وأبالغ بشكلي الخارجي. فأبتعد عن المحتوى الركيك والفارغ الذي يروج كثيرا في الفترة الأخيرة من قبل هواة التأثير على الآخرين. أظهر في منشوراتي المصورة على طبيعتي كغيري من النساء الموجودات في منازلهن، أخاطبهن بلسان حالهن وهو ما يولد تفاعلا كبيرا بيني وبينهن».
ومن الإعلاميين والفنانين الذين ركنوا مؤخراً إلى استحداث صفحات توجيهية إلكترونية خاصة بهم الممثلة نتالي نعوم والمسرحية غنوة صدقة والإعلامي بيار رباط وغيرهم.
يقدم هذا الأخير على صفحته بعنوان «ذا فايميس ريسيبي» وصفات أطباق طعام وحلويات مشهورة. استحدث صفحته الإلكترونية على إنستغرام في يونيو الفائت بعيد انتشار الجائحة في لبنان. وبين وصفات يابانية وفرنسية وإيطالية جذب مقدم برنامج «عا غير كوكب» على قناة «ام تي في» أعدادا كبيرة من المتابعين لامسوا الـ50 ألفا.
ناتالي نعوم وهي ممثلة ومعدة برامج معروفة رأت في استحداث صفحة خاصة تجمعها مع شقيقتها ريم فكرة جديدة من نوعها في فترة الحجر. وتقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «انطلاقا من فكرة «الأختين» وما يمكن أن يدور بينهما من أحاديث وتعاون في مهمات تجمعهما بدأنا نشاطاتنا على صفحتنا الإلكترونية. فالعالم تغير اليوم وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الوحيدة للتواصل بين البشر. وكانت باكورة نشاطات هذه الصفحة عرض يجمعني مع أختي. فعرفنا الناس على أنفسنا كأختين لأن كثيرون يجهلون هذا الأمر، وتحدثنا فيه عن ذكرياتنا وعن حالتنا في فترة الحجر. وبين اسكتشات واقعية استوحيناها من صميم حياتنا اليومية واستضافتنا لبعض الأشخاص المعروفين استطعنا تقديم عرض منوع لفترة 40 دقيقة. واللافت أن الناس تجاوبت معنا بشكل كبير وتلقينا مئات التعليقات والرسائل التي تبدي تفاعلها مع صفحتنا الإلكترونية».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».