معارضون سوريون يحذرون من إنهاء المعتدلين بإعلان «النصرة» إمارتها في الشمال

«النصرة» تسيطر على مواقع حركة «حزم» بحلب.. والائتلاف: تجاوزاتها تذكر بـ«داعش» والنظام

مقاتلون من المعارضة يراقبون مروحية لقوات النظام في سماء ريف حماه (رويترز)
مقاتلون من المعارضة يراقبون مروحية لقوات النظام في سماء ريف حماه (رويترز)
TT

معارضون سوريون يحذرون من إنهاء المعتدلين بإعلان «النصرة» إمارتها في الشمال

مقاتلون من المعارضة يراقبون مروحية لقوات النظام في سماء ريف حماه (رويترز)
مقاتلون من المعارضة يراقبون مروحية لقوات النظام في سماء ريف حماه (رويترز)

قالت مصادر معارضة في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن «جبهة النصرة»، وهي ذراع تنظيم «القاعدة» في سوريا «تستكمل خطتها للقضاء على المعتدلين في الشمال، على غرار تنظيم (داعش)»، مشيرة إلى أن المعركة التي أطلقتها ضد حركة «حزم» المعتدلة، والمدعومة أميركيا «تؤكد اتجاه النصرة إلى طرد جميع المعتدلين والقضاء عليهم».
وجاءت هذه التصريحات بعد اندلاع اشتباكات بين مقاتلي «جبهة النصرة» وحركة «حزم» بالقرب بلدة دارة عزة بريف حلب الغربي والفوج 111. إثر هجوم نفذته جبهة النصرة على نقاط تمركز حركة حزم في الفوج 111 أدى لسيطرة مقاتلي النصرة على الفوج، وأسر عناصر حركة «حزم»، بحسب ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
كما أفاد ناشطون مساء أمس، بأن «النصرة» سيطرت على مقرات حركة «حزم» في الشيخ سلمان في ريف حلب الغربي، بعد اشتباكات بين الطرفين.
وتعرف «حزم» المعتدلة، والمدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، بأنها جناح الإسناد العسكري لمختلف الفصائل على الجبهات في سوريا، كونها «تقدم المؤازرة لجميع الفصائل في الهجمات لأنها تمتلك صواريخ (تاو) الأميركية المضادة للدبابات».
وأدان الائتلاف الوطني السوري «أي استهداف للمدنيين من أي نوع وتحت أي شعار»، كما أعلن عن رفضه واستنكاره لأي «محاولة لفرض أفكار أو توجهات أو عقائد أو ممارسة، أي نوع من الاعتداء على مبادئ حقوق الإنسان وحرية الفكر والدين والتعبير تحت أي ذريعة أو تبرير». وقال الناطق الرسمي باسم الائتلاف سالم المسلط، في بيان، إن الائتلاف «ينظر بمنتهى الجدية إلى كل التصرفات والتجاوزات التي صدرت وتصدر عن جبهة النصرة»، واعتبر أن بعضها يمثل «تجاوزا خطيرا يذكر السوريين بالتصرفات الإجرامية التي قام بها تنظيم (داعش) الإرهابي ومن قبله نظام الأسد».
وأضاف المسلط أن «فك ارتباطها بتنظيم القاعدة ذي الأجندة الدخيلة على الثورة السورية، سيؤدي بكل تأكيد إلى خسارتها لأي قدر متبق من التعاطف الشعبي على قلته».
وكانت «النصرة» حيّدت حركة «حزم» في معقلها في ريف حلب الغربي، من الصراع الذي اندلع قبل أشهر بين «النصرة» وجبهة «ثوار سوريا» التي يتزعمها جمال معروف، وأسفرت عن طرد قوات معروف المعتدلة من مناطق واسعة في ريف إدلب.
وجاءت العملية على مقرات «حزم» أمس: «استكمالا للهجوم الذي بدأته النصرة منتصف العام الماضي ضد المعتدلين»، كما قالت مصادر المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدة أن تلك الهجمات «تشبه الهجمات التي نفذها (داعش) ضد المعتدلين وفصائل الجيش السوري الحر في شمال وشرق البلاد». وحذرت من إنهاء جميع القوى المعتدلة في الشمال، تمهيدا لإعلان إمارة النصرة في شمال سوريا.
وبدأ القتال بين الطرفين، حين اتهمت «النصرة» حركة «حزم» باعتقال اثنين من مقاتليها في الشيخ سلمان، والإخفاق في حلّ المشكلة وديا عن طريق التفاوض والوساطة. ودفع ذلك النصرة إلى الإعلان «بأننا نريد تحرير أسرانا منعا لقتلهم»، و«نريد إنقاذ الساحة من حزم وأمثالها»، متهمة الحركة بأنها «الذراع السوري للغرب».
كما اتهم مقربون من النصرة الحركة بأنها «أصبحت شبيهة بأعمال داعش كونها تترك الجبهات، وترابط على المقرات، وتسرق السلاح وتمارس أعمال الخطف»، وهي تهم نفتها مصادر المعارضة، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن الاتهامات والهجوم على «حزم»، يندرج ضمن إطار «معاداتها عقائديا كونها مقربة من الغرب، ويرفض عناصرها الانضمام إلى تشكيلات متشددة».
وقال ناشطون إن هجوم النصرة على «حزم» كان متوقّعا منذ الحملة على جبهة ثوار سوريا في سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث حرصت النصرة حينَها على الربط بين الحركتين في بياناتها وأخبارها، وعززه منذ عدة أشهر «الإعلامُ الخفيّ» الذي تديره وتسيطر عليه عشراتُ الحسابات المتشددة المجهولة.
وكانت فصائل عسكرية، ضمنت اتفاق الهدنة السابق الذي قضى بتحييد حلب عن الصراع نظرا لخطورة الوضع هناك.
ولم تنفع الوساطات في منع الاقتتال ضد «حزم» في الشمال، أمس، ودعت قيادات عسكرية وسياسية معارضة إلى رعاية مصالحة بين الطرفين. ووزعت نداء في الشمال يدعو القوى الثورية في حلب وإدلب إلى تشكيل قوّة فصل وردع تمنع أي فصيل من تصفية حساباته مع الفصائل الأخرى بالقوة، محذرة من أن «ينتهي الشمال كله كما انتهى الشرق».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.