صورة «قفازات ساندرز» تساهم في جمع 1.8 مليون دولار للأعمال الخيرية

بيرني ساندرز خلال حفل تنصيب جو بايدن (أ.ف.ب)
بيرني ساندرز خلال حفل تنصيب جو بايدن (أ.ف.ب)
TT

صورة «قفازات ساندرز» تساهم في جمع 1.8 مليون دولار للأعمال الخيرية

بيرني ساندرز خلال حفل تنصيب جو بايدن (أ.ف.ب)
بيرني ساندرز خلال حفل تنصيب جو بايدن (أ.ف.ب)

أعلن السيناتور الديمقراطي عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، أن القفازات الصوفية التي ارتداها في حفل تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن، والتي انتشرت صورها على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ساهمت في جمع 1.8 مليون دولار في الأيام الخمسة الماضية للمنظمات الخيرية.
وبحسب وكالة أنباء أسوشييتد برس، فإن هذا المبلغ جمعته حملة ساندرز جراء بيع ما أطلقت عليها «منتجات ساندرز»، على موقعها على الإنترنت، وقد تضمنت هذه المنتجات سترات وقمصاناً وملصقات تحتوي على صورة السيناتور الأميركي أثناء ارتداء القفازات.
وبيعت الكمية الأولى من هذه المنتجات في أقل من 30 دقيقة، على حد قول ساندرز، الذي أشار إلى أنهم أضافوا بعد ذلك المزيد من البضائع خلال عطلة نهاية الأسبوع وبيعت كلها بحلول صباح الاثنين الماضي.
وانتشرت صورة ساندرز أثناء ارتدائه القفازات على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي وتبارى المستخدمون في تركيب الصورة ضمن صور أخرى؛ مثل الصورة التي تم تركيبها لتجاور لقطة ساندرز رسم مايكل أنجلو في كنيسة سيستين، وأخرى تظهر ساندرز إلى يسار رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، والزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، هذا علاوة على قيام ممثلين ومشاهير بتركيب الصورة إلى جوار صورهم الشخصية.
وصنعت قفازات ساندرز من قبل جين إليس، وهي معلمة في مدرسة فيرمونت الابتدائية لديها عمل جانبي في صنع القفازات من الصوف المعاد تدويره.
وقالت إليس على وسائل التواصل الاجتماعي خلال عطلة نهاية الأسبوع إن ساندرز اتصل بها ليخبرها أن «جنون القفاز» قد جمع مبلغاً هائلاً من المال للجمعيات الخيرية في فيرمونت.
وأشار ساندرز إلى أنه يشعر بالسعادة لأن تلك الصورة ساهمت في جمع الملايين من الدولارات لصالح الأعمال الخيرية والمواطنين الأميركيين المعوزين.
وأثارت ملابس ساندر أيضاً جهوداً خيرية أخرى. فقد تم بيع دمية كروشيه لإطلالته في حفل التنصيب صنعتها سيدة أميركية تدعى توبي كينغ على موقع إيباي للتجارة الإلكترونية لصالح جمعية «ميلز أون ويلز» الخيرية لتقديم الطعام للمحتاجين، وقد جمعت هذه الدمية 40 ألف دولار بالفعل.



موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».