محكمة بشرق ليبيا تبطل اتفاقيات السراج مع تركيا

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (موقع المجلس على الإنترنت)
عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (موقع المجلس على الإنترنت)
TT

محكمة بشرق ليبيا تبطل اتفاقيات السراج مع تركيا

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (موقع المجلس على الإنترنت)
عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (موقع المجلس على الإنترنت)

قضت محكمة محلية، تابعة للحكومة الموازية في شرق ليبيا، ببطلان الاتفاقيات المثيرة للجدل التي أبرمها فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق»، مع تركيا قبل نحو عامين، بينما اعتبر عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، أنه «لا مساومة» على وحدة البلاد.
جاء ذلك في وقت طالبت فيه عناصر من غرفة حماية وتأمين سرت والجفرة، التابعة لقوات حكومة «الوفاق»، في بيان تلاه ناطق باسمها مساء أول من أمس، بسداد كافة مستحقاتهم وتوفير متطلباتهم، وتوعدوا في حال عدم تلبية هذه المطالب بالتوجه إلى مقر الحكومة بطرابلس، بالإضافة إلى استمرارهم في إغلاق الطريق الساحلي، الرابط بين مدينتي سرت ومصراتة.
وتزامن البيان مع إعلان أوليفر أوفتشا، سفير ألمانيا لدى ليبيا، أنه أجرى مساء أول من أمس ما وصفه بـ«حوارات هاتفية بناءة» مع كل من اللواء أسامة الجويلي، قائد المنطقة العسكرية الغربية التابعة لقوات «الوفاق»، واللواء أحمد أبو شحمة، رئيس وفدها للجنة العسكرية المشتركة «5+5»، حول التطورات الأمنية.
موضحا أن المناقشات تناولت أيضا «الحاجة الماسة لفتح الطريق الساحلي بهدف خلق الثقة والآفاق الاقتصادية»، بالإضافة إلى «الانسحاب المتفق عليه للمقاتلين الأجانب».
إلى ذلك، قالت مصادر ليبية إن الأمم المتحدة قررت التمديد لمدة شهر إضافي لرئيسة بعثتها في ليبيا، ستيفاني ويليامز، التي من المقرر أن تقدم اليوم إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي، مع إحاطة مماثلة من سفير الهند، الذي يترأس لجنة عقوبات ليبيا حاليا، قبل تولي السلوفاكي يان كوبيتش مهمة رئاسة البعثة رسميا.
وكان يفترض أن تغادر ويليامز منصبها الأسبوع الماضي. لكن تم منحها مدة إضافية تمتد حتى الخامس من الشهر المقبل.
في غضون ذلك، اعتبر عقيلة صالح أن وحدة البلاد «لا مساومة عليها»، بعدما تلقى دعم ممثلي قبائل ورفلة بمختلف مناطق ليبيا، خلال اجتماعه بهم أمس، لتولي رئاسة المجلس الرئاسي الجديد، كما عبروا عن دعمهم لمبادرة القاهرة، التي طرحها للحفاظ على الثوابت الوطنية، بالإضافة إلى دعمهم لمخرجات مؤتمر برلين.
وقال بيان لمجلس النواب بشرق البلاد إن محكمة استئناف البيضاء (الدائرة الإدارية) أصدرت أمس حكما ببطلان قراري المجلس الرئاسي بشأن اتفاقيتي ترسيم الحدود البحرية، والتعاون الأمني والعسكري مع تركيا، لافتا إلى أن الحكم صدر لصالح المجلس في انعدام اتفاقيات، «الغرض منها انتهاك السيادة الليبية»، وذلك على خلفية الدعوى التي رفعتها الإدارة القانونية بديوان المجلس، بتوجيهات رئيسه بشأن إبطال القرارين في الشق المستعجل بإيقاف التنفيذ، إلى حين الفصل في الموضوع.
في المقابل، تعهد صلاح النمروش، وزير الدفاع بحكومة «الوفاق»، بالاستمرار في البرامج التدريبية، التي يتم تنظيمها مع من سماه بالحليف التركي في إطار هذه الاتفاقيات.
من جهة ثانية، أنهى حرس المنشآت النفطية، التابع للجيش الوطني، رئاسة المشير خليفة حفتر، منعه التصدير من ميناء رأس لانوف وميناء السدرة. ونقلت وكالة أنباء «رويترز» عن مهندس نفطي في الميناء استئناف عمله المعتاد، فيما أعلنت شركة الواحة لإنتاج النفط عن عودة عمليات التصدير بعد الانتهاء من عمليات الصيانة اللازمة التي أعاقتها.
واعتبرت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، عقب مشاورات أجرتها مع أعضاء مجلس النواب، وممثّلي المجتمع المدني والقبائل من الهلال النفطي في مدينة بنغازي (شرق)، أن الوضع «لا يحتمل الانتظار»، مشيرة إلى تشديد المشاركين على ضرورة المصالحة الوطنية، ووجود حكومة موحّدة تركّز على الانتخابات، واستعادة الخدمات الأساسية والبدء في إعادة الإعمار.
وأكدت البعثة في بيان لها أمس أنه حان الوقت لإيجاد الحلول، التي تتمثل في حكومة وحدة جديدة، وانتخابات ومعالجة السيولة وإمدادات الكهرباء، والرعاية الصحية لجميع الليبيين، مشيرة إلى الاتفاق على الحاجة إلى التركيز أولاً على الإجراءات، التي من شأنها تحسين الظروف المعيشية لليبيين بشكل سريع، مع معالجة أزمة السّيولة، ودفع الرواتب وإعادة الإعمار وتحسين خدمات الصحة والكهرباء.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.