خبراء: العودة إلى المدارس خلال الوباء ممكنة عبر اتباع التدابير الصحيحة

طلاب يرتدون الأقنعة الواقية داخل فصل في مدرسة بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
طلاب يرتدون الأقنعة الواقية داخل فصل في مدرسة بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

خبراء: العودة إلى المدارس خلال الوباء ممكنة عبر اتباع التدابير الصحيحة

طلاب يرتدون الأقنعة الواقية داخل فصل في مدرسة بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
طلاب يرتدون الأقنعة الواقية داخل فصل في مدرسة بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

يشعر العديد من الآباء بالقلق بشأن سلامة أطفالهم في المدارس وسط جائحة فيروس «كورونا»، لكن الخبراء من المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها يقولون إنه مع اتخاذ التدابير الصحيحة، هناك طريقة لتقليل مخاطر التعلَم المباشر، وفقاً لشبكة «سي إن إن».
وشدد الخبراء على أهمية العودة إلى المدارس والجامعات لتمكين الطلاب من حصولهم على الخدمات الأساسية. من ناحية أخرى، لا تزال معدلات حالات «كوفيد - 19» والاستشفاء والوفيات مرتفعة في جميع أنحاء العالم.
في محاولة لتحقيق التوازن الصحيح، اعتمدت المدارس مناهج مختلفة تشمل التعلم المباشر والتعلم عبر الإنترنت، ومزيجاً من الاثنين.
وفي دراسة نشرتها الجمعية الطبية الأميركية أمس (الثلاثاء)، لاحظ باحثو مراكز السيطرة على الأمراض أن نوع الانتشار الذي شوهد في المكاتب المزدحمة ومرافق الرعاية طويلة الأمد لم يتم الإبلاغ عنه في المدارس. وحدث انتقال للعدوى داخل المدارس، لكن الباحثين أكدوا أنه لا يوجد سوى القليل من الأدلة على أن ذلك ساهم بشكل كبير في زيادة انتقال العدوى في المجتمع.
وأوضح الباحثون أن الالتزام بالتدابير التي تمنع انتقال فيروس «كورونا» في المجتمعات والمدارس سيساعد «في ضمان الرفاهية الاجتماعية والأكاديمية المستقبلية لجميع الطلاب».
وأظهرت دراستان جديدتان من مراكز السيطرة على الأمراض أنه يمكن للأطفال العودة إلى المدرسة بأمان، عبر اتباع تدابير صحيحة.
*أقنعة وجه ثلاثية الطبقات وتباعد اجتماعي
في الدراسة الأولى، نظر الباحثون في بيانات 17 مدرسة بولاية ويسكونسن الأميركية، التي اتبعت التعلم عن قُرب في الخريف الماضي. وجدوا معدلات إصابة بالفيروس أقل من المجتمع ككل، وعدد قليل من حالات الانتقال داخل المدارس.
من بين 5 آلاف و530 من الطلاب والموظفين، ثبتت إصابة 191 بفيروس «كورونا». وجد الباحثون أن معدلات الإصابة بـالفيروس في المدارس كانت أقل بنسبة 37 في المائة منها في المجتمع المحيط.
حدد تتبع المخالطين أن سبعاً من تلك الحالات الـ191، أي 3.7 في المائة، جميعها بين الطلاب، حصلت بسبب الاختلاط في المدرسة. ثلاثة من الطلاب السبعة الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس كانوا من الصفوف الابتدائية.
لم تجر المدارس فحصاً روتينياً لـ«كوفيد - 19»، لكنها اتبعت تدابير معينة.
على سبيل المثال، تم تزويد الطلاب بثلاثة إلى خمسة أقنعة قماشية مزدوجة أو ثلاثية الطبقات. كانت الأقنعة مطلوبة في المدارس، وعلى مستوى الولاية، كان يرتديها أكثر من 92 في المائة من الطلاب من جميع الفئات العمرية.
ووُضعت مجموعات مكونة من 11 إلى 20 طالباً من الصف الدراسي نفسه لحضور الفصول وتناول الغداء في الداخل. وطُلب من الطلاب عدم الاختلاط، ولم يجد الباحثون أي انتقال داخل المدارس بين مجموعات مختلفة.
وطُلب من الموظفين اتباع قواعد التباعد الاجتماعي والحد من الوقت في الأماكن الداخلية المشتركة. وإذا كان أي من أفراد عائلة أحد الطلاب مصاباً بأعراض كورونا، فقد طُلب من الطالب أيضاً البقاء في المنزل.
وعندما ثبتت إصابة أحد الطلاب أو الموظفين بالفيروس، استخدم مسؤولو المدارس المقابلات لتحديد جهات الاتصال الوثيقة؛ أي شخص كان على بعد 6 أقدام من الشخص لمدة تزيد على 15 دقيقة على مدار 24 ساعة. طُلب من هؤلاء المخالطين عزل أنفسهم في المنزل، وإذا ظهرت عليهم الأعراض خلال تلك الفترة، فقد حقق المسؤولون فيما إذا كان الانتشار داخل المدرسة هو السبب.
ويقول الفريق إن النتائج التي توصلوا إليها تشير إلى أنه حتى مع تفاوت معدلات الإصابات في المجتمع، فإن الطلاب ليسوا بالضرورة في خطر متزايد للإصابة بالفيروس في الصفوف. في الواقع، يقول الباحثون إن الوجود في بيئة مراقبة مثل الفصل الدراسي قد يزيد من الالتزام بتدابير الصحة العامة.
وقد تكون الأنشطة الأخرى، مثل ممارسة الرياضة في القاعات الداخلية، قضية مختلفة، وفقاً لتقرير منفصل عن مراكز السيطرة على الأمراض، حيث إنه لا يمكن الحفاظ على التباعد الجسدي في الرياضات عالية الاحتكاك.


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.