جيورجيو أرماني: الموضة كانت تحتاج إلى وقفة و«الهوت كوتور» لا تزال متنفس الإبداع

المصمم العالمي قال لـ «الشرق الأوسط» إن السعودية والكويت أسواق ما زلنا نحقق فيها مبيعات جيدة

المصمم العالمي جورجيو أرماني في أحد عروض دار «أرماني» للأزياء في ميلانو العام الماضي (غيتي)
المصمم العالمي جورجيو أرماني في أحد عروض دار «أرماني» للأزياء في ميلانو العام الماضي (غيتي)
TT

جيورجيو أرماني: الموضة كانت تحتاج إلى وقفة و«الهوت كوتور» لا تزال متنفس الإبداع

المصمم العالمي جورجيو أرماني في أحد عروض دار «أرماني» للأزياء في ميلانو العام الماضي (غيتي)
المصمم العالمي جورجيو أرماني في أحد عروض دار «أرماني» للأزياء في ميلانو العام الماضي (غيتي)

«قد تكون الجائحة أثرت علينا من ناحية طريقة التفكير، أو من ناحية أنها جعلتنا نتأمل في الحياة أكثر، لكنها لم تؤثر أبداً على العملية الإبداعية، ولا على أسلوب التصميم»، هذا ما قاله المصمم جيورجيو أرماني، في لقاء خاص مع «الشرق الأوسط»، قبل يومين من عرضه لربيع وصيف 2021، الذي قدمه مساء أمس من مقر عمله في ميلانو، رغم أنه يدخل ضمن أسبوع باريس للأزياء الراقية. فجائحة «كورونا» التي لا تزال تحصد الأرواح، وتهدد بإغلاقات جديدة، جعلت «لاشومبر سانديكال» الجهة المنظمة للأسبوع وحاميته من الدخلاء، تضطر لتقديم أسبوع آخر عبر الوسائل الرقمية ومواقع الإنترنت.
لم يخرج عرض «جيورجيو أرماني بريفيه» عن هذه القاعدة. بيد أن ما يُحسب له أنه عوض عما افتقده من دفء وتفاعل إنساني بسبب غياب الحضور بأناقة راقية لا يُعلى عليها أيقظت الحلم وأعادتنا إلى أيام الزمن الجميل، بحكم أن السنيور أرماني فارس ولد في ذلك الزمن. يذكرني بأن التشكيلة راقية من خط «الهوت كوتور» الذي يعتبره «متجذراً في التاريخ، ويُمثل قمة الإبداع والأناقة». يشير إلى أنه رغم أن التشكيلة نخبوية متاحة لعدد قليل من الزبونات «فإنه اليوم وبفضل ديمقراطية الإنترنت فالعرض مفتوح للجميع»، وهذا يعني أنه يمكن لمن لا يشتري، أو بالأحرى ليست له القدرة على ذلك، أن يتفرج ويستمتع بهذا العالم من أوسع الأبواب.
تفاؤل أرماني لا ينسيك أن العالم ما زال يرزح تحت رحمة فيروس كورونا القاتل، إلا أنه مع ذلك يُدخل على النفس بعض الطمأنينة بحكم تاريخه وخبرته الطويلة التي أكسبته حنكة وحكمة في التعامل مع التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، بل وحتى السياسية التي عاشها لأكثر من أربعة عقود. ربما تكون الجائحة وما فرضته من تغيرات أكبر تحدٍ يواجهه صناع الموضة لحد الآن، إلا أنها في الوقت ذاته كشفت جوانب إيجابية كثيرة كانت خفية بسبب تسارع إيقاع الحياة والجري وراء جني الأرباح. أرماني مثلاً كان من بين أول من سارعوا بتقديم تبرعات للنظام الصحي الإيطالي الذي لم يستطع استيعاب كل المصابين بـ«كوفيد - 19» في شهر أبريل (نيسان) الماضي، إضافة إلى تسخيره مصانعه لإنتاج ملابس لحماية الطواقم الطبية. كان تدخله إنسانياً وضرورياً في الوقت ذاته. يُعلق أن «جائحة (كورونا) لم تؤدِ بي إلى حد إعادة النظر في مبادئي أو أهدافي، بالعكس يمكنني القول إنها وبطريقة غير متوقعة زادت ما كنت أفكر فيه سابقاً رسوخاً ووضوحاً بأن الموضة كان لا بد لها أن تخضع لبعض التغييرات».

«المستقبل للقليل والأفضل»
كان جلياً من عرضه، أمس، أن واقعيته في التعامل مع مستجدات الحياة ومفاجآتها لم تؤثر على رؤيته لـ«هوت كوتير» كخط خاص ببيع الحلم. فالحجر الصحي والجلوس الطويل مع الذات أمور حفزت خياله، لا سيما أن هذا الخط لا يزال المهرب أو المتنفس الإبداعي الأهم لكل المصممين المتخصصين في هذا المجال من أمثاله. لا يُخفي أن نتيجة تسارع إيقاع الحياة وما فرضته من موضة سريعة كان تسابق محموم على طرح جديد في كل شهر تقريباً لاستيعاب الطلب. لهذا كان مهماً بالنسبة له «أن يأتي وقت لإعادة النظر في صناعة الموضة ككل... فقد كانت تحتاج إلى تغيير منذ زمن». من هذا المنظور يحظى خط «أرماني بريفيه» بمكانة خاصة في نفسه «فهو يخضع لعملية إبداع مختلفة، تتطلب الكثير من الحرفية بكل ما تحمله من دقة وجودة وتفرد. فكل قطعة من هذا الخط ستبقى مع صاحبتها طويلاً، كونها تصب في خانة الترف الحقيقي، وهو ما يحتاج إلى وقت وصبر لتنفيذه». وطبعاً أيضاً إلى من يتذوقه ويُقدره. فالفستان الواحد من خط «أرماني بريفيه» يمكن أن يستغرق تنفيذه أياماً، إن لم نقل أسابيع، على يد حرفيين توارثوا المهنة أباً عن جد أو تعلموها عن حب. من دون مهارات هؤلاء لا يستطيع المصمم أن يترجم أفكاره إلى شيء ملموس وملبوس، أو ينسج قصصاً تثير المشاعر والخيال، ومن تم تؤجج الرغبة في الحصول عليه. تشكيلته لربيع وصيف 2021 أمس اختزلت كل هذا، حيث جاء كل ما فيها يشير إلى أنها مطبوخة على نار هادئة وبمزاج. كانت تضج بالتفاؤل والأمل ورأي المصمم بأن «المستقبل سيكون للقليل والأفضل».
رغم التفاؤل حول مستقبل صناعة الموضة ككل و«الهوت كوتور» على الخصوص، فإن ما لا ينكره أحد أن عدد زبونات هذا الخط، تقلص بشكل كبير في العقدين الأخيرين. أغلبهن كن من الولايات المتحدة الأميركية ومنطقة الشرق الأوسط. هذا على الأقل قبل أن تظهر زبونات من عمر الزهور من أسواق نامية مثل آسيا وروسيا وجنوب أميركا. رغبتهن في التفرد كبيرة وإمكانياتهن الشرائية، لا يضاهيهما قوة سوى رغبتهن الدائمة في التجديد والجديد. ومع ذلك لا يُخفي أرماني أن منطقة الشرق الأوسط لا تزال سوقاً مهمة بالنسبة له، مؤكداً أن ولاءه للمنطقة العربية واحترامه لها شعور متبادل «فرغم أن الصين بالنسبة لصناع الترف هي المُنقذ، تبقى منطقة الشرق الأوسط، لا سيما المملكة السعودية والكويت، من أهم الأسواق التي حققنا فيها ولا نزال مبيعات جيدة. ما يُثلج الصدر أن ما تتمتع به من تذوق للفنية والإبداع سمة تتوارثها الأجيال».

الكلاسيكية المطعمة بالعصرية
في تشكيلته لربيع وصيف 2021 كان واضحاً أنه يتوق للانطلاق والانعتاق والفرح. كانت أيضاً، وبطريقة غير مباشرة، تتتبع رحلته كمصمم شق لنفسه خطاً خاصاً به يُعبر من خلاله عن شغفه بالفنية واحترامه للتقاليد، فضلاً عن تصميمه على البقاء حراً ومستقلاً نائياً بنفسه عن الصرعات الموسمية. كانت تشكيلة كلاسيكية حتى عندما تبنى التصاميم الانسيابية المنسدلة، إلا أنها أيضاً كانت عصرية تفوح من جوانبها تفاصيل شبابية حيناً من الألوان وحيناً من التطريزات أو الخطوط.
بسب ظروف «كورونا»، قدم العرض في «بالاتزو أورسيني»، معمله الواقع في قلب ميلانو. كان هذا المكان الأنسب، حسب رأيه، ففيه تولد الأفكار وترى التصاميم النور. هذه المرة أيضاً كانت الألوان فيها هادئة لكن بنفس جديد، فيما اكتسبت خطوطها ديناميكية لا تخطئها العين، سواء تعلق الأمر بانسيابيتها أو هندسية أحجامها أو تفصيلها وتفاصيلها حول العنق تحديداً. بعض الفساتين مثلاً جاءت مطرزة بسخاء ودقة محسوبة، وبعضها الآخر تميز بأحجام هدأت أحجار الكريستال من غلوائها، هذا عدا عن قمصان مفعمة بالأنوثة من الساتان يمكن أن تدخل خزانة أي امرأة فتكملها. طبعاً لم يختف التفصيل الرجالي الدقيق فيها، حيث ظهر في جاكيتات تعمد فيها أرماني أن تلامس الجسد من دون أن تشده، معتمداً في أدواته على الأقمشة الخفيفة مثل الموسلين والحرير والتول والمخمل واللاميه، كما على بعض الأقمشة الذكورية مثل الصوف والتويد حيناً آخر.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.