الأوبرا المصرية تتجاوز «الموجة الثانية» من «كورونا» بحفلات استثنائية

تقدم «أعظم المؤلفات للأبد» على مدار يومين بالمسرح الكبير

الأوبرا المصرية تتجاوز «الموجة الثانية» من «كورونا» بحفلات استثنائية
TT

الأوبرا المصرية تتجاوز «الموجة الثانية» من «كورونا» بحفلات استثنائية

الأوبرا المصرية تتجاوز «الموجة الثانية» من «كورونا» بحفلات استثنائية

تسعى دار الأوبرا المصرية لتجاوز «الموجة الثانية» من تفشي وباء «كورونا» في البلاد عبر تقديم حفلات وصفها متابعون بأنّها «استثنائية»، وذلك بعد قرار مجلس الوزراء المصري في نهاية العام الماضي المنشور بالجريدة الرسمية، والمتعلق بإلغاء حفلات رأس السنة والكريسماس والمهرجانات الفنية لأجل غير مسمى.
وعلى المسرح الكبير بالأوبرا (وسط القاهرة) تقدم فرقة أوبرا القاهرة، مساء اليوم الأربعاء، وغداً الخميس، حفلين من إخراج الدكتور عبد الله سعد، بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة، وفرقة باليه أوبرا القاهرة، وكورال أوبرا القاهرة.
ويتضمن برنامج الحفلين الذي يقام تحت عنوان «أعظم المؤلفات للأبد» تقديم مجموعة من أشهر الأعمال التي قدمها كبار المطربين العالميين ويصاحبها تابلوهات للباليه تصميم كل من أرمينيا كامل وممدوح حسن.
وسبق لفرقة أوبرا القاهرة التي تكونت رسمياً عام 1964 تقديم العديد من أشهر الأوبرات العالمية، ويضم «الريبرتوار» الخاص بها أكثر من 32 رواية أوبرالية شهيرة، كما شارك أعضاؤها في عروض ضخمة على أكبر مسارح العالم ونجحت في تكوين قاعدة جماهيرية تهتم بالغناء الأوبرالي باعتباره أحد أرقى أشكال الفنون.
الدكتور مجدي صابر، رئيس دار الأوبرا المصرية، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «بعد إلغاء الدار لحفلات الكريسماس ورأس السنة، بجانب تأجيل بعض المهرجانات الفنية لأجل غير مسمى، استجابة لتعليمات مجلس الوزراء المصري، استأنفنا عرض بعض الحفلات المهمة بتطبيق شروط صارمة لمنع تفشي العدوى، التي من بينها تحديد نسبة حضور الجمهور بأقل من 50 في المائة من الطاقة الاستيعابية لكل مسرح، وقمنا باختيار عروض لا تتطلب حضور عدد كبير من الفنانين والعمال في مكان واحد، وأجلنا عروضاً أخرى لأوقات لاحقة». ولفت إلى بث بعض الاحتفالات «أون لاين» لتحقيق استراتيجية وزارة الثقافة التي تهدف إلى وصول الخدمة الثقافية إلى قطاعات عدة من المشاهدين في ظل الجائحة.
وسجلت مصر حتى مساء أول من أمس، أكثر من 162 ألف إصابة بفيروس كورونا المستجد، بجانب أكثر من 9 آلاف حالة وفاة جراء الفيروس، حسب إحصائيات وزارة الصحة والسكان المصرية.
وبدأت دار الأوبرا المصرية التي تضم عدداً من المسارح على غرار (المسرح الكبير، والصغير، والجمهورية، وسيد درويش، بالإسكندرية، ودمنهور، ومعهد الموسيقى)، نشاطها الفني بالعام الجديد بحفل لفرقة «عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية» بقيادة المايسترو أحمد عامر، في 7 يناير (كانون الثاني) من الشهر الجاري، على المسرح الكبير، ثم حفل لأوركسترا القاهرة السيمفوني، مع عازف الفلوت مينا غابريال والباريتون رضا الوكيل، في 9 يناير من الشهر ذاته.
واستضاف مسرح الجمهورية (وسط القاهرة) في 21 من الشهر الجاري، حفلاً لفرقة «الإنشاد الديني»، التي أسسها الموسيقار الراحل عبد الحليم نويرة عام 1972، تضمن مختارات من الأعمال الروحانية من بينها: «يا سيد السادات» للشيخ محمد عبد الله، و«صلينا الفجر فين» لحسين فوزي، و«الله زاد محمد تعظيماً» لعبد العظيم محمد، و«قل لهم الله نصرني» لأحمد صدقي، و«يا رسول الله أجرنا» لمحمد ثروت، و«يا طيبة» من التراث الخليجي.
وتخصصت فرقة «الإنشاد الديني» في تقديم الأعمال والألحان الدينية وتدريب وتبني الأصوات الشابة الواعدة على الأناشيد والابتهالات الدينية بجانب مشاركتها في إحياء جميع المناسبات الدينية على مدار العام على مسارح دار الأوبرا المختلفة بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».