ساعات تشرئب نحو الشمس والقمر

معرض «ماسترز أوف تايم» يؤكد أن صناع الساعات رواد يرغبون في اختراق الفضاء الواسع

ساعات تشرئب نحو الشمس والقمر
TT

ساعات تشرئب نحو الشمس والقمر

ساعات تشرئب نحو الشمس والقمر

من الواضح أن الأفلاك والنجوم والكواكب هي التي شكلت شخصية أهم إصدارات الساعات الفاخرة في عام 2014. وليس ببعيد أن تشكل شخصيتها لعام 2015 أيضا بالنظر إلى الاهتمام المتزايد بها من جهة، وما تطلبته من أبحاث وحرفية عالية استغرقت عدة سنوات وراء الكواليس، من جهة أخرى. فبعد أن كان الاهتمام، ولا يزال إلى حد ما، منصبا على الغوص في أعماق البحار أو تسلق أعالي الجبال، أو حتى قيادة الطائرات والبواخر، نلاحظ أن صناع الساعات غيروا الدفة باتجاه السماء، بدافع رغبة محمومة في استكشاف الكون الفسيح من حولنا بطريقة جمعت علوم الجبر والرياضيات بالشاعرية التي تثيرها صور القمر والنجوم في النفس. وربما تكون مجموعة «دي إف إس» التي أصبحت لها محلات في كثير من المطارات والعواصم العالمية أكثر ما سلط الضوء على هذا الاتجاه في معرضها الأخير بهونغ كونغ. معرض أطلقت عليه عنوان «ماسترز أوف تايم»، واستعرضت فيه أكثر من 400 قطعة أقرب إلى التحف، تبارت فيها نحو 40 شركة لإظهار حرفيتها وقدراتها الإبداعية العالية، من «فان كليف أند أربلز» و«بولغاري» إلى «بريغيه»، «برايتلينغ»، «بلانبان»، «شوبارد»، «شوميه»، «فرانك مولر»، «غروبل فورسي»، «فاشرون كونستانتين»، وهلم جرا من الأسماء العالمية المشهود لها بالإبداع والابتكار في مجالات تخصصها.
يقول نائب رئيس المجموعة للتسويق العالمي، كريستوف تشاي لـ«الشرق الأوسط»، إن «اكتشاف الفضاء والكواكب أفضل طريقة لفهم البشرية، وربما هذا ما يجعل اهتمامنا حاليا بهذا المجال أكبر من ذي قبل، لأننا بتنا ندرك أننا سنفهم الكثير عن حياتنا عندما نفهم الفضاء والكواكب، بل وحتى النجوم والمذنبات». ويضيف بأن «دي إف إس» DFS تفخر بتوجهها لزبون عالمي، بغض النظر عن جنسيته أو ثقافته. كل ما نعرفه أنه زبون يفهم الرفاهية ويقدر كل ما يتعلق بها من قريب أو بعيد، سواء كان على شكل مجوهرات أو نظارات أو عطور أو ساعات يد فريدة من نوعها. لهذا نجتهد في البحث عن آخر الصيحات والابتكارات لتلبية رغبته في التميز.
وحسب ما جسده المعرض، فإن تلبية هذه الرغبات مجابة حتى وإن تطلبت حمله إلى فضاءات جديدة تتراقص في دقات العقارب الشاعرية بالحسابات والصور الفلكية.
تنظم المجموعة كل سنة معارض في عواصم عالمية منتقاة تلخص فيها خبرة 54 عاما تمخضت عنها علاقات مهمة مع المبدعين والمبتكرين في هذا المجال. وهذا ما يشرحه كريستوف تشاي بقوله إن «التطور طبيعي، لأن خبرة كل هذه السنوات لا بد أن تتجسد فيما ننتقيه، وما نحصل عليه من منتجات من شركات نتعامل معها منذ سنوات، وتربطنا بها علاقات ثقة متينة. هذا العام اخترنا عنوان (ماسترز أوف تايم)، للتأكيد على أن صناع الساعات كانوا ولا يزالون رائدين فيما يقومون به، مثلهم مثل علماء الفلك الذين كانوا يدرسون تحركات الكواكب ويجتهدون للدفع بالإبداع إلى أقصى حد، كما يتمتعون بحرفية عالية».
بدوره يؤكد بينجامين كلايمر مؤسس والرئيس التنفيذي لموقع «هودينكي» للساعات الفاخرة على أهمية هذه النقلة نحو القمر والنجوم وتسليط «دي إف إس» الضوء عليها قائلا إن «الفضاء كان ولا يزال يرتبط بمفهوم الريادة، ويجسد حرص صناع الساعات الدائم على استكشاف الجديد والغوص في المجهول، سواء بالتوصل إلى حركات أو تصاميم جديدة أو خامات غير مسبوقة». ويعلق بأن كل هذه الأمور مقدور عليها، لكن «أن تجعل هذه التحف تكتسب نبضا قويا، فإن هذا يحتاج إلى قدرات هائلة يصعب وصفها. عندما أنظر إلى ساعتي، مثلا، فأنا لا أتعامل معها على أنها مجرد أداة لقراءة الوقت، بل على أنها تتويج لتطور تكنولوجي عبر عدة قرون من التغيرات الاجتماعية والثقافية».
وهذا بالضبط ما تستعرضه شركات متمرسة مثل «فان كليف أند أربلز»، عندما طرحت مجموعة ساعات «بويتيك كومبليكايشن»، وتحديدا ساعة «ميدنايت بلانيتاريوم» بتعقيداتها الشاعرية. ساعة اختزلت الفضاء في علبة يد صغيرة تمثل النظام الشمسي وحركة الكواكب الـ6؛ الأرض، وعطارد، والزهرة، والمريخ، والمشتري، وزحل، وهي تدور حول الشمس. من الواضح أنها، بشاعريتها وتعقيداتها، لا تستهدف زبونا يركز على الساعة كوسيلة لقياس الوقت، فسحرها يكمن في تعقيداتها، بدءا من الأقراص ذات اللون الأزرق الداكن إلى الدقائق البراقة، التي مع الزخارف النحاسية الدقيقة وحركة الدوران بسرعات مختلفة، تثير الشعور بأن النجوم المتلألئة تتحرك في السماء ليلا. أسرع الكواكب، عطارد، مثلا، يدور حول الشمس ذات اللون الذهبي الوردي في منتصف الساعة مرة واحدة كل 88 يوما، بينما سيتعين عليك الانتظار 29.5 لرؤية زحل يكمل دورة كاملة حول مينا الساعة.
ويرمي هذا النوع من الساعات إلى عكس بعض من السحر الذي غلف محاولات الإنسان السابقة رسم خريطة للسماء ليلا. فخلال القرنين الـ17 والـ18، كانت أكثر الكتب العلمية دقة عن علم الفلك عبارة عن إبداعات تنضح بالجمال، وتحوي عناصر فنية وشعرية لوصف الكواكب ومحاكاة حركتها.
والآن، نجحت صناعة الساعات في رسم صورة مصغرة من علم الفلك خلال القرن الـ17 ووضعها حول الرسغ. بل ويؤكد كريستوف تشاي أن «هناك ساعات تعود إلى القرن الـ11 تتطرق إلى موضوع الزمن والفضاء، وهذا أمر مفهوم، لأنهما موضوعان ارتبطا ببعض منذ بداية الكون تقريبا. وطبعا مع مرور الوقت وتطور علوم الرياضيات والاكتشافات، زاد هذا الاهتمام، خصوصا أنه كلما غصنا في هذا المجال، أدركنا أننا ما زلنا نجهل الكثير». وفي ظل عالم يعج بالمتغيرات السريعة، تبث فكرة ساعة من شأنها أن تتوقع أحوال السماء والكواكب، وتربط تواصلا بين مرتديها وعالم بعيد، شعورا بالاطمئنان والسكينة. وهذا تحديدا هو ما جذب شركة «آي دبليو سي شافهاوزن» لهذه النوعية من الساعات. فرغم شهرة الشركة بتصميم الساعات الرياضية عالية الأداء، بدأت في تحويل اهتمامها لحاجة الإنسان للتواصل مع الكون. منذ عامين، استعرضت قدرتها الفنية بطرحها ساعة «بورتوغيز سيدرالي سكافوسيا»، وهي أشبه بمرصد مصغر حول الرسغ، يحمل خريطة للسماء ليلا. وقد استغرق علماء الشركة قرابة عقد من الزمن لإنجاز تصميمها.
دار «كارتييه» لم يكن من الممكن أن تتخلف عن الركب، وأطلقت بدورها ساعة تحمل مؤشرا يكشف أطوار القمر، تحمل اسم «روتوند دو كارتييه إرث آند مون توربيون». بضغطة زر، ينزلق قرص يحمل لون أزرق سماوي عبر فتحة عند علامة الساعة السادسة التي توضح التوربيون، مما يخلق شكلا هلاليا، أو تغطيه تماما وتوفر عرضا بصريا للقمر ليلا، وهو حل سحري يحمل البصمة المميزة لـتصاميم الدار.
في المقابل، تحمل ساعة «ريتشارد لانغه بربتشوال كالندر تيرالونا» ساعة «Terraluna RICHARD LANGE PERPETUAL CALENDAR (175.00 جنيه إسترليني) لمسة واقعية وعملية واضحة. أفضل ما تتميز به أن تعقيداتها لا تظهر إلا بعد قلبها لكشف ظهرها الذي يجسد تصويرا دقيقا لنصف الكرة الشمالي، لكن بالإمكان رؤية ابتكار تقني مثير على جانب محرك الساعة، يظهر فيه موقع القمر بالنسبة إلى الأرض والشمس. يتكوّن العرض من 3 أقراص، على القرص السماوي المرصّع بالنجوم، يُرى القمر من خلال نافذة مستديرة وهو يدور حول الأرض بعكس اتجاه عقارب الساعة مرة واحدة في الشهر. تستنسخ الآلية الشهر القمري المكوّن من 29 يوما و12 ساعة و44 دقيقة و3 ثوانٍ بشكل دقيق جدا بحيث يستغرق الأمر 1058 سنة قبل أن يحتاج العرض إلى التصحيح ليوم واحد. تحتها، يدور القرص القمري، مُظهرا قمرين جديدين مدورين. يمكن ملاحظة تقدم أطوار القمر من خلال نافذة في القرص السماوي. في مشهد الكوكبة، يشغل مكان الشمس ميزان الساعة. في الأيام التي يكون فيها القمر هلالا، يقف القمر المظلم بين الأرض والشمس. إنه يبدو ككرة سماوية متلألئة على الجانب الآخر من الأرض في الأيام التي يكون فيها القمر بدرا. وبالتالي، يتم الإشارة إلى مكان وطور القمر في وقت واحد. في وسط العرض، تدور الأرض حول محورها الخاص مرة واحدة يوميا. إنه وقت النهار على النصف الذي يواجه الشمس، أو ميزان الساعة، والليل من الجهة الأخرى. يوفر المقياس المدرج للـ24 ساعة، الذي يحيط بمينا الساعة إشارة للوقت من اليوم لنصف الكرة الشمالي.
خلال سبتمبر (أيلول) من هذا العام طرحت دار «فاشرون كونستانتين» بدورها ساعتها الفلكية «ماتر كابينوتيير أسترونوميكا»، التي تتمتع بالعديد من الوظائف، منها تكرار الدقائق وتوربيون وتقويم أبدي وتحديد الزمن وحفظ الطاقة وتحديد أوقات الشروق والغروب، كما تتضمن خريطة للسماء على ظهرها تستعرض الأوقات التي تكون فيها الأرض أكثر بعدا عن الشمس وأطوار القمر والمواسم والأبراج الفلكية. وتجدر الإشارة إلى أن «فاشرون كوستانتين» ابتكرت في عشرينات القرن الماضي عددا من ساعات الجيب الفلكية، كانت واحدة منها من نصيب فؤاد الأول، ملك مصر. ويعلق كريستوف تشاي بأنه بعد كل هذه الإصدارات المتميزة، التي تجعل البعض يحتاج إلى دروس في علم الفلك وتحركات النجوم، فإن المستقبل مفتوح أمام صناع الساعات. المشكلة أنه بات عليهم أن يبحثوا تحديات جديدة وغير مسبوقة، وهذا يعني أنه على صناع الساعات والحرفيين أن يتمتعوا بكفاءة عالية في الرياضيات والعلوم وليس فقط في جمع المكونات الدقيقة ورصها بطريقة محسوبة. «فالتحدي الكبير أمام صناع الساعات السويسرية حاليا يبقى مواجهة التطور التقني الذي تشهده الهواتف الذكية»، حسبما يقول، مضيفا: «الهواتف قد تكون عملية لكن لا يمكن مقارنتها بالساعات وما تثيره من عواطف في نفس صاحبها. مما لا شك فيه أن الساعات الفاخرة تختلف تماما عن الساعات الذكية، ورغم أن كلتا الصناعتين ستستمر في البحث والتطوير لاستهداف الزبائن واستقطابهم، فإنني واثق بأن صناعة الساعات الفاخرة ستبقى صامدة أطول، لأنها بمثابة رمز أبدي في علبة صغيرة».
لا يختلف اثنان على أن الابتكار هو الدافع الأول لهذه الشركات على طرح هذه الإبداعات، وهو أيضا المحفز لهم لاستثمار الجهد والبحث لإنتاج ساعات راقية وفريدة من نوعها، من دون أن ننسى دور الزبون في تأجيج هذا الاهتمام والتشجيع على المزيد من الأبحاث والتطويرات، خصوصا بعد أن فتحت شهيته على الاستثمار البعيد المدى. ومن الجدير بالذكر أن معرض «ماسترز أوف تايم» في هونغ كونغ - ماكاو سيمتد إلى 28 فبراير (شباط) المقبل.



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.