«العدالة والتنمية» المغربي يرفض عقد مؤتمر لمحاسبة العثماني

نبه إلى «مخاطر التطبيع»... وأكد استمراره في دعم الشعب الفلسطيني

رئيس الحكومة سعد الدين العثماني (ماب)
رئيس الحكومة سعد الدين العثماني (ماب)
TT
20

«العدالة والتنمية» المغربي يرفض عقد مؤتمر لمحاسبة العثماني

رئيس الحكومة سعد الدين العثماني (ماب)
رئيس الحكومة سعد الدين العثماني (ماب)

أعلن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي، متزعم الائتلاف الحكومي (أعلى هيئة تقريرية في الحزب)، أمس، انخراطه الدائم وراء العاهل المغربي الملك محمد السادس «للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية للمملكة، وسيادتها على الصحراء المغربية». لكنه شدد في الوقت نفسه على مواقف الحزب «المبدئية الثابتة والراسخة»، ودعمه ومساندته القوية «لكفاح الشعب الفلسطيني البطل، ونضاله ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم».
وجاء في البيان الختامي للدورة العادية للمجلس الوطني، التي انعقدت يومي السبت والأحد الماضيين، عن بعد، أن الحزب مستمر في دعم الشعب الفلسطيني «من أجل الحرية وجلاء الاحتلال وحق العودة، واسترجاع حقوقه غير القابلة للتصرف، وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، مجدداً تأكيده على «إدانة الحزب ورفضه المطلق لما سمي بصفقة القرن»، ونبه «لمخاطر الاختراق التطبيعي على النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلادنا».
جاء هذا الموقف بعد نقاش حاد عرفه اجتماع المجلس الوطني للحزب، حول توقيع سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، على اتفاق التطبيع مع إسرائيل في 22 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقال مصدر مطلع في الحزب إن العبارة التي وردت في البيان «مخاطر التطبيع» كانت محل جدل، بعد تحفظ العثماني عليها، لأنه هو الذي تولى، كرئيس للحكومة، التوقيع على اتفاق التطبيع. مشيراً إلى أن رغبة العثماني كانت أن يتم الاكتفاء فقط بتأكيد استمرار الحزب في دعم الفلسطينيين، لكن المجلس الوطني لجأ إلى التصويت ضد رغبة العثماني، فتم إدراج هذا الموقف في البيان لإطفاء غضب قواعد الحزب الغاضبة من توقيع العثماني.
إلا أن المجلس الوطني رفض من جهة أخرى، وبأغلبية كبيرة، عقد مؤتمر استثنائي للحزب لمحاسبة العثماني على توقيعه على اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل، وهو الطلب الذي تقدمت به مجموعة من أعضاء المجلس الوطني، بهدف التمهيد للإطاحة به. وقال مصدر في الحزب إن أغلبية أعضاء المجلس لم يروا فائدة في عقد مؤتمر استثنائي لأنه سيكون صعباً عقده «عن بعد» في ظل ظروف الجائحة. كما أن الحزب مطالب بالاستعداد للانتخابات المقررة هذا العام، وأنه سيكون من غير المفيد عقد مؤتمر استثنائي وتغيير القيادة، في حين أن الحزب على أبواب الانتخابات.
وشكل هذا الموقف، حسب المصدر ذاته، «تأكيداً للثقة في العثماني». مضيفاً أن أغلبية أعضاء المجلس الوطني «تفهموا المبررات»، التي قدمها العثماني، والتي مفادها بأنه تصرف كرئيس للحكومة، وأنه لا يمكن أن يدخل في تناقض مع اختيارات الدولة وتوجهات الملك، وتأكيده أنه «لا تغيير في مواقف الحزب تجاه القضية الفلسطينية».
في سياق آخر، دعا المجلس الوطني للحزب في بيانه إلى إطلاق «مبادرة سياسية لمزيد من تعزيز مناخ الثقة»، وتوفير الأجواء المناسبة لبث «نفس سياسي وحقوقي جديد، يرمي إلى إيجاد الصيغة المناسبة لإطلاق سراح المحكومين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية والصحافيين المعتقلين». وسجل أيضاً قلقه بشأن بعض المقترحات، التي ترمي إلى «التراجع الحاصل عن عدد من المكاسب الديمقراطية»، المرتبطة بالقوانين الانتخابية من قبيل إلغاء العتبة الانتخابية، أو تقليص حالات اعتماد النظام اللائحي، أو تغيير أساس احتساب القاسم الانتخابي، وعبر الحزب عن رفضه لهذا «التراجع».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.