«العدالة والتنمية» المغربي يرفض عقد مؤتمر لمحاسبة العثماني

نبه إلى «مخاطر التطبيع»... وأكد استمراره في دعم الشعب الفلسطيني

رئيس الحكومة سعد الدين العثماني (ماب)
رئيس الحكومة سعد الدين العثماني (ماب)
TT

«العدالة والتنمية» المغربي يرفض عقد مؤتمر لمحاسبة العثماني

رئيس الحكومة سعد الدين العثماني (ماب)
رئيس الحكومة سعد الدين العثماني (ماب)

أعلن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية المغربي، متزعم الائتلاف الحكومي (أعلى هيئة تقريرية في الحزب)، أمس، انخراطه الدائم وراء العاهل المغربي الملك محمد السادس «للدفاع عن الوحدة الوطنية والترابية للمملكة، وسيادتها على الصحراء المغربية». لكنه شدد في الوقت نفسه على مواقف الحزب «المبدئية الثابتة والراسخة»، ودعمه ومساندته القوية «لكفاح الشعب الفلسطيني البطل، ونضاله ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم».
وجاء في البيان الختامي للدورة العادية للمجلس الوطني، التي انعقدت يومي السبت والأحد الماضيين، عن بعد، أن الحزب مستمر في دعم الشعب الفلسطيني «من أجل الحرية وجلاء الاحتلال وحق العودة، واسترجاع حقوقه غير القابلة للتصرف، وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، مجدداً تأكيده على «إدانة الحزب ورفضه المطلق لما سمي بصفقة القرن»، ونبه «لمخاطر الاختراق التطبيعي على النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلادنا».
جاء هذا الموقف بعد نقاش حاد عرفه اجتماع المجلس الوطني للحزب، حول توقيع سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، على اتفاق التطبيع مع إسرائيل في 22 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وقال مصدر مطلع في الحزب إن العبارة التي وردت في البيان «مخاطر التطبيع» كانت محل جدل، بعد تحفظ العثماني عليها، لأنه هو الذي تولى، كرئيس للحكومة، التوقيع على اتفاق التطبيع. مشيراً إلى أن رغبة العثماني كانت أن يتم الاكتفاء فقط بتأكيد استمرار الحزب في دعم الفلسطينيين، لكن المجلس الوطني لجأ إلى التصويت ضد رغبة العثماني، فتم إدراج هذا الموقف في البيان لإطفاء غضب قواعد الحزب الغاضبة من توقيع العثماني.
إلا أن المجلس الوطني رفض من جهة أخرى، وبأغلبية كبيرة، عقد مؤتمر استثنائي للحزب لمحاسبة العثماني على توقيعه على اتفاق استئناف العلاقات مع إسرائيل، وهو الطلب الذي تقدمت به مجموعة من أعضاء المجلس الوطني، بهدف التمهيد للإطاحة به. وقال مصدر في الحزب إن أغلبية أعضاء المجلس لم يروا فائدة في عقد مؤتمر استثنائي لأنه سيكون صعباً عقده «عن بعد» في ظل ظروف الجائحة. كما أن الحزب مطالب بالاستعداد للانتخابات المقررة هذا العام، وأنه سيكون من غير المفيد عقد مؤتمر استثنائي وتغيير القيادة، في حين أن الحزب على أبواب الانتخابات.
وشكل هذا الموقف، حسب المصدر ذاته، «تأكيداً للثقة في العثماني». مضيفاً أن أغلبية أعضاء المجلس الوطني «تفهموا المبررات»، التي قدمها العثماني، والتي مفادها بأنه تصرف كرئيس للحكومة، وأنه لا يمكن أن يدخل في تناقض مع اختيارات الدولة وتوجهات الملك، وتأكيده أنه «لا تغيير في مواقف الحزب تجاه القضية الفلسطينية».
في سياق آخر، دعا المجلس الوطني للحزب في بيانه إلى إطلاق «مبادرة سياسية لمزيد من تعزيز مناخ الثقة»، وتوفير الأجواء المناسبة لبث «نفس سياسي وحقوقي جديد، يرمي إلى إيجاد الصيغة المناسبة لإطلاق سراح المحكومين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية والصحافيين المعتقلين». وسجل أيضاً قلقه بشأن بعض المقترحات، التي ترمي إلى «التراجع الحاصل عن عدد من المكاسب الديمقراطية»، المرتبطة بالقوانين الانتخابية من قبيل إلغاء العتبة الانتخابية، أو تقليص حالات اعتماد النظام اللائحي، أو تغيير أساس احتساب القاسم الانتخابي، وعبر الحزب عن رفضه لهذا «التراجع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».