يسري نصر الله: أُخرج أفلامي بشغف لكنني فاشل في التمثيل

أكد المخرج المصري يسري نصر الله أن فترة تحضير أفلامه تعد من أصعب المراحل التي تواجهه، إذ إنه يعيش تفاصيلها حالياً مع أحدث أفلامه «أسطورة زينب ونوح» الذي يبدأ تصويره في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهو المشروع الذي حصل به على 3 جوائز من منصة مهرجان القاهرة السينمائي. ووصف نصر الله، في حواره مع «الشرق الأوسط»، دعم المنصات للأفلام بأنه مثل «القاطرة» التي تدفع بالقطار، وتشجع ممولين آخرين على الدخول في إنتاج الأعمال، رغم أنه لا يمثل أكثر من 5 في المائة من ميزانية الفيلم.
ويعد يسري نصر الله أحد تلاميذ المخرج الكبير الراحل يوسف شاهين، حيث تتلمذ على يديه، وعمل مساعداً له في فيلمي «وداعا بونابرت» و«القاهرة منورة بأهلها». كما شارك في كتابة سيناريو فيلمه «الإسكندرية كمان وكمان».
وأخرج نصر الله على مدى ثلاثين عاماً 9 أفلام فقط، شاركت في كبرى المهرجانات الدولية، على غرار: «المدينة» و«مرسيدس» و«باب الشمس» و«جنينة الأسماك» و«بعد الموقعة» و«احكي يا شهرزاد» و«الماء والخضرة والوجه الحسن».
ولأول مرة، يواجه المخرج الكبير فكرة تقديم فيلمه، ومحاولة إقناع الحضور بأنه فيلم جيد يستحق الدعم. وكما يقول: «الفكرة كلها أنه بعد ثلاثين عاماً من عملي، أقف أمام لجنة أحاول إقناع أعضائها بأن هذا مشروع جاد، وأنني قادر على تنفيذه. قبل ذلك، كنا نتقدم بمشروعات أفلامنا، سواء في برلين من خلال (صندوق سينما العالم) أو في فرنسا من خلال (صندوق دعم سينما الجنوب)، وتقرأه لجنة، ثم تقرر موقفها منه. والحقيقة أنني لم أشعر بالضيق من ذلك، ولم يكن يهمني أن أتحدث عن نفسي، بل كان لدي رغبة حقيقية في تقديم المؤلف أحمد الزغبي والمنتج علي العربي، بصفتهما شابين جادين جداً، ولديهما حماس كبير، لكن تمويل المهرجانات عموماً أراه مثل القاطرة التي تدفع بالقطار، رغم أنه لا يشكل أكثر من 5 في المائة من ميزانية الفيلم، لكنه يشجع ممولين آخرين على النظر للمشروع بجدية أكبر. كما كتبت مجلة (فارايتي) عن الفيلم، واهتمت به شركات إنتاج خاصة في مصر».
- «أسطورة زينب ونوح»
يتناول فيلم «أسطورة زينب ونوح» رحلة فتاة وشاب مراهقين ينطلقان من قريتهما البعيدة، في الليل والضباب والسيول. وخلال هذه الرحلة، يكتشفا العالم. وكما يقول نصر الله: «هي فكرة قريبة مني، وأحب هذه النوعية من الأفلام، فهي واقعية جداً وخيالية جداً. وقد قابلت مؤلفه في مؤسسة (سيما)، مع المخرجين أحمد نادر وخالد دياب، بعدما دعوني لتقديم محاضرتين عن الإخراج السينمائي، وأرسل لي أحمد السيناريو لأقرأه، فانبهرت به، وشعرت أنه قريب من عالمي، فهو كاتب موهوب جداً».
ودخل المخرج الكبير مرحلة تحضير الفيلم التي يراها الأهم والأصعب، إذ إنها تتضمن الاستقرار على الصيغة النهائية، والشكل العام للفيلم، واختيارات الممثلين وتدريبهم، خصوصاً بطليه، وهما فتاة عمرها 12 سنة، وولد عمره 15 سنة، يجري اختيارهما من الأقاليم (خارج القاهرة). ويؤكد نصر الله: «أخترت الفتاة، وما زلنا نبحث عن الشاب، وسوف يخضعا لفترة تدريب على التمثيل. كما أن الفيلم به مؤثرات خاصة كثيرة لا بد من دراستها، وتحديد كيفية تنفيذها، وكذلك معاينة أماكن التصوير، وتستغرق هذه الفترة ما لا يقل عن 6 أشهر، بينما فترة التصوير تستغرق من 6 إلى 8 أسابيع».
وخاض يسري نصر الله، أخيراً، تجربة الإخراج التلفزيوني، عبر إحدى حلقات مسلسل «نمرة 2» التي لعب بطولتها منى زكي وأحمد صلاح السعدني، وكتبت السيناريو لها مريم نعوم. ويقول نصر الله عن هذه التجربة: «لم أرفض في أي وقت الإخراج التلفزيوني، فهناك مخرجين أهم مني بكثير عملوا في التلفزيون، مثل ديفيد لينش وسكورسيزي، إنما الفكرة عندي في أسلوب العمل. ففي الحلقة التي أخرجتها، توافرت لي فرصة جيدة للتحضير والتصوير، والممثلون تفرغوا لها، لذلك أحببت التجربة، وكنت أشعر بالحماس والبهجة أنفسهما، لكن اعتراضي يكون دائماً على أسلوب العمل في مسلسلات غير مكتملة السيناريو، والعمل لعدد ساعات غير آدمية، مع ممثلين مرتبطين بعدة أعمال، وبدء العرض خلال التصوير، وهي أجواء غير مناسبة، رغم أن هناك أعمالاً جيدة خرجت في ظروف مشابهة».
وعن تأثير وباء «كورونا» على السينما، يؤكد نصر الله: «لا شك أن هناك حالة ارتباك كبيرة في الصناعة في كل أنحاء العالم من إغلاق دور العرض أو عملها بنصف طاقتها. والشركات الكبيرة تأثرت، لكن دور العرض الصغيرة أفلست، والإنتاج تراجع. كما أن هناك دعوات للبقاء في البيت، وهذا يؤثر بدوره على الصناعة، وعلى البشر أيضاً».
وقد عرضت منصة «نتفلكس» العالمية، أخيراً، ثلاثة أفلام للمخرج المصري، وهي: «مرسيدس» و«سرقات صيفية» و«المدينة»، وهو ما أسعده جداً، حيث يقول: «هذه الأفلام عرضت على نطاق ضيق، وتعرضت بعض مشاهدها للحذف، لكن جاء عرضها على نتفلكس كاملة، وبنسخ جيدة، ما أتاح مشاهدتها لأجيال جديدة. وأرى أن ظهور المنصات ساهم في كسر احتكارات سياسية معينة لمحطات التلفزيون، لكنها تتطلب حنكة شديدة في التعامل، لأن لكل منصة أيضاً سياستها التحريرية».
- مغامرة وشغف
ويصف نصر الله شعوره وهو يستعد لفيلمه الجديد، قائلاً: «كل فيلم يعد مغامرة جديدة وتحدياً أكبر، وكأني أدخل إلى المجهول، بكل ما فيه من قلق وشغف وخوف وحماس. وأحتاج فترة من عامين إلى ثلاثة أعوام بين فيلم وآخر، لكن نحن في ظرف صعب جداً، بين كورونا واحتكار الإنتاج والتوزيع، لكن الأهم أن أجد الموضوع الذي يستهويني، والناس الذين يساعدونني على تنفيذه، من دون أن يحولوه إلى مشروع آخر».
ويرى نصر الله أن 9 أفلام في مشواره لا تمثل بالنسبة له شيئاً، مؤكداً: «لم يحدث أن صورت فيلماً مضطراً، بل أخرجتها كلها بشغف كبير، وفيلمي مع الراحل وحيد حامد (احكي يا شهرزاد) هو أكثر فيلم حقق إقبالاً جماهيرياً. أما سيناريو فيلم (الماء والخضرة والوجه الحسن)، فكنت أفكر فيه منذ عام 1995 لأنني أحب الطهي، وأردت تقديم فيلم عن عالم الطباخين لأنهم فنانين، وهو فيلم قريب جداً لقلبي».
ويعتز يسري نصر الله بكون يوسف شاهين أستاذه، ويقول عنه: «يوسف كان يعشق عمله، ولديه نظرة للعالم، وأسلوب عمله أكثر ما أحببته، فهو يحضر جيداً للفيلم، وهو دقيق جداً في عمله، ولديه شغف شديد بالسينما. كما كانت لديه القدرة على تعليم الآخرين، وكان يحب التمثيل، بل إنه دخل السينما لشغفه به، لكنني أعد نفسي فاشلاً تماماً في التمثيل».