«أثر الحوار في مكافحة التطرف» أمام مؤتمر ديني بالقاهرة

يناقش «قضايا التجديد» و«احترام الخصوصية»

TT

«أثر الحوار في مكافحة التطرف» أمام مؤتمر ديني بالقاهرة

فيما تُحضر وزارة الأوقاف المصرية لمؤتمر ديني حول «الحوار بين الأديان» و«مكافحة التطرف والتشدد»، يرى مراقبون أن هذا المؤتمر «يأتي ضمن الجهود المصرية في نشر ثقافة التعايش، واحترام الآخر، وتجديد الخطاب الديني».
وقال مصدر في «الأوقاف» إن المؤتمر يشمل محاور عن «مفهوم الحوار، وعلاقة الحوار بقضايا التجديد، واحترام خصوصية الآخر، ودور الحوار في مكافحة التطرف والإرهاب».
كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد دعا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى «صياغة عمل جماعي على المستوى الإقليمي والدولي للتصدي لـ(خطاب الكراهية والتطرف)، باشتراك المؤسسات الدينية المختلفة من جميع الأطراف، قصد نشر قيم السلام الإنساني».
وحسب «الأوقاف المصرية» فإن المؤتمر «يأتي في إطار دعوة الرئيس السيسي الدائمة للحوار الهادف، وضرورة إحلال لغة الحوار محل لغة الصدام»، مؤكدة «ضرورة أن يقوم الحوار على أرضية إنسانية، تراعي الحفاظ على أمن الجميع، وتعمل على تحقيق السلام والإخاء الإنساني، وتحترم الخصوصية الدينية والثقافية للآخرين».
ويرعى الرئيس السيسي المؤتمر، الذي ينظّمه «المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية» بوزارة الأوقاف، في القاهرة خلال الفترة المقبلة، وفق ضوابط وإجراءات احترازية للوقاية من فيروس «كورونا». ولفت المصدر في «الأوقاف» إلى أن «المؤتمر سوف يشهد مشاركة شخصيات دينية من مختلف دول العالم، بهدف التصدي لخطاب الكراهية والتطرف، ونشر قيم السلام في العالم».
وسبق أن أكد السيسي أن «هناك ضرورة للتركيز على نشر قيم التعايش بين المنتمين للأديان المختلفة، عبر الحوار والفهم والاحترام المتبادل، وعدم المساس بالرموز الدينية».
في سياق آخر، تستعد «الأوقاف المصرية» لإطلاق منصة إلكترونية خاصة بـ«الإعجاز الرباني في الكون»، مهمتها «نشر مواد مقروءة ومرئية لإبراز مظاهر قدرة الله في الخلق ونشر الثقافة العلمية». وحسب المصدر في «الأوقاف» فإن «المنصة الجديدة تهدف إلى تعميق الحس الإيماني، والتحصين من أي أفكار متطرفة أو متشددة، يطلقها بعض التيارات والجماعات».
وأوضح المصدر نفسه أن «المنصة الإلكترونية تعمل إلى جانب (لجنة الإعجاز الرباني)، التي تم تشكيلها أخيراً من متخصصين وشخصيات علمية بمختلف الجامعات المصرية، وتهدف إلى عقد دورات متخصصة وعلمية وثقافية وإصدار كتيبات لبناء الوعي».
في غضون ذلك، قال مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، إن الجماعات الإرهابية «تسعى إلى تقويض دعائم الأمن والاستقرار وإشاعة الفوضى في البلاد، عبر تكثيف الدعوات التحريضية، والترويج للإشاعات، والأخبار المغلوطة لمحاولة تشويه مؤسسات الدولة المصرية».
وأشاد مرصد «الإفتاء» في بيان له أمس، بالجهود الأمنية، التي تقوم بها وزارة الداخلية المصرية لـ«حفظ الأمن والاستقرار، وقطع الطريق أمام مخططات التخريب في البلاد»، موضحاً أن «جهود الداخلية كشفت المخططات والأجندات الإرهابية، التي حاولت استحداث (كيانات إلكترونية) بهدف استقطاب العناصر المتأثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذا رصد عناصر لتنظيم (الإخوان) قاموا بإنشاء قنوات مغلقة على (تليغرام) بهدف تكليف بعض الأفراد للقيام بأدوار محددة تتعلق بنشر الإشاعات». ولفت المرصد إلى أن «هذا يؤكد نهج التنظيم (الذي تصنفه السلطات المصرية إرهابياً) في إثارة الفوضى، ويتشابه مع أنماط وأساليب الجماعات الإرهابية الأخرى، مثل (القاعدة)، و(داعش) في تجنيد عناصر جديدة، والتحريض على إثارة الفوضى فيما يُعرف بالإرهاب الإلكتروني».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.