عيون معمارية زرقاء تغازل ملتقى النيلين في عاصمة السودان

خبير عمارة فرنسي: الخرطوم جميلة لولا القصر الرئاسي

ملتقى النيلين في الخرطوم  .. وفي الاطار المهندس الفرنسي ميشال كانتال
ملتقى النيلين في الخرطوم .. وفي الاطار المهندس الفرنسي ميشال كانتال
TT

عيون معمارية زرقاء تغازل ملتقى النيلين في عاصمة السودان

ملتقى النيلين في الخرطوم  .. وفي الاطار المهندس الفرنسي ميشال كانتال
ملتقى النيلين في الخرطوم .. وفي الاطار المهندس الفرنسي ميشال كانتال

تغزل مهندس العمارة ومخطط المدن الفرنسي ميشال كانتال دوبار في جمال موقع حاضرة السودان «الخرطوم»، ووصفها بـ«المدينة المحظوظة» لأنها تقع عند ملتقى نهرين عند «المقرن»، إذ يلتقي عندها النيلان الأبيض والأزرق ليكونا «نهر النيل» الأسطوري المقدس، بيد أن المعماري الفرنسي رأى أن مكان القصر الرئاسي يحجب النهر، ويتجاهل حاجة الناس للاقتراب والاستمتاع به.
يقول كانتال الذي أتى في زيارة إلى المدينة استغرقت زهاء أسبوع، إنه التقى في زيارته مختصين في الهندسة والمعمار والتخطيط الحضري، وقدم محاضرتين في جامعة الخرطوم وجامعة المستقبل، وأثار حوارا بناء مع طلاب الجامعتين وأساتذتها ومع مهندسين ومختصين مهمومين بمدينتهم.
ويضيف كانتال: «كنت أعلم فقط أن الخرطوم مدينة كبيرة، ثاني أو ثالث مدينة في أفريقيا من حيث المساحة». ويوضح: «لكني فوجئت بجمال موقعها وفرادتها وإحاطة الأنهر بها كما السوار، وسباني موقعها في قلب البلاد بما يؤهلها للإحاطة بكل شيء».
ويمضي كانتال في شرح سر إعجابه بالخرطوم بالقول: «المدن التي تلتقي عندها الأنهار عادة تكون ملتقى تجمعات بشرية وثقافية، مما يجعل المكان متفردا، وهذا بالضبط ما عنته المدينة بالنسبة لي».
ويعمل المهندس ميشال كانتال دوبار مخططا عمرانيا، ومديرا لتخطيط المدن متعددة التخصصات في باريس، ومحاضرا في المعهد الوطني الفرنسي للفنون والحرف، وحاز كرسي «التخطيط العمراني والبيئة»، فضلا عن عمله مستشارا في وكالة الأراضي والتقانة لتنفيذ مشروع «باريس الكبرى»، مما يجعل من زيارته للخرطوم التي يطلق عليها أهلها «كرش الفيل» من شدة اكتظاظها وعشوائيتها.
وتعاني «كرش الفيل» مثلها مثل المدن الفقيرة، الاكتظاظ وسوء التخطيط، وتأتي زيارة المعماري الفرنسي الشهير لبحث آفاق جعلها أكثر جمالا، فالتقى رصفاءه من المهندسين والمعماريين، ورافقوه في جولات حول الخرطوم لستة أيام، طاف خلالها مدن المدينة وأحياءها المختلفة.
ويطلق سكان الخرطوم وأهل السودان على مدينتهم «العاصمة المثلثة»، لأن النهرين والنيل يقسمانها إلى 3 مدن «الخرطوم، الخرطوم بحري، أم درمان».
لكل من هذه المدن الثلاث ميزاتها وفرادتها، كأنها تكمل الأخرى وتسد نقصها، فالخرطوم هي العاصمة الرسمية والتجارية والعملية، أما أم درمان فهي العاصمة الوطنية التي تجمع ثقافات الوطن في مكانها، أما الخرطوم بحري فكأنها ضيعة من الهدوء بمواجهة صخب المدينتين وضجيجهما.
أول ما لفت نظر المعماري الفرنسي هو علاقة الناس بشاطئ النهر، يقول: «أكثر ما أثار اهتمامي في المدينة تنوع شواطئها وعلاقة الإنسان بالشواطئ التي تختلف من ضفة لأخرى ومن منطقة لأخرى، وما إن كانت على النيل الأزرق أو الأبيض أو حول جزيرة توتي».
ورغم أنه قال إن المدينة سبته، فإن كانتال حذر من انفجارها الوشيك، قال: «الخرطوم مدينة كبيرة وجميلة، لكنها مهددة بالانفجار لأنها تواجه مشكلة وشيكة في حركة السير». وأضاف: «نظام المواصلات رائع لكنه يفتقر للتنظيم، تختلط فيه الحافلات والركشات والعربات التي تجرها الدواب (كارو)، ما يخلق ربكة عظيمة، هذه مدينة ينقصها مركز يتجمع فيه الناس ليختار فيه الكل وجهته الأخيرة».
وتعاني الخرطوم حسب المعماري الفرنسي ضعف قدراتها في إبراز جمالها والزهو به، يقول: «فيها مبان قديمة وحديثة، لكن جماليتها لا تبرز بشكل كاف».
ويوضح المعماري الفرنسي أن «جزيرة توتي»، وتوتي جزيرة تقع في منتصف النيل وقرب ملتقى النيلين، وفي قلب الخرطوم في موقع فريد يقل مثيله في العالم، عمرانها المبني من «الطوب الأحمر» لا مثيل له، لكن الناس لا يرون جمالها لأنهم سكانها، ويضيف: «أنا مثلا قد لا أرى جمال مدينتي كما يراه الآخرون».
ولا يرى كانتال في اكتظاظ الخرطوم مشكلة، يقول: «المدن عادة تستقطب الهجرات، وهذا ليس مقصورا على الخرطوم وحدها، ولا أعرف مدينة تركها الناس وذهبوا إلى أمكنة أخرى».
ويضيف: «كان الباريسيون يحملون الخوف ذاته حين بدأت الهجرات من برايتون، لكن هذا ما صنع باريس».
ونوه الرجل باختلال علاقة سكان الخرطوم بالنهر، بالقول: «إن الناس هنا لا يستمتعون بالنهر بما يكفي، كما أن المباني تسده عن غالبهم». ويضيف: «أهل الخرطوم لا يحبون سكنى القصور، لأنهم يرغبون في التواصل».
ولا يعتبر كانتال الهجرة إلى المدينة مشكلة، لأن المدينة تستطيع تشكيل الناس بما يتناسب مع تقاليدها، ويقول: «المدينة مأخوذة من (بوليس) وتعني المهذب، فالمدن قادرة على تهذيب ساكنيها وقولبتهم بما يتناسب معها، ففي القرى الصغيرة مثلا يتبادل الناس التحيات، لكنهم حين يأتون المدينة لا يرد أهل المدن تحياتهم فيكفون عن تحية الناس، هذا ما تفعله المدينة». وحذر المخطط الحضري الفرنسي من مخاطر تشييد «أبراج الكهرباء» في المناطق السكنية، وقال إنه غير طبيعي، وإن السلطات ستضطر في المستقبل القريب لإزالتها بكلفة عالية وإنشاء بدائل لها بكلفة إضافية. ويعتقد كانتال، وهذه أطروحته، أن علاقة الإنسان بالنهر ليست على ما يرام، فأعداد الناس الذين يستمتعون بشاطئيه قليلة مقارنة بمن يرونه من نوافذ السيارات، ويرجع سوء العلاقة بالنهر إلى تخطيط المدينة الأصلي، يقول: «بنى اللورد كتشنر المدينة، وشيد شارع فكتوريا (النيل) بمحاذاة النيل، لكنه شيد قصره (الآن القصر الجمهوري) حاجزا بين الناس والنهر». وأضاف: «ليس في نيتي القول إن القصر الرئاسي موضوع في مكان غير ملائم لأنه يطل على النهر، لكنه يحول بين سكان المدينة والنهر».
ويدعو المعماري الفرنسي إلى إنشاء ممرات للمشاة على الجسور وطرق المرور السريع تساعد الناس على تحسين علاقتهم بالنهر، والسلطات إلى التذكر أن للسكان حقا في الترويح والاستمتاع بالنيل.
ويبدو كانتال مندهشا من علاقة الناس بالنهر، ويستغرب من مدينة تحيطها 3 أنهر ولا تتيح للناس ساحات قبالة الشواطئ، بل ويرى أن جهود حماية بعض مناطق المدينة من الفيضان بسواتر إسمنتية تعد خطأ كبيرا، لأنها تحول بينهم وبين النهر، يقول: «علمت أنه يجب إنشاء حاجز ارتفاعه 6 أمتار لحماية جزيرة توتي من فيضان النهر، سيحجب هذا الحاجز النهر عن المدينة، يجب التفكير في بناء حاجز يتيح للناس مساحة أوسع على النهر، وفي الوقت ذاته يلعب دوره في حماية المنطقة من الفيضان».
وتعهد بروفسور كانتال بنقل خبرته في فرنسا في التعامل مع الأنهار إلى الخرطوم إذا طلب منه، يقول: «في فرنسا بنيت شيئا مماثلا، طلب مني إنشاء سد طوله 7 كيلومترات على نهر ليحمي الناس من فيضانه، فبنيناه بما زاد من مساحة المياه المتاحة للناس، وخلقنا علاقة بين الأرض والماء».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.