نظريات المؤامرة: لماذا تجذب الأميركيين مؤخراً وكيف تنتشر؟

متظاهر يروَج لنظريات المؤامرة خلال تظاهرة داعمة للرئيس السابق دونالد ترمب في أوهايو (أ.ف.ب)
متظاهر يروَج لنظريات المؤامرة خلال تظاهرة داعمة للرئيس السابق دونالد ترمب في أوهايو (أ.ف.ب)
TT

نظريات المؤامرة: لماذا تجذب الأميركيين مؤخراً وكيف تنتشر؟

متظاهر يروَج لنظريات المؤامرة خلال تظاهرة داعمة للرئيس السابق دونالد ترمب في أوهايو (أ.ف.ب)
متظاهر يروَج لنظريات المؤامرة خلال تظاهرة داعمة للرئيس السابق دونالد ترمب في أوهايو (أ.ف.ب)

اقتحم حشد غاضب في 6 يناير (كانون الثاني) مبنى الكابيتول الأميركي، في اليوم الذي صادق فيه الكونغرس على فوز الرئيس جو بايدن، حيث دافع الكثيرون عن فكرة «سرقة» الانتخابات التي روج لها الرئيس السابق دونالد ترمب والعديد من حلفائه منذ نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً لشبكة «إيه بي سي نيوز».
وخلف الاقتحام خمسة قتلى وعشرات الاعتقالات في وقت لاحق، وترك البلاد في صراع مع الآثار الحقيقية والضارة للغاية لنظريات المؤامرة، التي اكتسبت جمهورًا أكبر في السنوات الأخيرة.
*من هم الأكثر عرضة لتصديق نظريات المؤامرة؟
تخبرنا الأدبيات العلمية أن الجميع، بغض النظر عن الميول السياسية، معرضون بنفس القدر لتصديق نظريات المؤامرة. لكن في السنوات الأخيرة، تمت تغذية بعض الروايات الخطيرة خاصةً في ظل حالة عدم اليقين بسبب جائحة فيروس «كورونا» العالمية، ومنصات التواصل الاجتماعي غير المنظمة، ومسؤولين على استعداد لنشر الأكاذيب لتحقيق مكاسب سياسية.
ويقول الخبراء إن المشاعر مثل عدم اليقين والخوف تخلق شكوكًا لدى الناس، مما يدفعهم إلى البحث عن إجابات تمنحهم شعورًا باستعادة السيطرة.
وقال الدكتور ريتشارد فريدمان، أستاذ الطب النفسي الإكلينيكي ومدير علم الأدوية النفسية في كلية وايل كورنيل للطب: «نظريات المؤامرة من الناحية النفسية تعمل على إعطاء الناس إحساسًا بأنهم يفهمون ما يحدث، لأننا لا نحب فكرة عدم اليقين. والوقت الذي نعيش فإن فكرة عدم اليقين تبدو مخيفة للغاية».
وأكد الخبراء أن جائحة الفيروس التاجي أدت إلى تفاقم هذا الخوف.
وأوضح فريدمان: «يمكن للفيروس أن يصيب أي شخص في أي لحظة... إذا كانت لديك نظرية تشرح بالضبط ما يحدث، حتى لو كانت سيئة، فسيكون لديك تفسير ما، وسيشعرك ذلك بالتحسن».
وقالت بري ماك إيوان، الأستاذة المشاركة في دراسات علوم التواصل، إن نظريات المؤامرة تساعد في سد الفجوات.
وأضافت: «الناس خائفون... إذا كان لديك بعض الشكوك حول أمر ما ووجدت رسالة يبدو أنها تملأ هذه الفجوة، فمن المحتمل أن تميل إلى تصديقها».
*لماذا أصبحت نظريات المؤامرة منتشرة خاصةً في أميركا؟
يصبح الإيمان بالمعلومات الخاطئة ونظريات المؤامرة أسهل عندما يتم نشرها من قبل مسؤولين أقوياء وموثوقين، مثل رئيس الولايات المتحدة، بمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي.
على سبيل المثال، لم يزعم ترمب خطأً فقط أن الانتخابات سرقت منه، بل عزز هذه المزاعم بسلسلة من الغريدات على موقع «تويتر» (التي تم الإبلاغ عنها في النهاية باعتبارها معلومات مضللة).
ولم يكن الرئيس السابق الوحيد الذي فعل ذلك.
وقالت ستيفاني فريدهوف، كبيرة مديري المحتوى والاستراتيجية والشؤون العامة في جامعة براون: «أعضاء الكونغرس المنتخبون يواصلون نشر المعلومات الخاطئة»، وواصل الحلفاء المؤيدون لترمب تقديم نسخ من نظريات المؤامرة حول الانتخابات.
وأوضح فريدمان: «الوسائط الرقمية هي الوسيلة التي تنتشر عبرها كل هذه الأفكار، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، لذا فهي تجعل نشر فكرة خاطئة أو كذبة ما بشكل كبير أمراً ممكنناً وسهلاً».
وعلى مر التاريخ، روجت شخصيات عامة بارزة نظريات المؤامرة لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. لكن الآن، بسبب وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، يغرق المستخدمون في المعلومات.
وحاولت شركات التواصل الاجتماعي قمع المعلومات المضللة بنتائج متفاوتة. في عام 2016، بدأ موقع «فيسبوك» في الإبلاغ عن المنشورات الإخبارية المزيفة من خلال شراكات مع خمس منظمات للتحقق من الحقائق. يتم تزويد المستخدمين برابط يشرح سبب الاعتراض على المنشور.
*هل من حلول؟
يقول الخبراء إن منصات التواصل الاجتماعي قد تجري إصلاحات قريبًا ما قد يساعد في البدء بتنظيم عمل المواقع.
وقالت فريدهوف: «ما نحتاج إلى القيام به هو بناء نظام للمساءلة عبر الإنترنت حتى تتم محاسبة أولئك الذين ينشرون معلومات مضللة».
ومن جهة أخرى، يصف البعض تنظيم عمل وسائل التواصل الاجتماعي بأنه قيد خطير على حرية التعبير على الإنترنت. ووصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على سبيل المثال، إبعاد ترمب مؤخراً عن «تويتر» بأنه موضوع «إشكالي».


مقالات ذات صلة

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
إعلام تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً ...

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق لوسائل التواصل دور محوري في تشكيل تجارب الشباب (جمعية علم النفس الأميركية)

«لايك» التواصل الاجتماعي يؤثر في مزاج الشباب

كشفت دراسة أن الشباب أكثر حساسية تجاه ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، مثل الإعجابات (لايك)، مقارنةً بالبالغين... ماذا في التفاصيل؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
مذاقات الشيف دواش يرى أنه لا يحق للبلوغرز إعطاء آرائهم من دون خلفية علمية (انستغرام)

من يخول بلوغرز الطعام إدلاء ملاحظاتهم السلبية والإيجابية؟

فوضى عارمة تجتاح وسائل التواصل التي تعجّ بأشخاصٍ يدّعون المعرفة من دون أسس علمية، فيطلّون عبر الـ«تيك توك» و«إنستغرام» في منشورات إلكترونية ينتقدون أو ينصحون...

فيفيان حداد (بيروت)
مبنى لجنة التجارة الفيدرالية في واشنطن - 4 مارس 2012 (رويترز)

لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية تتهم وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة ﺑ«مراقبة المستخدمين»

أفادت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية بأن وسائل التواصل الاجتماعي العملاقة انخرطت في «عملية مراقبة واسعة النطاق» لكسب المال من المعلومات الشخصية للأشخاص.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».