البدري: أسعار النفط قد ترتفع إلى 200 دولار مع تراجع الاستثمارات

رئيس فنزويلا يشيد بالمحادثات لإنشاء تحالف بين «أوبك» والمنتجين خارجها

عبد الله البدري
عبد الله البدري
TT

البدري: أسعار النفط قد ترتفع إلى 200 دولار مع تراجع الاستثمارات

عبد الله البدري
عبد الله البدري

لم يستبعد الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عبد الله البدري أن يصل سعر برميل النفط إلى 200 دولار إذا تراجعت الاستثمارات النفطية في ظل بقاء أسعار النفط متدنية عند مستوياتها الحالية. ولم يحدد البدري المدة الزمنية اللازمة للأسعار حتى تصل إلى 200 دولار ولكنه أكد أن غالبية استثمارات أوبك في قطاع المنبع لإنتاج النفط والغاز مستمرة حتى مع السعر الحالي دون 50 دولارا للبرميل، والقليل منها قد يتم إلغاؤه.
وأوضح البدري في حوار مع وكالة «بلومبيرغ» أمس في لندن أن السوق النفطية تشهد فائضا يقدر بنحو 1.5 مليون برميل يوميا، إلا أنه عاد ليقول إن هذا الفائض سيتم تصحيحه من خلال تراجع الإمدادات وليس من ناحية زيادة الطلب، في إشارة إلى أن انخفاض الأسعار سيؤدي إلى هبوط الإنتاج لبعض المنتجين. وهو ما تهدف إليه المنظمة من خلال قرارها الأخير بإبقاء سقف الإنتاج كما هو وعدم تخفيض إنتاجها.
وكان البدري قد حذر الأسبوع الماضي في دافوس أن بقاء أسعار النفط منخفضة على مستواها الحالي سيؤثر في الاستثمارات في الإنتاج وإذا لم يشهد النفط استثمارات مناسبة خلال السنوات الـ5 القادمة فإن الأسعار سترتفع لا محالة إلى 100 دولار مجددا. وأضاف البدري في حواره أمس أن المنظمة مستعدة لأي اجتماع مع المنتجين خارج أوبك لبحث حلول لإعادة التوازن إلى السوق وإنهاء الخلل في ميزان العرض والطلب.
وبدوره، أكد نيكولاس مادورو رئيس فنزويلا أمس وجود مباحثات جادة مع الدول خارج أوبك من أجل إيجاد تحالف لدعم الأسعار. ونقل التلفزيون الحكومي الفنزويلي أمس تصريحات مادورو خلال زيارته إلى السعودية الشهر الجاري قال فيها: «كل ما أستطيع قوله هو أن العمل من أجل بناء تحالف بين أوبك وغير أوبك وكل ما يتعلق بهذا من دبلوماسية وسياسات وأعمال فنية يسير بشكل جيد».
وفي الوقت الذي يتوقع فيه البدري وصول الفائض في السوق إلى 1.5 مليون برميل يوميا، توقع مصرف باركليز في تقرير أمس حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن الفائض الحالي في السوق نحو 1.1 مليون برميل يوميا ذهب أغلبها إلى صهاريج التخزين في الولايات المتحدة وفي الصين وعلى متن السفن وهو ما جعل أسعار نفط برنت تستمر في بقائها في وضعية التأجيل المعروفة باسم الكونتانقو. ويقول مصرف باركليز إن الكونتانقو الذي تشهده السوق اليوم سيكون أعلى بكثير من الكونتانقو الذي شهدته في عام 2008-2009. والكونتانقو تعني أن أسعار عقود النفط المستقبلية أعلى من أسعار العقود الحالية وهذا ما يشجع التجار على تخزينه وبيعه مستقبلا.
ويقول البدري في حواره أمس إن أوبك ستعود في نهاية المطاف للعب دور «المنتج المرجح» في سوق النفط العالمية وهو ما معناه أن أوبك بعد نهاية الأزمة الحالية الناتجة عن الخلل في توازن السوق قد تعود لخفض إنتاجها لدعم الأسعار.
ومن ناحية أخرى أوضح البدري أن تزايد إنتاج العراق لن يؤثر على توازن السوق ولن يساهم في تراكم الفائض بشكل كبير. ويخطط العراق لرفع إنتاجه إلى 4 ملايين برميل يوميا هذا العام بحسب ما أوضحه وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي في حوار مع «الشرق الأوسط» الشهر الماضي.
وفي مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ في الأسبوع الماضي خلال مشاركته في «المنتدى الاقتصادي العالمي» استبعد البدري أن تصل أسعار النفط إلى 20 أو 25 دولارا، متوقعا أن تظل في فلك 45 إلى 50 دولارا وهو السعر الحالي لها. وأوضح أنه لا يتوقع أن تهبط الأسعار إلى مستويات العشرين نظرا لأن الهبوط الحالي لا علاقة له بميزان العرض والطلب وأساسيات السوق. وكان البدري قد أوضح خلال كلمة ألقاها في المنتدى أن قرار المنظمة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعدم خفض الإنتاج للتصدي لهبوط أسعار الخام كان قرارا سليما. وقال إنه لو أن المنظمة كانت قد خفضت الإنتاج لاضطرت إلى الخفض مرارا بعد ذلك لأن الدول غير الأعضاء كانت ستزيد الإنتاج. وكرر البدري مجددا أن سياسة الإنتاج التي تنتهجها أوبك ليست موجهة ضد روسيا أو إيران أو الولايات المتحدة.
 



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.