هل ينجح بايدن في تحقيق سياساته؟

مخاوف من توقف دعم جمهوريي الكونغرس عند خطط مكافحة «كورونا»

هل ينجح بايدن في تحقيق سياساته؟
TT

هل ينجح بايدن في تحقيق سياساته؟

هل ينجح بايدن في تحقيق سياساته؟

عندما كانت انتخابات الرئاسة الأميركية في أشدها ولم يتبقّ عليها سوى أسبوع واحد فقط، تمكن جو بايدن من تحقيق اختراق كبير. وسافر بايدن إلى «وورم سبرينغز»، وهي بلدة في ولاية جورجيا اشتهرت مياهها الجوفية بتخفيف أعراض مرض الرئيس السابق فرانكلين روزفلت بشلل الأطفال. وفيها، تعهد المرشح الديمقراطي للرئاسة آنذاك بأكبر إصلاح سياسي واقتصادي تشهده الولايات المتحدة منذ إصلاحات «نيو ديل» التي قام بها روزفلت، كما ذكر تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».
لا شك أن برنامج بايدن الإصلاحي ساعده على التفوق على الرئيس السابق دونالد ترمب والفوز بالرئاسة، إلا أنه رفع سقف الطموحات عالياً لأول مائة يوم له في البيت الأبيض، في وقت تواجه فيه البلاد انقساماً وطنياً غير مسبوق وأزمة صحية أودت بحياة أكثر من 400 ألف أميركي وأضعفت الاقتصاد إلى حد كبير.
ويبدأ الرئيس الأميركي الجديد ولايته مدعوماً بسيطرة ديمقراطية متواضعة على مجلسي النواب والشيوخ، وعقب فوزه في انتخابات عززت حدة الاستقطاب السياسي في البلاد وصوت فيها 74 مليون شخص لصالح خصمه. وحتى لو تمكّنت إدارة بايدن من تحقيق معظم أهدافها عن طريق أوامر تنفيذية، فإن هذه الإجراءات عرضة للإلغاء من قبل المحاكم الفيدرالية وصولاً إلى المحكمة العليا التي تسيطر عليها أغلبية محافظة بنسبة 6 - 3.
وفي هذا السياق، تستعد الإدارة الجديدة لإصدار سلسلة طويلة من الأوامر التنفيذية على مدار الأيام العشرة الأولى من ولاية بايدن، بالإضافة إلى التشريعات التي ستبدأ في شق طريقها من خلال غرفتي الكونغرس بشأن مواجهة الأزمة الصحية، وإصلاح نظام الهجرة، وتعزيز التحالفات الأميركية التقليدية، وغيرها من القضايا.
وفي ظل هذا البرنامج التشريعي والتنفيذي الطموح، يتساءل كثيرون عن ما إذا كان بايدن وعد بأكثر مما يستطيع الوفاء به. ويبدو من خلال تصريحات الرئيس الجديد وفريقه أنه يعتقد عكس ذلك، إذ قال في السابق: «سنبذل قصارى جهدنا للتغلب على كل التوقعات، سواء السلبية أو الإيجابية للبلاد».
ويتمتع الرؤساء الجدد عموماً بفترة «شهر عسل» تساعدهم في الكونغرس. وتحسنت فرص بايدن في الحصول على هذه الفترة بفضل انتزاع الديمقراطيين مقعدين في مجلس الشيوخ خاصين بولاية جورجيا من الجمهوريين. وربما يساعده أيضاً غضب عدد كبير من المشرعين من التمرد المسلح على مبنى الكابيتول الذي قام به أنصار ترمب في 6 يناير (كانون الثاني) الماضي.
اعترف مستشارو بايدن بأنهم سيواجهون معارك مريرة لتمرير أولوياتهم التشريعية. ويبحثون اعتماد أسلوب مألوف في واشنطن، يقوم على دمج بعض الأفكار الكبيرة فيما يعرف باسم «التشريع الشامل» بحيث يتعين على المشرعين الذين يريدون اتخاذ إجراءات شعبية أن يتقبلوا المزيد من الإجراءات المثيرة للجدل. كما ثمة نهج آخر يمكن لإدارة بايدن اتباعه، وهو تحقيق سياساتها عن طريق أوامر تنفيذية، حيث يؤدي القيام بذلك إلى تفادي الكونغرس تماماً، لكنه يتيح للمحاكم الطعن في القرارات بسهولة أكبر.
واستخدم الرئيس الأميركي السابق ترمب الأوامر التنفيذية بشكل كبير لتمرير بعض سياساته المثيرة للجدل، تتعلق بتعزيز الرقابة على الحدود والبيئة وغيرها، لكن المحاكم الفيدرالية غالباً ما كانت تقف في الطريق.
وتتمثل الأولوية القصوى لإدارة بايدن في إقناع الكونغرس بالمصادقة على خطة بقيمة 1.9 تريليون دولار لمكافحة فيروس «كورونا»، تتمثل في توزيع 100 مليون لقاح بحلول يومه المائة في منصبه، مع تقديم 1400 دولار أميركي كمدفوعات مباشرة للأميركيين لتحفيز الاقتصاد المتضرر من الفيروس. لكن تمرير غرفتي الكونغرس لهذا القرار قد يرتبط بتقديم بايدن تنازلات كبيرة، مثل اقتراحه برفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولاراً للساعة. إلى ذلك، تُطرح مشكلة التوقيت، إذ إن مناقشة والتصويت على حزمة الإغاثة الضخمة التي يقترحها بايدن سيتطلب من أعضاء مجلس الشيوخ إيجاد وقت بالتوازي مع جلسات المصادقة على المرشحين لشغل مناصب وزارية عليا وإجراءات محاكمة الرئيس السابق.
ورغم هذه التحديات، لا يبدو أن الرئيس الـ46 للولايات المتحدة سيتراجع عن أولوياته الداخلية والخارجية. إذ إنه أطلق فترة ولايته بنحو 15 أمراً تنفيذياً وقّع عليها أمس، وتشمل إعادة انضمام الولايات المتحدة إلى منظمة الصحة العالمية واتفاقية باريس للمناخ، ومطالبة الأميركيين بالالتزام بارتداء الأقنعة لمائة يوم في المباني الفيدرالية، وإلغاء حظر دخول المهاجرين من دول ذات غالبية مسلمة، ومضاعفة الرسوم التي تدفعها الشركات الأميركية على الأرباح الأجنبية.
وفي اليوم نفسه، قرر بايدن تشكيل فريق عمل معني بمكافحة التشرد ولمّ شمل الآباء المهاجرين بأطفالهم. ويعمل على إرسال مشاريع قوانين إلى الكونغرس تسعى إلى فرض تدقيق أكثر صرامة لخلفيات مشتري الأسلحة، وإلغاء إجراءات حصانة مصنعي الأسلحة النارية، وتوفير مسار للحصول على الجنسية لـ11 مليون مهاجر جاءوا إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني وهم أطفال.
يسعى الرئيس الجديد كذلك إلى تخفيف القيود فوراً على النقابات العمالية الفيدرالية، وتغيير تراجع ترمب عن نحو 100 قانون تتعلق بالصحة العامة والبيئة التي وضعتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، ووضع قواعد للحد من تأثير الشركات على إدارته، وضمان استقلالية وزارة العدل. كما وعد بأن يكون هناك 100 مركز تطعيم مدعوم من موظفي إدارة الطوارئ الفيدرالية خلال شهره الأول في البيت الأبيض. ويقول بايدن إنه سيستخدم قانون الإنتاج الدفاعي لزيادة إمدادات اللقاح، والتأكد من أن يصبح الوباء تحت السيطرة بعد أول 100 يوم له في منصبه بهدف إعادة فتح معظم المدارس العامة في جميع أنحاء البلاد. كما تعهد بإنشاء لجنة مراقبة للشرطة لمكافحة العنصرية المؤسسية.
ومن بين المبادرات الرئيسية الأخرى التي تسعى إدارة بايدن إلى معالجتها على وجه السرعة، الاتفاق على حزمة مناخية بقيمة تريليوني دولار لجعل الولايات المتحدة خالية من انبعاثات الكربون بحلول عام 2050. وعمل خطة لإنفاق 700 مليار دولار لتعزيز التصنيع والبحث والتطوير، وجعل قانون الرعاية الصحية لإدارة أوباما يتضمن «خياراً عاماً».
ووسط هذا البحر الواسع من الوعود الانتخابية والقرارات التنفيذية، قد تضيع حقيقة أن جزءاً من 80 مليون ناخب الذين صوّتوا لصالح بايدن ربما فعلوا ذلك فقط لمعارضة ترمب، لا دعماً لأجندته الديمقراطية الطموحة. وقد لا يكون انتصار الرئيس بايدن تفويضاً شعبياً لسحب البلاد إلى اليسار. وتوقّع الخبير الاستراتيجي الجمهوري، مات ماكوفياك، دعماً جمهورياً مبكراً لخطط بايدن المتعلقة بمواجهة جائحة «كورونا» وتحفيز الاقتصاد، لكنه قال إن هذا الدعم قد يتبخر سريعاً إذا «أصدرت الإدارة الجديدة مجموعة من الأوامر التنفيذية اليسارية في اليوم الأول».
وقد شغل بايدن مقعداً في الصف الأول كنائب للرئيس في عام 2009 عندما تولى باراك أوباما الرئاسة، حيث ملأت الحشود متنزه «ناشيونال مول» ووعدهم بتجاوز الاستقطابات الحزبية. واستخدمت إدارته أغلبية أكبر في الكونغرس للإشراف على نمو اقتصادي بطيء بعد الأزمة المالية لعام 2008، وأقرت قانون الصحة الذي يسعى بايدن الآن إلى التوسع فيه. لكن أوباما فشل في تمرير تشريع رئيسي بشأن تغير المناخ والهجرة، وفشل أيضاً في إغلاق معسكر الاعتقال الأميركي في خليج غوانتانامو بكوبا الذي لا يزال مفتوحاً حتى اليوم.
إن التقصير في الوفاء بالوعود في ذلك الوقت لن يجعل بايدن يؤنب نفسه اليوم، فهو يقر بأن القيام حتى بجزء صغير مما يريد سيتسبب في عجز ضخم، لكنه يجادل بأن الولايات المتحدة لديها «واجب اقتصادي» و«التزام أخلاقي» للقيام بذلك.



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.