سلمان بن عبد العزيز.. ميزان العدل

وُصف المسلمون منذ بزوغ الإسلام بصدقهم وعدلهم، وأنهم لا يقبلون الظلم ويدعون نحو النجاة والسلامة، وتختلف هذه الصفات بدرجاتها من شخص إلى آخر، إلا أنها تتجسد بشكل واضح وصريح وترتفع قيمتها في شخصيات إسلامية برزت وعرفها التاريخ بعدلها وإنصافهم، ومن ذلك عمر بن عبد العزيز، خليفة المسلمين، الذي ذاع صيته إبان حكمه وتوليه أمور القيادة.
وبعيدا عن المقارنات الشخصية والتاريخية، يبدو أن المشهد مألوفا ولا يختلف كثيرا في زمان الحاضر ونحن في مطلع 2015، عما كان عليه العدل في تلك الحقبة أي قبل أكثر من ألف عام، وخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز يعتلي سدة الحكم في السعودية، خصوصا وأن خادم الحرمين الشريفين ومنذ تولية مناصب قيادية في الحكومة السعودية قبل 50 عاما وتحديدا إمارة منطقة الرياض، كان العنوان الأول والأبرز لميزان العدل وتطبيقه على أرض الواقع لكثير من القضايا الكبرى التي حلت إثر تدخله بين شرائح المجتمع السعودي.
وفي هذا الجانب تكثر الروايات والقصص، المعلنة وغير المعلنة، لموقف حزم هنا، ورد مظلمة هناك، كما أطلق عليه «جابر العثرات» خاصة من القبائل المنتشرة في الجزيرة العربية والذي عرف عنه، بحسب كثير ممن التقت بهم «الشرق الأوسط» أنه على تواصل دائم مع جميع القبائل وتحديدا قبائل نجد بحكم عمله، وكثيرا ما أسهم في حل كثير من القضايا العالقة بين القبائل وقرب وجهات النظر بين المتخاصمين، وهو ما جعل خادم الحرمين الشريفين محور الارتكاز في كل شيء، ومن ذلك رفع المظالم عن أي مواطن باختلاف مكانته ومكانه، لتنتشر بين العامة وبمرور السنوات «اذهب للأمير سلمان سيقف بجانبك» لمن وقع في مشكلة أو مظلمة.
انتشرت هذه العبارة كثيرا بين عموم المواطنين، وخرجت عن الحدود الجغرافية لمدينة الرياض، ليصل مداها إلى كل بيت، وأصبح من لديه مشكله تريد حلا، التوجه مباشرة إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو ما ذهب إليه العميد متقاعد خالد العاكور، من قيادة الحرس الوطني، بقوله إن والده وقبل 20 عاما «كان يمتلك أحد البنايات في شارع العليا بالرياض، وكانت وزارة الاتصالات (آنذاك)، ترغب في الحصول على المنزل لتوسيع إدارتها الواقعة بجوار البناية، فرفض والده ذلك، إلا أن الوزارة أصرت على أخذ المنزل، وبعد محاولات فشلت في ثني الجهة المعنية، توجه والدي مباشرة إلى إمارة منطقة الرياض للقاء الأمير سلمان بن عبد العزيز حينها، وعرض عليه المشكلة، إلا أنه تدخل فورا وأنهى المشكلة، وطالب وزارة الاتصالات بإيجاد موقع آخر».
وأضاف العميد العاكور، أن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، عندما كان أمير منطقة الرياض، كان يحرص على استقبال جميع المواطنين، والاستماع إليهم، بل كان يرفض أن يقوم أحد أفراد الحراس في قصره، باستعجال المواطن على الاختصار في عرض مشكلته، وذلك حرصا منه على سماع جميع تفاصيل القضية للنظر فيها وبحثها ومن ثم حلها مباشرة، خصوصا قضايا القتل التي يتوسط فيها بشكل مباشر بجاهه وماله.
ومن الحالات غير المعلنة لمواقف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في إنصاف المواطن ورد حقوقه، حيث تداول في وسائل الإعلام منذ 18 عاما، عندما تدخل في معضلة لعدد من المواطنين اشتروا قطعة من الأرض الواقعة بجوار مصفاة البترول جنوب الرياض من أحد المواطنين بموجب صكوك ملغاة، ومتابعته الشخصية لهذه الحالة، حتى صدرت موافقة المقام السامي على ما رآه أمير منطقة الرياض، بتعويض المواطنين المشترين من الصك.
وقام الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض (آنذاك)، بجهود كبيرة في هذا السياق، كما رفع للمقام السامي، والذي وضح فيه من الصك الملغى على هذه الأرض الواقعة شرق المصفاة أن هذه الأرض سبق وأن جُزئت وتم تداولها بالبيع والشراء بين المواطنين، وأنه يرغب في حفظ حقوق المواطنين وإنهاء موضوعهم، وبناء على هذا الرأي صدر الأمر السامي بتعميد أمانة مدينة الرياض بوضع يدها على الأرض بعد استبعاد ما يتداخل منها مع المصفاة أو أملاك الغير وتخطيها وتوزيعها إلى قطع سكنية مناسبة، وشكلت لجنة مكونة من مندوبين من وزارة العدل، ووزارة المالية، وإمارة منطقة الرياض، وأمانة مدينة الرياض للنظر في تعويض المشترين والتأكد من الصكوك والمبيعات ومطابقتها لسجلاتها في كتابة العدل ودرست اللجنة الموضوع وجمعت كل المعلومات وقامت اللجنة بالإعلان في الصحف لحث المشترين للتقدم للجنة مرفقين أصول الصكوك التي تفيد بالتملك.
وأجمع في حينه عدد كبير من المتضررين، على أن تدخل الملك سلمان بن عبد العزيز، في حينها، كان السبب الرئيسي في إعادة حقوقهم، خصوصا وأن غالبيتهم تسلم صكوكا جديدة لأرضه المتنازع عليها، ولولا هذا التدخل لاستمرت القضية معلقة لفترة زمنية ليست بالقليلة، وهو ما يشير - بحسب مختصين في القانون - الاهتمام الكبير من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالمواطن والوقوف معه ورد حقوقه وإن كانت من جهة حكومية.
وأوضح الشيخ عبد العزيز بن رقوش، شيخ قبيلة بن عامر، أن لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، الكثير من المواقف التي تبرهن على اهتمامه بالمواطنين وإنصافه، إذ كان لخادم الحرمين إبان حكمه لمنطقة الرياض مجلسين داخل مقر الإمارة، في الثامنة صباحا، وفي المساء، وفي يوم كنت في مجلسه الصباحي، ولا أنسى هذا الموقف بعد انتهاء المجلس خرج لينادي وهو يسير بين ممرات الإمارة «في أحد يبغى سلمان» وكان يرددها ليسمعها من لم يلتحق بالمجلس وذلك لحل مشكلته إن وجدت.