هل ستصبح محاربة «كورونا» أكثر صعوبة مع تطوره؟

صورة توضح شكل فيروس «كورونا» المستجد (أرشيف - رويترز)
صورة توضح شكل فيروس «كورونا» المستجد (أرشيف - رويترز)
TT

هل ستصبح محاربة «كورونا» أكثر صعوبة مع تطوره؟

صورة توضح شكل فيروس «كورونا» المستجد (أرشيف - رويترز)
صورة توضح شكل فيروس «كورونا» المستجد (أرشيف - رويترز)

بعد أكثر من عام على ظهور جائحة «كورونا» العالمي، تلوح قضية تحور الفيروس في الأفق، وذلك بعد أن ظهرت متغيرات جديدة قادرة على الانتشار بشكل أسرع.
ونتيجة لذلك، تساءل العلماء حول ما إذا كان ظهور هذه المتغيرات سيجعل اللقاحات المعتمدة حديثًا أقل فاعلية.
وحتى الآن، هناك القليل من الأدلة على ذلك، لكن العلماء بدأوا بالفعل في استكشاف كيفية تحور الفيروس في المستقبل وما إذا كانوا قادرين على صده.
وبحسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، فقد درس رافيندا غوبتا، استشاري الأمراض المعدية بمستشفى أدينبروك في كامبريدج، مع عدد من زملائه، حالة مريض كافح ضد «كورونا» لأكثر من ثلاثة أشهر، وكان نظامه المناعي في حالة سيئة، حيث كان يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية.
ومع قلة الدفاعات المعتادة ضد العدوى، تمكن الفيروس من الانتشار في جسمه دون رادع.
وبينما حاول الأطباء مساعدة المريض المسن على محاربة الفيروس، أعطوه بلازما الدم التي تم جمعها من الأشخاص الذين تعافوا بالفعل من الفيروس، حيث تحتوي هذه البلازما على أجسام مضادة للفيروس قد تساعد في تحييده.
وعلى مدار 101 يوم عالجوا فيها الرجل، أخذ الأطباء 23 عينة مسحة منه. وتم إرسال كل مسحة إلى مختبر قريب لتحليلها. ولكن عندما نظر علماء الفيروسات إلى المادة الوراثية للفيروس في العينات، لاحظوا شيئاً مذهلاً، حيث كان الفيروس يتطور أمام أعينهم في كل مرة.
ويقول غوبتا: «لقد رأينا بعض التغييرات الملحوظة في الفيروس خلال ذلك الوقت. لقد رأينا طفرات يبدو أنها تشير إلى أن الفيروس كان يظهر علامات على التكيف لتجنب الأجسام المضادة الموجودة في علاج البلازما. كانت هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها شيئاً كهذا يحدث في جسم شخص واحد».
ومن بين الطفرات التي حددها غوبتا وزملاؤه حذف اثنين من الأحماض الأمينية - المعروفين باسم H69 وV70 - في بروتين سبايك الموجود على سطح فيروس «كورونا»، والذي يلعب دوراً رئيسياً في قدرة الفيروس على إصابة الخلايا.
وعندما نظر غوبتا وفريقه عن كثب في عملية حذف هذه الأحماض وجدوا أن هذه الطفرة «تزيد من العدوى بمقدار الضعف».
ودفع هذا الباحثين إلى البحث في قواعد البيانات الجينية الدولية لفيروس «كورونا»، وقد وجدوا «طفرة حذف أحماض H69 وV70 » حدثت بالفعل في المملكة المتحدة، وتسببت في تفشي المرض بشكل كبير.
وأثناء قيامهم بهذا الاكتشاف في أوائل ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، كان خبراء الأمراض المعدية في أماكن أخرى في إنجلترا يكافحون من أجل فهم أعداد الحالات المتزايدة بسرعة في لندن وجنوب شرقي إنجلترا رغم الإغلاق الوطني.
وبدأ الخبراء يلاحظون شيئاً غريباً في نتائج اختبارات كورونا التي أجريت على العينات. فقد كان الخبراء يستخدمون اختبارات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) لتشخيص «كورونا»، وتبحث هذه الاختبارات في آثار المادة الوراثية للفيروس في العينات، وعادة ما تستهدف ثلاثة أجزاء من الفيروس للتأكد من وجود عدوى.
لكن الشيء الغريب الذي لاحظه الخبراء هو أن أحد هذه الأجزاء الثلاثة كان يأتي بنتيجة سلبية في عينات مأخوذة من بعض مناطق إنجلترا التي كانت تشهد ارتفاعا سريعا في أعداد الحالات.
وبالبحث والتحليل، وجد العلماء أن الفيروس في هذه العينات قد التقط طفرة «حذف أحماض H69 وV70 » وهذا يعني أن اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل كان يفشل في تحديده في بعض الأحيان.
وتوصل العلماء إلى أن الفيروس شهد طفرات جينية بوتيرة متسارعة بشكل غير طبيعي، مشيرين إلى أن هذه الطفرات يمكن أن تكون قد تخلقت في رئة المريض المصاب بالسرطان، الذي درسه غوبتا وزملاؤه، حيث وجد الفيروس أن رئة هذا المريض مستعمرة مواتية للتحوّر.
وأدى ظهور المتغير الجديد في إنجلترا جنباً إلى جنب مع المتغيرات الأخرى التي تم اكتشافها الآن في جنوب أفريقيا والبرازيل، إلى تسليط الضوء على كيفية انتشار وتحور فيروس «كورونا» كما أثار مخاوف بشأن الكيفية التي قد يستمر بها هذا التحور والتغيير في المستقبل بينما نحاول مكافحته باللقاحات.
ويقول مايكل ووروبي، عالم الفيروسات بجامعة أريزونا: «بالنسبة لي، تبدو هذه بمثابة لمحة عن المستقبل، حيث سنكون في سباق تسلح مع هذا الفيروس، تماماً كما نحن مع الإنفلونزا».
وأضاف ووروبي «يجب تحديث لقاح الإنفلونزا كل عام مع تحور فيروس الإنفلونزا والتكيف للهروب من المناعة الموجودة بالفعل بين السكان. وإذا أظهر فيروس (كورونا) قدرات مماثلة، فقد يعني ذلك أنه سيتعين علينا اعتماد تكتيكات مماثلة لإبقائه في مأزق، من خلال تحديث اللقاحات بانتظام».
ولكن هل يمكن أن تقدم أنماط الطفرات التي لاحظها العلماء على فيروس «كورونا» حول العالم أي أدلة حول كيفية استمرار تطور الفيروس؟
يقول بريندان لارسن، طالب دكتوراه يعمل مع ووروبي في أريزونا: «من الصعب التكهن بذلك، لكن من المثير للاهتمام أنه فجأة يبدو أن هناك الكثير من الطفرات التي قد تكون مرتبطة بالهروب المناعي أو التعرف على المناعة، وهو ما حدث مع طفرة «حذف أحماض H69 وV70».
وأشار لارسن إلى أنه «حتى المقدار الصغير نسبياً من الهروب المناعي يمكن أن يجعل من الصعب تحقيق مناعة القطيع، وربما يعني أيضاً أن اللقاحات قد تحتاج إلى تغيير مستمر».
ولكن بينما يراقب العلماء استمرار تغير الفيروس خلال الأشهر المقبلة، فإنهم يأملون أن يكونوا على دراية تامة بكيفية تحوره في المستقبل ووضع قاعدة بيانات بالجينومات الخاصة بالفيروس ورسوم بيانية توضح بدقة كيفية انتشاره وتحوره.


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
TT

«بيروت ترنم» يفتتح نسخته الـ17 مع موزارت ويختمها مع بوتشيني

فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)
فريق «سيستيما» يشارك في إحياء «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

«لسنا بخير في لبنان ولكننا سنكمل رسالتنا حتى النفس الأخير». بهذه الكلمات تستهل ميشلين أبي سمرا حديثها مع «الشرق الأوسط»، تُخبرنا عن برنامج النسخة الـ17 من مهرجان «بيروت ترنّم». فهي تتمسّك بتنظيم المهرجان في قلب المدينة؛ ما جعله بمثابة تقليدٍ سنوي في فترة أعياد الميلاد. طيلة السنوات الماضية ورغم كل الأزمات التي مرّ بها لبنان بقيت متشبثة بإحيائه.

كارلا شمعون من نجمات لبنان المشاركات في «بيروت ترنّم» (بيروت ترنم)

ينطلق «بيروت ترنّم» في 4 ديسمبر (كانون الأول) المقبل ويستمر لغاية 23 منه. وتتجوّل الفرق الفنية المشاركة فيه بين مناطق مونو والتباريس والجميزة في بيروت، وكذلك في جامعة الألبا في سن الفيل، وصولاً إلى زوق مصبح ودير البلمند في شمال لبنان.

وبالنسبة لميشلين أبي سمرا فإن النسخة 17 من المهرجان تتجدد هذا العام من خلال أماكن إحيائه. وتتابع: «يزخر لبنان بأماكن مقدسة جمّة يمكننا مشاهدتها في مختلف مناطقه وأحيائه. وهذه السنة تأخذ فعاليات المهرجان منحى روحانياً بامتياز، فيحط رحاله في أكثر من دار عبادة وكنيسة. وبذلك نترجم العلاج الروحاني الذي نطلبه من الموسيقى. جراحنا وآلامنا لا تحصى، ونحتاج هذه المساحة الروحانية الممزوجة بالموسيقى كي نشفى».

أمسية «تينور يواجه تينور» مع ماتيو خضر ومارك رعيدي (بيروت ترنم)

يفتتح «بيروت ترنّم» أيامه بأمسية موسيقية مع الأوركسترا اللبنانية الوطنية، وتتضمن مقاطع موسيقية لموزارت بمشاركة السوبرانو ميرا عقيقي. ويحضر زملاء لها منهم الميزو سوبرانو غريس مدوّر، وعازف الباريتون سيزار ناعسي مع مواكبة جوقة كورال الجامعة الأنطونية. وبقيادة المايسترو الأب توفيق معتوق ستتجلّى موسيقى موزارت في كنيسة مار يوسف في مونو.

وبالتعاون مع السفارة السويسرية واليونيسكو في بيروت، يقدم فريق «سيستيما» حفله في جامعة «الألبا». وتقول ميشلين أبي سمرا: «أسسنا هذا الفريق منذ سنوات عدّة، وهو ملحق بـ(بيروت ترنّم)، ويتألف من نحو 100 عازف ومنشدٍ من الأولاد. ونحن فخورون اليوم بتطوره وإحيائه عدة حفلات ناجحة في مناطق لبنانية. سنكون على موعد معه في (بيروت ترنمّ) في 8 ديسمبر».

ومن الفنانين اللبنانيين المشاركين في برنامج الحفل الموسيقي زياد الأحمدية، الذي يحيي في 11 ديسمبر حفلاً في جامعة «الألبا» للفنون الجميلة. ويؤلف مع عازفي الساكسوفون و«الدوبل باس» نضال أبو سمرا ومكرم أبو الحصن الثلاثي الموسيقي المنتظر.

«مقامات وإيقاعات» أمسية موسيقية شرقية مع فراس عنداري (بيروت ترنم)

وتحت عنوان «سبحان الكلمة» تحيي غادة شبير ليلة 13 ديسمبر من المهرجان في كنيسة مار بولس وبطرس في بلدة قرنة شهوان، في حين تشارك كارلا شمعون في هذه النسخة من «بيروت ترنّم» في 15 ديسمبر، فتقدّم حفلاً من وحي عيد الميلاد بعنوان «نور الأمل».

تشير ميشلين أبي سمرا في سياق حديثها إلى أن عقبات كثيرة واجهتها من أجل تنفيذ المهرجان. «إننا في زمن حرب قاسية ولاقينا صعوبات مادية شكّلت عقبة، لولا دعمنا من قبل رعاة متحمسين مثلنا لاستمرارية لبنان الثقافة. كما أن نجوماً أجانب أصرّوا على المشاركة والمجيء إلى لبنان رغم ظروفه اليوم».

عازف العود زياد الأحمدية يحيي ليلة 11 ديسمبر (بيروت ترنم)

من بين هؤلاء النجوم الإسبانيان عازف الكمان فرانشيسكو فولانا وعازفة البيانو ألبا فينتورا. ومن بلجيكا يحلّ كلٌ من عازفة التشيللو ستيفاني هوانغ وعازف البيانو فلوريان نواك ضيفين على المهرجان، ويقدمان معاً حفلهما الموسيقي في 18 ديسمبر في كنيسة مار مارون في شارع الجميزة.

ومن الحفلات المنتظرة في هذه النسخة «تينور يواجه تينور». وتوضح ميشلين أبي سمرا: «يتجدّد برنامج المهرجان مع هذا الحفل. فهو يحدث لأول مرة ويشارك فيه كل من ماتيو خضر ومارك رعيدي، فيتباريان بصوتهما الرنان بعرض أوبرالي استثنائي». ويقام هذا الحفل في 9 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة.

عازف الكمان الإسباني فرانسيسكو فولانا (بيروت ترنم)

ومن الفِرق اللبنانية المشاركة أيضاً في «بيروت ترنّم» كورال الفيحاء الوطني بقيادة المايسترو باركيف تاسلاكيان. وكذلك هناك مقامات وإيقاعات مع فراس عينداري ومحمد نحاس ومجدي زين الدين وهاشم أبو الخاضر، يقدّمون عرضاً غنائياً شرقياً، يتخلّله عزف على العود والقانون والكمان. ويقام الحفلان ليلتي 19 و20 ديسمبر في الجميزة. ويختتم «بيروت ترنّم» فعالياته في 23 ديسمبر في كنيسة مار مارون في الجميزة. وذلك ضمن حفل موسيقي في الذكرى المئوية للإيطالي بوتشيني، ويحييها التينور بشارة مفرّج وجوقة الجامعة الأنطونية بقيادة الأب خليل رحمة.