مليون سوري يواجهون وضعاً كارثياً جراء «حرب مياه» تشنها تركيا

قيادية كردية: نخطط لمؤتمر وطني لأطياف المعارضة كافة

سوريون في مخيم للنازحين بمدينة الحسكة التي تواجه «حرب مياه» تركية (الشرق الأوسط)
سوريون في مخيم للنازحين بمدينة الحسكة التي تواجه «حرب مياه» تركية (الشرق الأوسط)
TT

مليون سوري يواجهون وضعاً كارثياً جراء «حرب مياه» تشنها تركيا

سوريون في مخيم للنازحين بمدينة الحسكة التي تواجه «حرب مياه» تركية (الشرق الأوسط)
سوريون في مخيم للنازحين بمدينة الحسكة التي تواجه «حرب مياه» تركية (الشرق الأوسط)

عادت أزمة مياه الشرب إلى محافظة الحسكة بشمال شرقي سوريا، بعد إيقاف القوات التركية العمل في محطة مياه العلوك بريف مدينة رأس العين عن العمل أول من أمس. وفجّر التصرف التركي غضباً شعبياً في مدينة الحسكة تمثّل بمظاهرات نظمها مؤيدو النظام السوري احتجاجاً على تعطيش المنطقة من قبل الأتراك، وكذلك اعتراضاً على تصرفات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي تتهمها دمشق بـ«تنفيذ أجندات» الأميركيين.
وقالت مصادر محلية، إن القوات التركية أوقفت تشغيل محطة العلوك ومنعت العمال من الدخول إليها، منذ يوم السبت، لتعود بذلك أزمة مياه الشرب إلى محافظة الحسكة وريفها الغربي.
وتعد محطة مياه العلوك المصدر الوحيد لإمداد نحو مليون نسمة في محافظة الحسكة بمياه الشرب. وسبق أن تعرضت للتوقف أكثر من مرة نتيجة استهدافها من قبل المدفعية التركية، وانقطاع التيار الكهربائي عنها، بالإضافة إلى منع عمال المحطة من دخولها. وتم التوصل في 17 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبعد انقطاع دام لأسابيع، إلى اتفاق بشأن إعادة تشغيل المحطة لتعود إلى العمل.
وندد المئات من سكان الحسكة، خلال وقفة احتجاجية أمس بساحة القصر العدلي في المدينة، بقطع الجيش التركي والفصائل السورية الموالية له مياه الشرب عن أجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا.
وفي احتجاجات الحسكة وإلى جانب رفع لافتات وشعارات منددة بـ«انتهاكات» تركيا وسياسة «حرب المياه» ضد خصومها؛ رفع المشاركون لافتات وكتبوا عبارات تدين «قوات سوريا الديمقراطية» التي يهيمن عليها الأكراد ويدعمها الأميركيون، وطالبوا بفك الحصار المفروض على الأحياء والمناطق الخاضعة للقوات النظامية الموالية للرئيس السوري بشار الأسد، بعد التوتر والاعتقالات التي تشهدها المنطقة منذ بداية العام الحالي بين قوات «الاسايش» الكردية والقوات النظامية في مدينتي الحسكة والقامشلي.
ويواجه مليون نسمة من أهالي الحسكة وقاطنو المخيمات المنتشرة في المحافظة وضعاً كارثياً بسبب حرمانهم من مياه الشرب ومخاوف دولية ومحلية من انتشار فيروس كورونا، بعد وقف تركيا العمل بمحطة مياه العلوك منذ السبت الماضي. وتعد المحطة المصدر الرئيسي لتغذية مدينة الحسكة وريفها وبلدات أبو راسين وتل تمر والشدادي ومخيم الهول بمياه الشرب، كما تغذي 3 مخيمات، أولها مخيم «واشوكاني» ويضم قرابة 12 ألف نازح فروا من رأس العين بعد الهجوم التركي على مناطقهم، وثاني المخيمات «العريشة» الخاص بنازحي مدينتي دير الزور والرقة ويضم نحو 13 ألفاً، في حين يبلغ تعداد مخيم «الهول» نحو 62 ألفاً، حيث يعيش فيه آلاف النازحين السوريين، واللاجئين العراقيين، وقسم خاص بالأجانب الذين كانوا يعيشون في مناطق سيطرة تنظيم «داعش» سابقاً.
وفي وقت سابق، أعربت «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» عن قلقها من تكرار انقطاع المياه الصالحة للشرب عن محافظة الحسكة، جراء المخاوف من انتشار فيروس كورونا. ودعا المتحدث باسم اللجنة عدنان حزام جميع أطراف النزاع والجهات المتحاربة إلى «تحييد المنشآت المدنية الحيوية والخدمية عن الصراعات». وقال «إنه على الجميع تسهيل مهمتنا الإنسانية، ونؤكد على حيادية وعدم انحياز اللجنة الدولية؛ فهدفنا دائماً هو الوصول لضحايا النزاعات المسلحة لتخفيف من معاناتهم من خلال تقديم المساعدات الإنسانية».
وقال حزام، إن اللجنة الدولية بالتعاون مع منظمة «الهلال الأحمر العربي السوري» تعمل على التخفيف من هذا النقص من خلال توفير المياه الصالحة للشرب يومياً عبر الصهاريج لتعبئة أكثر من 100 خزان، تم وضعها في مناطق مختلفة ضمن مدينة الحسكة، بالإضافة إلى المساهمة في أعمال الصيانة للمحطة.
وعمدت تركيا إلى إيقاف ضخ المياه من محطة العلوك لأكثر من 18 مرة منذ تواجدها بريف الحسكة نهاية 2019، وتدار من قبل مديرية المياه التابعة لمؤسسة المياه بحكومة النظام السوري وفق اتفاق بين روسيا وتركيا نص على تشغيل المحطة بإشراف موظفي الحكومة، مقابل تغذية منطقة رأس العين وتل أبيض بالكهرباء من سد تشرين بريف منبج والتي تقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية.
من جهة ثانية، قالت الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» إلهام أحمد، إنهم يخططون لعقد مؤتمر وطني شامل يضم قوى وأطياف المعارضة السورية كافة خلال العام الحالي، في وقت كشفت مصادر مطلعة، عن أن المجلس نفسه سيعلن عن اتفاق سياسي مع منصة سورية معارضة لها فاعلية في «هيئة التفاوض السورية» المعارضة واللجنة الدستورية.
ويشكل «مجلس سوريا الديمقراطية» الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، العربية - الكردية والمدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن، تأسس نهاية عام 2015 ويضم قوى وأحزاباً كردية وعربية ومسيحية.
وكشفت القيادية الكردية إلهام أحمد عن تواصل مستمر مع القوى السياسية كافة في الداخل السوري ومختلف قوى المعارضة الموجودة خارج البلد «بهدف عقد مؤتمر وطني شامل يضم قوى وأطياف المعارضة كافة داخل سوريا».
ورجحت مصادر توقيع اتفاق بين «هيئة التنسيق الوطنية» و«مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) على غرار الاتفاقية التي وقّعها الطرف الأخير منتصف العام الماضي مع «حزب الإرادة الشعبية» و«منصة موسكو» بزعامة السياسي البارز قدري جميل.
ويقول قادة «مجلس سوريا الديمقراطية»، إنهم ينوون توقيع اتفاقات تفاهم مع كل أطراف المعارضة السورية للوصول إلى توافقات تخدم مسار الحل السياسي وتطبيق القرار الدولي 2254.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.