هل استوحى الفراعنة الأهرامات من مدافن في شمال لبنان؟

«جبل أكروم» ينام على أسرار قد تغيّر فهمنا لتاريخ المنطقة

مدفن هرميّ من بين ثلاثة مكتشفة سابقاً
مدفن هرميّ من بين ثلاثة مكتشفة سابقاً
TT

هل استوحى الفراعنة الأهرامات من مدافن في شمال لبنان؟

مدفن هرميّ من بين ثلاثة مكتشفة سابقاً
مدفن هرميّ من بين ثلاثة مكتشفة سابقاً

مع أن وكالة أنباء «المركزية» اللبنانية تحدثت قبل أيام، عن اكتشاف مدفن هرمي ميغاليتي رابع في جبل أكروم، في عكار، شمال لبنان، وبأن هذه المدافن هي التي أوحت للفراعنة ببناء أهرامات الجيزة الشهيرة، غير أنّ أهالي المنطقة يقولون إنّهم يعرفون هذه الآثار منذ زمن بعيد. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قال الدكتور أنطوان ضاهر: «هناك بالفعل ثلاثة أهرامات موجودة اليوم، والهرم الرابع الذي يجري التحدث عنه موجود في مكان بعيد عنها نسبياً، ويعود عمر هذه الآثار إلى ما يقارب أربعة أو خمسة آلاف سنة. لكنّنا بصفتنا أهالي المنطقة نعرف بوجود هذه المدافن الميغاليتة، بما فيها الرابع، فهي بادية للمارة والعيان، لكن إهمال الدولة، جعل كل هذه الآثار دائماً في الظل، ولا يتحدث عنها أحد، وهي تخضع للكثير من العبث».
وكان الدليل الجبلي في مجلس البيئة للقبيات، عبد العزيز الزين، يقوم برحلة سيراً على الأقدام في ربوع جبال أكروم، حين لحظ المدفن الميغاليتي الرابع، الذي يبدو أنّ الرعيان هناك وبعض الأهالي، كانوا يعرفونه لكنّه لا يعني لهم شيئاً. واللافت في هذا المدفن الهرمي الموجود في أعالي محلة وادي الدير، أنّه لا يزال محافظاً على شكل بنائه من دون أن يتعرض لأي تخريب. وهو ما أثار الاهتمام والفضول.
وكان الأب تالون الذي كتب عن آثار عكار قبل سبعين سنة، قد ألقى الضوء على 12 مدفناً هرمياً في أكروم. لكن الإهمال وأيادي المخربين، وأحياناً جشع الرّاغبين في سرقة محتويات المدافن، قضت على الكثير منها. ويقول الدكتور ضاهر وهو رئيس مجلس البيئة في القبيات: «ربما قبل 300 سنة، كان هناك 200 مدفن، وقبل 400 أو 500 سنة، كانت أكثر بكثير. فالإهمال يقضي على الآثار. وما هو موجود اليوم يتوجب الحفاظ عليه والاهتمام به».
ويشرح ضاهر: «من الصّعب تحديد الزمن بدقة الذي تعود إليه هذه المدافن، لكنّها بالطبع سبقت الأهرامات، وبناها الإنسان في بداية العصر البرونزي، بعد خروجه من المغارة وبحثه عن سبل أخرى للعيش، وشكلها الهرمي يدل على أنه كان يقلد ببنائها المكان أو البيت الأول الذي يعرفه وكان يعيش فيه».
وكلمة ميغاليتي تعني المدفن المقام من حجارة كبيرة، وهي موجودة بكثرة في المنطقة العكارية القريبة من الحدود السورية التي فيها أنواع مختلفة من المدافن الأثرية. ففي قرية منجز توجد مدافن مشيّدة من حجارة سوداء مسطّحة على شكل غرف لها حيطان ومسقوفة، وفي قرية فريديس القريبة منها قبور ميغاليتة أيضاً لكنّها غير هرمية، أحدها مكتمل، وهي فرصة للأثريين لاكتشاف ملامحها دون تشوه. وما يميز مدافن أكروم، ويثير الكلام حولها اليوم، والتي يبلغ ارتفاعها نحو ثلاثة أمتار، هو هرميتها، وحجارتها البيضاء الكلسية. ويشرح دكتور ضاهر بأنّ «هذه هي نوعية الحجارة المتوفرة في المنطقة التي سهلت بناء مدافن مختلفة في شكلها عن الموجودة في القرى المجاورة».
وينام لبنان على ثروة أثرية، لا يزال الكثير منها في الظل. ويعرف أبناء جبل أكروم الذي يضمّ سبع قرى، ليس بعيداً عن الحدود السورية أنّهم يعيشون بين الآثار وفوقها، وهي تعود إلى عصور عدة. وينظّم مجلس البيئة في القبيات، جولات بمعونة أدلاء جبليين مدربين، لتعريف الرّاغبين بهذه الآثار، التي تضمّ المغاور، والنواويس، والكهوف، والمقابر، والمعابد. وهناك لوحات وادي السبع التي تعود لحملة نبوخذ نصر قبل المسيح، وقلعة الحصين حيث المعابد الرومانية التي لا يزال بعضها قائماً والبعض الآخر تحت التراب. ورغم هذه الثروة فإنّ البعثات الأثرية الغربية التي عملت في لبنان، لم تثر فضولها هذه الجهة من لبنان، لأنّ الدولة لم تُشر يوماً إلى أهمية ما تحويه من آثار. علماً بأن العديد من الآثار بما فيها المدافن الهرمية وذات السقوف المسطحة، هي مكشوفة للعيان، ويعرفها السكان، ومن يتجولون في المنطقة، وكل ما ينقصها هو الإضاءة عليها، والإعلان عن وجودها والتدليل على مدى أهميتها، لفهم بعض المسارات التاريخية التي شهدتها هذه البلاد.
هناك من يعتقد بأنّ هذا الشكل الهرمي للمدافن سبق الأهرامات المصرية بسنوات كثيرة، وأوحى بها للمصريين القدماء الذين زاروا لبنان وعرفوه، وأثريون آخرون يعتبرون أنّ هذا الموضوع يحتاج لمزيد من البحث والتدقيق، ولا يزال الوقت مبكراً للخروج باستنتاجات. لكن في كل الأحوال فإنّ آثار عكار وهذا المنطقة اللبنانية الشمالية، يُعتقد أنّها كانت ممراً رئيسياً للقوافل التجارية، وكذلك شهدت الكثير من المعارك، وعرفت مروراً كثيفاً للغزاة، وهو ما يشهد عليه تنوع آثارها وكثرة مدافنها.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.