تونس: تعديل وزاري يشمل 11 حقيبة

إقصاء جل الوزراء المتهمين بالانحياز لقصر قرطاج في خلاف سعيّد مع المشيشي

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
TT

تونس: تعديل وزاري يشمل 11 حقيبة

رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)
رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي (إ.ب.أ)

أدخل رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، أمس، تعديلاً واسعاً على حكومته، شمل بالخصوص وزارات الداخلية والعدل، وأهم الوزارات الاقتصادية والسياسية، من بينها وزارة الحكم المحلي، والبيئة المثيرة للجدل، بعد اعتقال الوزير المشرف عليها الشهر الماضي، للاشتباه في تورطه في قضية فساد كبيرة، تهم شركات تونسية وأوروبية مختصة في تدوير النفايات.
ووسط ترقب استمر بضعة أسابيع، أعلن المشيشي أمس عن تعديل وزاري موسع، شمل 11 حقيبة وزارية، وهو الأول منذ تسلمه مهامه في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال المشيشي إن حكومته «تتمسك باستقلاليتها السياسية عن كل الأحزاب، وتعتبر نفسها حكومة كفاءات مستقلة»، مدعومة من «الحزام البرلماني» نفسه.
ويضم هذا الحزام حوالي 130 نائباً، من بين الـ217 عضواً في البرلمان، ينتمون لأحزاب «قلب تونس» و«حركة النهضة» الإسلامية، و«تحيا تونس»، إضافة إلى «الكتلة الوطنية» و«كتلة الإصلاح».
وأعلن المشرف على مجموعة «ائتلاف الكرامة»، المحامي سيف الدين مخلوف، أن كتلته لن تمنح الثقة لهذه الحكومة في البرلمان بسبب «انحياز» رئيس البرلمان وحزب «النهضة»، راشد الغنوشي، ضد نواب كتلته، بعد أن اتهمهم بالتورط في تعنيف ثلاثة نواب من حزب «التيار الديمقراطي».
ويدعم هذا التعديل الحكومي رئيس الحكومة هشام المشيشي؛ لأنه تمكن من خلاله من تعيين عدد من مستشاريه، وأعضاء فريقه في قصر الحكومة، على رأس وزارات «استراتيجية»، من بينها «الداخلية» التي عين على رأسها مساعده الأول في قصر الحكومة في القصبة، وهو الوزير الكاتب العام للحكومة وليد الذهبي. كما عين على رأس وزارة العدل شخصية مقربة منه، وهو القاضي يوسف الزواغي المدير العام السابق للجمارك الذي سيخلف القاضي محمد بوستة الذي كان يحسب على قصر قرطاج. وكان المشيشي قد عزل وزير الداخلية المحامي توفيق شرف الدين، مطلع الشهر الجاري، بعد أن اتهمه علناً باتخاذ قرارات أمنية مهمة، من بينها تسمية 40 مسؤولاً أمنياً كبيراً، دون التشاور معه ومع المدير العام للأمن الوطني وآمر الحرس الوطني.
وجاء قرار عزل شرف الدين بعد أيام قليلة من استقباله الرئيس قيس سعيد في مقر وزارة الداخلية، ليلة رأس السنة، بحضور أطر من الوزارة والمشرفين على «غرفة العمليات الأمنية»، وذلك في غياب رئيس الحكومة.
وأدلى الرئيس سعيد وقتها بتصريحات أثارت ردود فعل سياسية متباينة داخل السلطة وخارجها، بعد أن قدم فيها تأويلاً للدستور، اعتبر فيه أن رئيس الجمهورية هو «القائد العام لكل القوات المسلحة»، بما فيها قوات الأمن، علماً بأن المتعارف عليه هو أن صلاحياته تقتصر على الإشراف على وزارة الدفاع والقوات المسلحة العسكرية.
وربط مراقبون في تونس بين إقالة وزيري الداخلية والعدل المقربين من الرئيس سعيد، والصراع العلني بين رأسي السلطة التنفيذية في قصري قرطاج والقصبة، ورئاسة البرلمان في قصر باردو.
وكان توفيق شرف الدين قد ترأس الحملة الانتخابية للرئيس سعيد في محافظة سوسة (جنوبي شرقي العاصمة) صيف 2019، بما ساعد خصوم سعيد على اتهامه بكونه من بين الوزراء «الموالين لقصر قرطاج»، وليس لرئيس الحكومة.
ويعتبر بعض الوزراء المقالين من بين «المتهمين بالانحياز لقصر قرطاج» في خلافه مع رئيس الحكومة والأغلبية البرلمانية.
من جهة أخرى، قدم التعديل الحكومي الجديد، حسب مراقبين، ترضيات لرئاسة البرلمان وللأحزاب التي تشكل «الحزام البرلماني للحكومة»، من خلال تعيين الوزير السابق هشام بن أحمد، أحد قيادات حزب «تحيا تونس»، على رأس حقيبة الحكم المحلي والبيئة. كما أعيد تعيين نقيب المهندسين أسامة الخريجي على رأس حقيبة وزارة الفلاحة والصيد البحري التي تعتبر واحدة من أكبر الوزارات في تونس، وأكثرها حساسية.
من جهة أخرى، تعهد المشيشي بمناسبة المؤتمر الصحافي الذي عقده للإعلان عن التعديل الوزاري: «بتوفير لقاح (كورونا) مجاناً لكل المواطنين»، وذلك بالتعاون مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة التي لم يسمها.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.