في خضم الجائحة... مكسيكو سيتي تحظر البلاستيك الأحادي الاستخدام

مقهى في العاصمة المكسيكية يستخدم أقداحاً للقهوة قابلة للتحلل بدلاً من البلاستيك أحادي الاستخدام (أ.ف.ب)
مقهى في العاصمة المكسيكية يستخدم أقداحاً للقهوة قابلة للتحلل بدلاً من البلاستيك أحادي الاستخدام (أ.ف.ب)
TT

في خضم الجائحة... مكسيكو سيتي تحظر البلاستيك الأحادي الاستخدام

مقهى في العاصمة المكسيكية يستخدم أقداحاً للقهوة قابلة للتحلل بدلاً من البلاستيك أحادي الاستخدام (أ.ف.ب)
مقهى في العاصمة المكسيكية يستخدم أقداحاً للقهوة قابلة للتحلل بدلاً من البلاستيك أحادي الاستخدام (أ.ف.ب)

دخل حظر البلاستيك الأحادي الاستخدام حيز التنفيذ مطلع الشهر الحالي في العاصمة المكسيكية بعد جدل استمر خمسة عشر عاماً، رغم الحاجة المتزايدة إلى هذه المنتجات بفعل الأزمة الصحية، وصعوبة الاعتماد على بدائل، حسب ما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
في بداية عام 2020، بادرت مكسيكو سيتي التي يaبلغ عدد سكانها تسعة ملايين نسمة ينتجون 13 ألف طن من النفايات يومياً، إلى حظر استخدام الأكياس البلاستيك. واليوم، تم حظر أدوات المائدة والأطباق والأغطية البلاستيك بكل أنواعها.
ومع ذلك، ازداد استخدامها بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، خصوصاً في المطاعم التي توفر وجبات معدّة للتسليم.
بالنسبة إلى سيلينا أغيلار، التي اضطر مطعمها إلى الإغلاق مرتين بسبب إجراءات الإغلاق، هذه ضربة جديدة. وقالت «لم نتعاف بعد من الخسائر التي تكبدناها خلال الإغلاق الأول واليوم، يجب أن نبدأ باستخدام أدوات قابلة للتحلل وإلا سنغرّم» مبلغاً يصل إلى 150 ألف بيزو (7466 دولاراً).
لكن وزيرة البيئة في مدينة مكسيكو مارينا روبليس شددت على أن «هذا الالتزام الذي ينبغي على الجميع تطبيقه هو أمر سهل جداً»، حسب ما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية.
يهدف القانون إلى الحد من الاستهلاك المتفشي للمواد شديدة التلويث التي غالباً ما ينتهي بها المطاف في البحار والمحيطات.
تمتد قارة بلاستيكية تقع في شمال شرقي المحيط الهادئ على مساحة 1.6 مليون كيلومتر مربع، أي أكثر من مساحة فرنسا وإسبانيا وألمانيا مجتمعة، وهناك أربع دوامات بحرية أخرى، حيث تتركز ملايين الأطنان من القمامة البلاستيك في المياه.
ووفقاً لمنظمة «أوشن كونسيرفنسي» الأميركية غير الحكومية، يتم إلقاء نحو ثمانية ملايين طن من البلاستيك في المحيطات كل عام، أو ما يعادل شاحنة من المخلفات في الدقيقة. وقاع البحر مليء بنحو 14 مليون طن من الجسيمات البلاستيكية الناتجة من تحلل هذه النفايات، على ما أفادت وكالة الأبحاث الوطنية الأسترالية.
وأوضحت مديرة القواعد البيئية في مديرية البيئة في المكسيك (سيديما) أندريه ليليان غيغيه، أن «الأمر لا يتعلق فقط بتغيير المنتجات أو الأكياس التي تستخدم مرة واحدة، بل يتعلق أيضاً بزيادة الوعي بكمية النفايات التي ننتجها».
وأضافت، أنها تتفهم الصعوبات التي يفرضها هذا الحظر الجديد «بسبب إدمان البلاستيك، لكن أيضاً بسبب الوباء».
وجدت صاحبة المطعم سيلينا أغيلار «مورداً يلبي المعايير»، لكنه «لا يزال مكلفاً للغاية»، وسألت «كيف نولد الموارد للتعويض عما يطلبه القانون منا؟ إنه أمر سخيف».
أما ماريا غونزاليس (71 عاماً) التي بدأت نشاطها في مجال المواد القابلة لإعادة التدوير العام الماضي، فأكدت أن «الناس يترددون في دفع المزيد مقابل شيء سيرمونه».
وأشارت مديرة «سيديما» إلى أن 1432 مؤسسة أُبلغت بالقواعد الجديدة في الفترة بين يوليو (تموز) وديسمبر (كانون الأول)، لكنّ «الكثير منها لم يستمر فقط في استخدام البلاستيك الأحادي الاستخدام، بل زاد استخدامه».
ويسمح القانون باستخدام مواد قابلة لإعادة التدوير، بعضها مصنوع من نشا الذرة، ويمكن أن يتحلل بنسبة 90 في المائة خلال ستة أشهر.
ولفت رئيس الرابطة المكسيكية لصناعة البلاستيك ألديمير توريس إلى أن «القدرة العالمية للمواد القابلة لإعادة التدوير ليست كافية حتى لتلبية حاجات المكسيك» وسكانها البالغ عددهم 129 مليون نسمة. كذلك حذر من تبعات ذلك على هذا القطاع الذي يدر نحو 30 مليار دولار سنوياً ويمكن أن يخسر 20 إلى 50 ألف وظيفة.
إلا أن أورنيلا غاريلي من منظمة «غرينبيس» غير الحكومية في المكسيك، قالت إن القانون «يوفر فرصة لإعادة تعريف العلاقة مع النظم البيئية» في واحدة من أكثر المدن تلوثاً في العالم. وأضافت «الحظر قيد المناقشة منذ 15 عاماً، ومنذ ذلك الوقت، لم تفعل الشركات شيئاً لإيجاد حلول».
ومع ذلك، فهي تحكم على «استخدام أي نوع من المواد التي يمكن التخلص منها (غير البلاستيك) كحل خاطئ»؛ لأن «مصانع إعادة التدوير غير موجودة في المدن المكسيكية».
وأيّد إدغار لوبيز، وهو صاحب كشك صغير لبيع الطعام، القرار وهو يحاول إقناع زبائنه بإحضار حاوياتهم الخاصة. وقال «أعلم أن هذه خطوة صعبة جداً للجميع، لكن الآن هو الوقت المناسب لنا لبدئها، في خضم أزمتين صحية واقتصادية».


مقالات ذات صلة

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

علوم 5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

دعاوى مشروعة للدول الفقيرة وأخرى ارتدادية من الشركات والسياسيين

جيسيكا هولينغر (واشنطن)
بيئة أنثى «الحوت القاتل» الشهيرة «أوركا» أنجبت مجدداً

«أوركا» تنجب مجدداً... والعلماء قلقون

قالت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية إن أنثى الحوت القاتل (التي يُطلق عليها اسم أوركا)، التي اشتهرت بحملها صغيرها نافقاً لأكثر من 1000 ميل في عام 2018 قد أنجبت أنثى

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المَعْلم الشهير كان يميّز الطريق (مواقع التواصل)

«تخريب رهيب» للفيل البرتقالي الضخم و«الآيس كريم» بإنجلترا

أُزيل فيل برتقالي ضخم كان مثبتاً على جانب طريق رئيسي بمقاطعة ديفون بجنوب غرب إنجلترا، بعد تخريبه، وفق ما نقلت «بي بي سي» عن مالكي المَعْلم الشهير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)