المئات يشيعون ناشطة مصرية قتلت بوسط القاهرة عشية ذكرى {ثورة يناير}

حزب التحالف لـ «الشرق الأوسط»: اجتماع عاجل لقادة أحزاب لبحث الرد على «القمع الأمني»

مصريون يرفعون أمس لافتات في مظاهرة تشييع للناشطة شيماء الصباغ التي قتلت عشية ذكرى ثورة 25 يناير (أ.ف.ب) والناشطة السياسية شيماء الصباغ («الشرق الأوسط»)
مصريون يرفعون أمس لافتات في مظاهرة تشييع للناشطة شيماء الصباغ التي قتلت عشية ذكرى ثورة 25 يناير (أ.ف.ب) والناشطة السياسية شيماء الصباغ («الشرق الأوسط»)
TT

المئات يشيعون ناشطة مصرية قتلت بوسط القاهرة عشية ذكرى {ثورة يناير}

مصريون يرفعون أمس لافتات في مظاهرة تشييع للناشطة شيماء الصباغ التي قتلت عشية ذكرى ثورة 25 يناير (أ.ف.ب) والناشطة السياسية شيماء الصباغ («الشرق الأوسط»)
مصريون يرفعون أمس لافتات في مظاهرة تشييع للناشطة شيماء الصباغ التي قتلت عشية ذكرى ثورة 25 يناير (أ.ف.ب) والناشطة السياسية شيماء الصباغ («الشرق الأوسط»)

شيع المئات في مصر أمس الناشطة السياسية شيماء الصباغ القيادية في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، التي قتلت أول من أمس، خلال فض الشرطة لمسيرة للحزب كانت تحمل باقات الورود إلى ميدان التحرير عشية الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير 2011. وقال معتز الشناوي أمين إعلام حزب التحالف لـ«الشرق الأوسط» إن قادة أحزاب يعتزمون الاجتماع خلال الساعات المقبلة لاتخاذ موقف موحد تجاه ما وصفه بـ«السياسة القمعية للقوى الأمنية»، لكن التحقيقات لم تحسم بعد من أطلق النار على المظاهرة.
وأقر قانون لتنظيم الحق في التظاهر نهاية عام 2013 لكنه قوبل باعتراضات واسعة من قبل أحزاب وقوى سياسية. وأدين بموجب القانون المثير للجدل العشرات من النشطاء بينهم شباب من رموز ثورة 25 يناير، مما أدى لتراجع الثقة في السلطات الجديدة في البلاد، لكن مقتل الصباغ ربما يدفع العلاقة المضطربة أصلا إلى طريق مسدود، بحسب مراقبين.
وأدى مئات النشطاء السياسيين وشباب الثورة بمدينة الإسكندرية، صلاة الجنازة على جثمان الصباغ بمسجد النصر بغيط الصعيدي في منطقة محرم بك وسط المدينة، في محل إقامتها. ولف المشيعون، نعش الناشطة بعلم مصر، ورددوا هتافات معادية للقوى الأمنية، ورفعوا أعلاما تحمل صورتها. وحمل حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، في مؤتمر صحافي أمس أجهزة الأمن مسؤولية مقتل الصباغ، وقال القائم بأعمال الحزب مدحت الزاهد «الطرف الوحيد الذي قتلها هو الأمن الموجود في محيط المسيرة».
لكن اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث الرسمي باسم الداخلية علق على الاتهام الموجه للقوى الأمنية بقتل الصباغ قائلا في تصريحات أمس إنه «من الأفضل انتظار نتائج التحقيقات التي تجريها النيابة العامة.. سبق أن وجهت اتهامات مماثلة للشرطة وتبين فيما بعد تورط عناصر إخوانية في تلك الحوادث». وفي مسعى لاحتواء موجة الغضب في صفوف القوى السياسية عقب مقتل الصباغ، أصدر النائب العام أمرا بالتحقيق مع أفراد الشرطة الذين اشتركوا في فض المظاهرة التي قتلت فيها الصباغ في ميدان طلعت حرب بالقاهرة، بعد توصل تقرير الطب الشرعي إلى أنها توفيت نتيجة اختراق رصاصات خرطوش لظهرها من الخلف.
وكان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي نظم مسيرة إلى ميدان التحرير ضمت عشرات من قادة الحزب عشية الذكرى الرابعة لثورة يناير، لوضع أكاليل الزهور في الميدان الذي شهد سقوط قتلى خلال مواجهات مع الأمن في 28 يناير (كانون الثاني) 2011، لكن القوى الأمنية المكلفة بتأمين الميدان فضت المظاهرة باستخدام القنابل المسيلة للدموع.
وقتل نحو 850 متظاهرا في ثورة 25 يناير عام 2011 والتي استمرت 18 يوما كما أصيب أكثر من 6 آلاف بحسب تقرير لجنة حكومية لتقصي الحقائق.
وقال شهود عيان إن عناصر الأمن المركزي استخدمت طلقات الخرطوش لتفريق مسيرة حزب التحالف الشعبي في محيط ميدان طلعت حرب على تخوم ميدان التحرير. وينص قانون التظاهر على وجوب الحصول على ترخيص قبل تنظيم أي مظاهرة، وأنه في حال خروج مظاهرة دون ترخيص يجري اتخاذ خطوات متدرجة لفضها تبدأ بالتحذير ثم استخدام المياه في تفريق المظاهرات المخالفة للقانون.
ويقول شهود عيان إن الشرطة لم تتبع هذه الخطوات. وتعتزم أحزاب مصرية منضوية في تحالف «التيار الديمقراطي» الاجتماع لاتخاذ موقف للرد على مقتل الصباغ. وقال الشناوي إن قادة أحزاب التحالف (الدستور، والتحالف الشعبي، والتيار الشعبي والكرامة، والعدل، ومصر الحرية، والمصري الديمقراطي الاجتماعي) ستجتمع خلال الساعات المقبلة لإعلان موقف موحد تجاه ما سماه «السياسة القمعية لوزارة الداخلية وللرد على إصرار الدولة متمثلة في النظام القائم على الاستهانة بدماء المصريين».
من جانبها قالت هالة شكر الله رئيسة حزب الدستور التي شاركت في مؤتمر حزب التحالف أمس إن «يوم وفاة الصباغ هو يوم حداد للشعب المصري ككل لأنه شهد فقدان إحدى المدافعات عن الحريات».
ووجهت قيادات حزبية انتقادات عنيفة لوزارة الداخلية والحكومة خلال مشاركتها في مؤتمر حزب التحالف الشعبي الاشتراكي الذي يتولى رئيسه عبد الغفار شكر منصب الأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان شبه الرسمي.
وقال رئيس الوزراء إبراهيم محلب في بيان نشرته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية مساء أول من أمس إن تحقيقا نزيها سيتوصل إلى قاتل شيماء الصباغ. وأضاف محلب «لدي يقين في أن كل من له حق سيحصل عليه ومن أخطأ وأدين سينال عقابه أيا كان وفق تحقيقات نزيهة وقضاء عادل».
وأصدرت معظم الأحزاب الرئيسية في البلاد بيانات إدانة لمقتل الصباغ، وطالبت الأحزاب في بياناتها بضرورة التحقيق في الواقعة ومحاسبة المسؤولين، وذهبت أحزاب أخرى للمطالبة بإقالة وزير الداخلية.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.