الفلسطينيون ينتظرون تغيير المشهد في واشنطن وتل أبيب

جنود إسرائيليون يوقفون متظاهراً خلال احتجاجات على الاستيطان في عقربا قرب نابلس (رويترز)
جنود إسرائيليون يوقفون متظاهراً خلال احتجاجات على الاستيطان في عقربا قرب نابلس (رويترز)
TT

الفلسطينيون ينتظرون تغيير المشهد في واشنطن وتل أبيب

جنود إسرائيليون يوقفون متظاهراً خلال احتجاجات على الاستيطان في عقربا قرب نابلس (رويترز)
جنود إسرائيليون يوقفون متظاهراً خلال احتجاجات على الاستيطان في عقربا قرب نابلس (رويترز)

قال مسؤول فلسطيني إنه لا توجد خطط، أو نية، لعقد أي لقاء رسمي مع المسؤولين الإسرائيليين في هذه المرحلة، وذلك تعليقاً على تقارير نشرت مؤخراً تحدثت عن وساطات قامت بها أطراف ودول، لعقد لقاء يجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو اجتماع وزيري الخارجية رياض المالكي وغابي أشكنازي.
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا طائل من اللقاء مع حكومة يمينية متطرفة ومفككة، وفي ظل مرحلة انتقالية في الولايات المتحدة».
وتابع: «لماذا نلتقي... على ماذا ومن أجل أي شيء في هذا الوقت وهم على أبواب انتخابات؟ هل هذه حكومة مستعدة لصنع السلام أو حتى قادرة عليه؟ لا جدوى من هذه اللقاءات، ونحن أبلغنا الأطراف بذلك، مع ملاحظة أننا مستعدون دوماً لصنع سلام حقيقي مرجعيته الشرعية الدولية».
وأضاف: «قلنا للجميع إننا مستعدون لإطلاق عملية سياسية مرجعيتها الشرعية الدولية، وطلبنا موقفاً إسرائيلياً واضحاً حول أنهم مستعدون لمفاوضات وفق الشرعية الدولية». واستبعد المسؤول عقد مثل هذه اللقاءات قبل أن تتضح الصورة أكثر في الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتراهن القيادة الفلسطينية على تغييرات كبيرة مع وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الحكم، وهو تغيير سيطال الموقف في إسرائيل والإقليم بأكمله. وقلب فوز بايدن الأمور رأساً على عقب في رام الله، فقد أعلنت السلطة، فوراً، إعادة الاتصالات مع إسرائيل بعد تجميدها 6 أشهر، وأعادت السفراء إلى دول عربية سحبتهم منها احتجاجاً على اتفاقات التطبيع، وقالت إنها مستعدة للمفاوضات مع إسرائيل من دون شروط.
ويسعى عباس لإطلاق عملية سياسية جديدة في المنطقة بعد تغيير الإدارة الأميركية، ومن أجل ذلك كثفت السلطة اتصالاتها بـ«الرباعية الدولية» ومع المحيط العربي، وأجرت اتصالات مع فريق بايدن. لكن عضو «اللجنة التنفيذية» بـ«منظمة التحرير»، واصل أبو يوسف، قال لـ«الشرق الأوسط» إن المراهنة على تغيير جذري في الموقف الأميركي لصالح القضية الفلسطينية، «هو رهان على سراب». وأضاف أن «الحزبين الديمقراطي والجمهوري ملتزمان بدعم الاحتلال مالياً واقتصادياً وعسكرياً. نعم نتوقع تغييرات؛ لكن ليس لجهة إنصاف الفلسطينيين وإيجاد حل جذري للقضية وفق ثوابتنا». وتابع أن «التغيير سيكون نسبياً».
وأكد أبو يوسف أنه رغم وجود مثل هذه القناعة في رام الله، فإن التوجه لا يزال نحو عقد مؤتمر دولي للسلام، لافتاً إلى أن «الحديث عن مقاربة مختلفة وجديدة؛ أي أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لعملية سياسية مرجعيتها قرارات الشرعية الدولية وإطلاق مؤتمر دولي للسلام»، مضيفاً أنه «وبغض النظر عن موقف الإدارة الجديد، فنحن مستمرون في الكفاح، ولا نتراجع عن ثوابتنا نحو إقامة دولة فلسطينية عاصتها القدس». وختم بالقول: «دون ذلك؛ فلسنا مستعدين لأي خطوة».
ومع انتظار كيف سيكون المشهد في إسرائيل والولايات المتحدة، يعمل الفلسطينيون بلا كلل من أجل إطلاق مؤتمر دولي للسلام. ويسعى عباس إلى التنسيق مع دول مثل روسيا والصين، والاتحاد الأوروبي، كما يسعى إلى تنسيق المواقف العربية مع وصول بايدن إلى الحكم في الولايات المتحدة. ويريد الفلسطينيون عقد مؤتمر دولي تحضره «الرباعية الدولية» ودول أخرى، من أجل إطلاق آلية متعددة الأطراف لرعاية مفاوضات بينهم وبين الإسرائيليين، على قاعدة الشرعية الدولية المستندة إلى قرار مجلس الأمن «1515» الذي ينص على أن الأرض الفلسطينية هي الأرض المحتلة عام 1967.
يذكر أن المفاوضات انهارت بين الجانبين، في المرة الأخيرة، في عام 2014 أثناء محاولات إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما التوصل إلى اتفاق إطار حول مسائل محددة؛ من بينها الحدود.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.