انطلاق الحوار الليبي في جنيف... وتشديد أممي على الانتخابات

احتدام الصراع على النفوذ بين وزيري الداخلية والدفاع في حكومة «الوفاق»

وزير الداخلية بـ«الوفاق» خلال لقائه في طرابلس وفداً من شركة «روز بارتنز» البريطانية (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية بـ«الوفاق» خلال لقائه في طرابلس وفداً من شركة «روز بارتنز» البريطانية (وزارة الداخلية)
TT

انطلاق الحوار الليبي في جنيف... وتشديد أممي على الانتخابات

وزير الداخلية بـ«الوفاق» خلال لقائه في طرابلس وفداً من شركة «روز بارتنز» البريطانية (وزارة الداخلية)
وزير الداخلية بـ«الوفاق» خلال لقائه في طرابلس وفداً من شركة «روز بارتنز» البريطانية (وزارة الداخلية)

وسط تطلعات غربية وأممية بتشكيل حكومة جديدة في ليبيا، وتخوفات أميركية من مخاطر «تضييع هذه الفرصة»، انطلقت أمس في مدينة جنيف السويسرية أعمال اللجنة الاستشارية لملتقى الحوار السياسي، الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، وفي غضون ذلك احتدم الصراع على النفوذ بين وزيري الداخلية والدفاع بحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، قبيل إطلاق عملية أمنية موسعة غرب البلاد.
وقالت البعثة الأممية في بيانها، أمس، إن اجتماع اللجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، «انطلق بالنشيد الوطني، تلته كلمة افتتاحية من ستيفاني ويليامز رئيسة البعثة بالإنابة»، مشيرة إلى أن اللجنة التي تجتمع مباشرة في قصر الأمم المتحدة بجنيف لمدة 3 أيام، والتي تم تأسيسها مؤخراً بولاية محددة زمنياً بشكل صارم، «ستكون مهمتها الرئيسية مناقشة القضايا العالقة ذات الصلة باختيار السلطة التنفيذية الموحدة، وتقديم توصيات ملموسة وعملية، لتقرر بشأنها الجلسة العامة للملتقى».
وشددت البعثة في بيانها على أن موعد الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل «أمر ثابت» بالنسبة إليها، لافتة إلى أنه «مبدأ إرشادي وهدف لا يمكن التخلي عنه». واستبق ريتشارد نورلاند، السفير الأميركي لدى ليبيا، هذا الاجتماع بإبداء تخوفه للمشاركين في الاجتماع من أن فرصتهم للتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل سلطة تنفيذية مؤقتة جديدة «لن تدوم إلى الأبد»، مشيرا إلى أن هذه الفرصة «يمكن أن تمهد الطريق للانتخابات الوطنية» في وقت لاحق من العام الجاري. وقال بهذا الخصوص: «المجتمعون لديهم التفويض لاستعادة سيادة ليبيا، والاستجابة لدعوة الشعب الليبي للتغيير. غير أنّنا نخشى أنّ فرصتهم للقيام بذلك لن تدوم إلى الأبد».
بدوره، اعتبر أوليفر أوفتشا، سفير ألمانيا لدى ليبيا، أنه بانعقاد اللجنة الاستشارية «تدخل العملية السياسية في ليبيا مرحلة حرجة». وشجع في بيان مقتضب عبر «تويتر» أعضاء لجنة التوافقات المجتمعين في جنيف، وكذلك جميع الأطراف السياسية المعنية، على الاستفادة من تنسيق بعثة الأمم المتحدة، وتمهيد الطريق نحو سلطة تنفيذية موحدة في ليبيا.
من جانبه، قال نيكولاس هوبتون سفير بريطانيا لدى ليبيا في بيان مماثل، إن المشاركين في اجتماع جنيف يملكون «فرصة قيّمة لدعم أولويات الشعب الليبي، والتوصل إلى مُقترح، للدفع بليبيا إلى الأمام لإجراء انتخابات حرة ونزيهة هذا العام».
في غضون ذلك، يخطط أنطونيو غوتيريش، الأمين العام الأمم المتحدة، لترشيح المنسق الدبلوماسي السلوفاكي يان كوبيش، الذي ترأس في السابق بعثتي الأمم المتحدة في أفغانستان والعراق، لمنصب رئيس البعثة إلى ليبيا، وفقا لما نقلته وكالة «نوفوستي» عن مصدر، قال إن ترشيحه قيد الدراسة. لكنه لم يقدم رسميا حتى الآن إلى مجلس الأمن للمصادقة عليه. واستعدادا لنشر مراقبين دوليين لمتابعة تنفيذ الهدنة بين قوات حكومة «الوفاق» و«الجيش الوطني»، طلبت الأمم المتحدة، رسميا، من الجامعة العربية والاتحادين الأفريقي والأوروبي، ترشيح خبراء لمراقبة وقف إطلاق النار في محاور التماس، خاصة في سرت والجفرة.
بموازاة ذلك، احتدم الصراع بين فتحي باشاغا وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، وزميله فيها وزير الدفاع صلاح النمروش، وسط مخاوف من اندلاع مواجهات بين قوات الطرفين في العاصمة طرابلس، وذلك على خلفية عملية «صيد الأفاعي»، التي يعتزم باشا أغا تدشينها ضد الميليشيات المسلحة في غرب البلاد.
وأعلن النمروش أنه اتفق أمس مع محمد الحداد، رئيس أركان قوات «الوفاق»، وأمراء المناطق العسكرية على توقيع ميثاق شرف، يضمن عدم اصطدام الكتائب والقوات ببعضها مهما كانت الأسباب.
وكان النمروش والحداد قد اجتمعا مع قادة وآمري الكتائب العسكرية في المنطقة الغربية وطرابلس والوسطى، حيث تم الاتفاق أيضا على تشكيل لجنة يرأسها النمروش للتواصل مع المجلس الرئاسي للحكومة، بهدف ضمان عدم حدوث صدام بين قوات الداخلية والدفاع. بالإضافة إلى الاتفاق على أن يكون الجميع تحت طائلة القانون من دون أي استثناء، وأن كل منطقة عسكرية كفيلة بتسليم كل من يطلبه النائب العام. كما اجتمع النمروش والحداد أمس بمدينة زوارة مع القيادات العسكرية، والمكونات السياسية والاجتماعية بالمدينة.
لكن باشاغا واصل في المقابل تجاهل اعتراضات النمروش وقادة قوات الحكومة، وسعى أمس إلى إعطاء بعد دولي لعمليته «صيد الأفاعى»، بعدما وصفها بأنها «عملية أمنية كبيرة».
في المقابل، أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، في بيان وزعه مكتبه عن تلقيه تأكيدا من وفد مشايخ وأعيان قبيلة الكواديك، الذي التقاه بمقره مساء أول من أمس، على موقفه الداعم «في أي حرب» قد يخوضها الجيش «للدفاع عن الوطن».
لافتا إلى أن أعضاء الوفد عبروا عن كامل امتنانهم لجهوده في بناء أركان القوات المسلحة المختلفة، باعتبارها درع الوطن وطوق نجاته، مؤكدين تأييدهم الكامل لكل جهوده الساعية لإحلال السلام في البلاد.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.