يعتبر فيلم «ذا بيرفكت سترانجر» (The perfect stranger) من أشهر الأعمال السينمائية في الألفية الثانية. فنسخته الأصلية بالإيطالية (Perfetti sconosciuti) حققّت نجاحاً باهراً، وحصدت الجوائز في مهرجانات سينمائية عديدة. عرض في صالات السينما الإيطالية في عام 2016 ودخل في عام 2019 موسوعة «غينيس». فصنّف الفيلم الأكثر إعادة إنتاجاً في تاريخ السينما بإجمالي 18 نسخة مختلفة منه.
اليوم يعاد إنتاج هذا الفيلم ولأول مرة بنسخة عربية، مع فريق عمل لبناني بدءاً من مخرجه وسام سميرة. ويجتمع حول عملية إنتاجه كل من اللبنانيين ماريو حداد، رئيس شركة «أمبير إنترناشيونال»، وجان لوكا شقرا، مدير شركة «فرونت رو فيلمد إنترتايمنت»، والمصري محمد حفظي، رئيس شركة فيلم «كلينك»، في حين مهمة الإنتاج التنفيذي تعود إلى ميادة الحراكي.
وكانت عملية تصوير الفيلم التي ستجري في لبنان قد تم تأجيلها مرتين بسبب جائحة «كوفيد - 19» والأوضاع السياسية غير المستقرة. وكتب نص الفيلم المسرحي غبريال يمين بمشاركة مخرج العمل وسام سميرة. ويشارك فيه باقة من النجوم اللبنانيين والعرب، وفي مقدمهم نادين لبكي، ومنى زكي، وإياد نصار، وعادل كرم، وجورج خباز، وديامان بو عبود.
وتدور أحداث الفيلم في لبنان وسط الثورة اللبنانية، ومجابهة جائحة فيروس كورونا. تجتمع مجموعة من سبعة أصدقاء قدامى على العشاء، ويقررون أن يلعبوا لعبة شروطها أن يضع الجميع هواتفهم الخلوية على المائدة، ويجعلوا الهواتف والرسائل النصية متاحة للجميع. في البداية تكون اللعبة مسلية ومرحة إلى أن تصبح الأمور أكثر جدية وبلا ريب عندما تفضح الأسرار المكتومة وتخرج إلى العلن.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، يؤكد صاحب فكرة إنتاج الفيلم جان لوكا شقرا، أن هذا الفيلم سيكون نقطة انطلاقة حقيقية لصناعة الأفلام السينمائية العربية على مستوى عالمي. ويضيف «اعتدنا في بلادنا العربية على السينما التجارية بشكل كبير. حاولت السينما اللبنانية تغيير هذا النمط بإدارة مخرجين مبدعين أمثال نادين لبكي وزياد الدويري. وتحويلها هذا جعلها تندرج على لائحة الأعمال الفنية المميزة. ونجحت في دخولها مهرجانات عالمية من باب صناعة سينمائية لموضوعات تعالج بعمق. ورغم ذلك بقيت هذه النوعية من الأفلام اللبنانية لا تستقطب المشاهد عامة في منطقة الشرق الأوسط. وصار لديه حكم مسبق عليها؛ كونه لا يستوعب تعقيداتها». ويتابع شقرا «فكرنا بأخذ هذه الصناعة إلى مكان أبعد، وقررنا القيام بهذه التجربة لتكون الأولى من نوعها في العالم العربي بحيث يفهمها الجميع. فنحن مؤمنون بقدراتنا، وبضرورة دخول عالم السينما من بابها العريض. فالفيلم سبق وأعيد إنتاجه بـ18 نسخة أجنبية وبينها الفرنسية والمكسيكية والألمانية والكورية والهندية وغيرها. ومع هذا العمل سنبرهن للعالم أننا نستطيع إحراز الفرق في هذه الصناعة، بعيداً عن أهداف مادية طبعت صناعات سابقة».
وبحسب جان لوكا شقرا، فإن ميزانية الفيلم ليست بالضخمة، ويوضح «هي ميزانية عادية، سيما وأن غالبية أحداث الفيلم تدور على مائدة طعام في منزل. وكان همّنا الأول والأخير يرتبط بنص ومحتوى جيّدين، وهو ما جهدنا من أجل تحقيقه بعيداً عن موضوع المال. حتى النجوم المشاركون فيه لم يهتموا لطبيعة الأجر الذي سينالونه مقابل مشاركتهم فيه. فهم أبدوا حماسهم للموضوع لمجرد قيامهم بتجربة سينمائية فريدة من نوعها. الأمر الذي دفعهم للموافقة والمشاركة فيه من دون أي شروط تذكر».
وعن كيفية اختيارهم نجوم الفيلم، يقول «اتخذت الخلطة العربية في أفلام السينما بشكل عام الطابع التجاري. لم تأت منطقية وطبيعية في غالبيتها لأنها شبه مفروضة على مشاهدها فلم تحقق أهدافها المرجوة. وفي هذا العمل تأتي الخلطة واقعية تنبع من يومياتنا كي نصدّقها. وهناك تجانس بين المشاركين فيه فغالبيتهم يعرفون بعضها بعضاً ومتحمسون لهذا التعاون بينهم». وعن عملية كتابة الفيلم كي يواكب لبنان والبلدان العربية بطابعه العام، يقول «بدأنا هذه العملية مع غبريال يمين ومن بعدها أجرينا عليها بعض التعديلات بمساعدة مخرج العمل وسام سميرة. فأردناه نصاً عفوياً وتلقائياً يشبهنا ولا يتقيد بتغليفة مهذبة وتقليدية. كما أدخلنا عليه الطابع الحدثي؛ كي يأتي مواكباً لما نعيشه، فلا يبدو وكأنه يعود إلى حقبة ماضية.
ومن هنا جاءت فكرة تطعيمه بأجواء الثورة اللبنانية وبوباء (كوفيد – 19)».
واللافت أن النسخة العربية من الفيلم ستسبق الأميركية، والتي لم يتم تحديد موعد محدد بعد لتنفيذها وتصويرها وعرضها. في حين النسخة العربية سينطلق تصويرها في فبراير (شباط) المقبل على أن تعرض في صالات السينما في نهاية موسم الصيف من العام الحالي.
ويرى جان لوكا شقرا، أن عالم الأعمال وصناعة السينما يشهد تغييرات جذرية. ويتابع «نحن في العالم العربي اعتدنا الترويج لسينما أجنبية، وعندما فكرنا في شراء حقوق فيلم (برفكت سترانجر) وضعنا أمام أعيننا هدفاً واضحاً، وهو الخروج عن المألوف، وإبراز قدراتنا مع فريق عمل عربي رائع». وعما إذا وضع القيّمون على النسخة الأصلية للفيلم شروطاً معينة لتحويلها إلى العربية، يجيب «العنصر المهم كان الحصول على حقوق الفيلم وبعدما عالجنا محتواه من نص وحوار أرسلناه إليهم ولم يبدوا أي ملاحظة».