شدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، على ضرورة إحياء الاتفاق النووي الإيراني خلال الأسابيع القليلة المقبلة، بعدما استأنفت طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة، وتهديد برلمانها بتقييد وصول المفتشين لمواقعها اعتباراً من الشهر المقبل، في وقت تباينت فيه الخارجية الإيرانية ونواب البرلمان بشأن تفسير قانون ينص على تقويض عمليات التفتيش الدولية.
وحذر غروسي في مقابلة في إطار مؤتمر «رويترز نيكست»: «من الواضح أنه ليست لدينا شهور طويلة. أمامنا أسابيع على الأرجح»، حسب «رويترز».
وجدد علي أكبر ولايتي، مستشار «المرشد» الإيراني للشؤون الدولية، شروط بلاده للعودة إلى تنفيذ تعهدات الاتفاق النووي، بعودة الولايات المتحدة للاتفاق.
وقال ولايتي في مقابلة نشرها موقع خامنئي الرسمي، أمس: «يتناقشون؛ هل تعود أميركا للاتفاق أم لن تعود؟ لسنا متعجلين عودة أميركا للاتفاق، وليست القضية هي أن تعود أم لا تعود. مطالبنا المنطقية والعقلانية هي رفع العقوبات».
وقال ولايتي إن «رفع العقوبات سيترجم على أنه عودة أميركية للاتفاق، لكن إذا استمرت العقوبات، فإن عودة أميركا للاتفاق ستكون على حسابنا وليست في صالحنا؛ بل قد تكون مضرة لنا».
جاء ذلك في وقت دفعت فيه الخارجية الإيرانية، أمس، باتجاه تسويق تفسير مغاير لمادة في القانون جديدة، تلزم البرلمان بطرد المفتشين الدوليين في حال لم ترفع العقوبات الأميركية عن إيران، إذ نفى المتحدث باسم الخارجية، سعيد خطيب زاده، تصريحات نائب رئيس البرلمان، أحمد أمير آبادي فراهاني، الذي لوح بطرد المفتشين الدوليين.
وقال آبادي فراهاني، الجمعة: «إذا لم يرفع الأميركيون العقوبات المالية والمصرفية والنفطية بحلول 21 فبراير (شباط)، فإننا سنطرد، وبمقتضى القانون، مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من البلاد بالتأكيد، وسننهي التنفيذ الطوعي للبروتوكول الإضافي».
وقال خطيب زاده: «القانون واضح، ربما النائب خانه التعبير، وقصد الاستناد على المادة السادسة التي تنص على وقف اتفاقية الضمانات، في حال لم تعمل الأطراف الأخرى بتعهداتها، وهذا لا يعني طرد المفتشين في إطار معاهدة حظر الانتشار وتعهداتنا متواصلة مع الوكالة الدولية في هذا الصدد».
وكان المتحدث يشير إلى قانون أقر البرلمان الشهر الماضي، ويلزم الحكومة بوقف عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة التابعة للأمم المتحدة في المواقع النووية الإيرانية ورفع مستوى تخصيب اليورانيوم عن النسبة المحددة في الاتفاق النووي إلى 20 في المائة، فضلاً عن تشغيل ألفي جهاز طرد مركزي متطور في منشأتي فردو نطنز، وذلك إذا لم يتم تخفيف العقوبات.
وأقر مجلس صيانة الدستور الإيراني القانون بعد 24 ساعة من تمرير القانون في البرلمان، وانتقدت الحكومة ومنظمة الطاقة الذرية القانون في البداية، في حين قالت الخارجية إنها ستبدأ العمل فيه إذا أكمل مراحله القانونية، وبالفعل، بدأت الحكومة العمل به، عقب إبلاغه من الرئيس حسن روحاني.
وسط تباين البرلمان والحكومة، تعهد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي بتنفيذ قانون البرلمان بالكامل، ونقل موقع البرلمان الإيراني «خانه ملت» عنه القول: «ستنفذ المنظمة قانون إلغاء العقوبات، على الصعيد التقني بنسبة 100 في المائة، بغض النظر عن كيفية كتابة الأوامر التنفيذية (من جانب الحكومة)».
وقال كمالوندي إن «الأمور تسير باتجاه تنفيذ القانون». وقال: «وفقاً للقانون، إذا لم تلغَ العقوبات في الموعد المحدد فإن التنفيذ التطوعي للبروتوكول الإضافي سيتوقف، وهذا لا يعني طرد المتفشين الدوليين». وأضاف: «في الواقع، لدينا مستويات مختلفة من المفتشين، واحد منها التحقق من اتفاقية الضمامات والآخر البروتوكول الإضافي، في حال توقف تنفيذ البروتوكول الإضافي فإن التفتيش الخاص به سيتوقف».
وقال كمالوندي إن المنظمة بدأت تجهيز أجهزة الطرد المركزي من طراز «آي آر 2 إم».
وقبل ذلك بيومين، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان، إن هناك التزاماً على إيران للسماح بدخول المفتشين. وأضاف مرة أخرى: «يستخدم النظام الإيراني برنامجه النووي لابتزاز المجتمع الدولي وتهديد الأمن الإقليمي».
من جانب آخر، رفض المتحدث باسم الخارجية، بيان الثلاثي الأوروبي (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) الذي طالب إيران بوقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة. وقال: «واحدة من مشكلاتنا مع بعض الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق النووي، أنها لم تعمل بتعهداتها النووية فحسب، بل إنها تشارك أميركا في انتهاك الاتفاق النووي».
وقال خطيب زاده إن «تلك الدول تعلم أن ما يحدث اليوم من خفض تعهدات الاتفاق النووي، ينص عليه الاتفاق وخطوات إيران من أجل حفظ هذا الاتفاق الدولي». وأضاف الأهم من ذلك، «تدرك» الدول الأوروبية أن ما يحدث في إيران «مؤشر على مرض ومشكلة، وليس جذورها». وقال: «ما تقوم به إيران رداً على خطأ وقضية جذرية، وهو انتهاك الاتفاق من الولايات المتحدة والدول الأوروبية».
واعتبر خطيب زاده أن «خطوات إيران قابلة للتراجع عنها»، وقال: «يجب عليهم العودة إلى تعهداتهم وعلاج الجذور». وأضاف: «أن نستخدم مهدئاً لكي تتراجع الحمى، ليس حلاً، الحل هو تنفيذ كامل الاتفاق من قبل الدول الأعضاء في الاتفاق».
والأربعاء الماضي، قالت القوى الأوروبية الثلاث في بيان مشترك إن خطوة طهران باستئناف تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء 20 في المائة «ليس لها أي مبرر منطقي من جهة الاعتبارات المدنية وتنطوي على مخاطر كبيرة للغاية بخصوص الانتشار (النووي)»، مشددة على أنها تمثل «انتهاكاً صريحاً لالتزامات إيران... ويفرغ الاتفاق من مضمونه على نحو أكبر». ولاحظت أن الخطوة الإيرانية «تثير أيضاً مخاطر تهدد فرصة مهمة للعودة إلى الدبلوماسية مع الإدارة الأميركية الجديدة»، في إشارة إلى وعود الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لإعادة بلاده إلى الاتفاق.
في الأثناء، نقل موقع البرلمان الإيراني (خانه ملت)، عن رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، فريدون عباسي، أنه «لن نطرد المفتشين الدوليين لكن لن نسمح لهم بدخول البلاد»، وأضاف: «وفقاً للقانون، عندما يريد مفتشو الوكالة دخول البلاد، نمنحهم تأشيرة دخول، لكن في حال امتنعنا، ستتوقف عمليات التفتيش المفاجئة».
وشغل عباسي منصب رئيس منظمة الطاقة الذرية، في زمن محمود أحمدي نجاد، وكان من ضمن المسؤولين النوويين الذين تعرضوا لمحاولة اغتيال في 2010. من جانبه، قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، أبو الفضل عمويي، إن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تعكف على تصميم مفاعل مياه ثقيلة مماثل لمفاعل أراك، 250 كيلومتراً جنوب غربي طهران، قبول إعادة تصميمه وفق الاتفاق النووي.
وقالت القوى الأجنبية الموقعة على الاتفاق إن المنشأة كان من الممكن أن تنتج في نهاية المطاف مادة البلوتونيوم التي يمكن أيضاً استخدامها في صنع قنابل ذرية.
ونقلت صحف إيرانية عن عموئي قوله عقب اجتماع جرى أول من أمس، بين نواب البرلمان ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، إن منظمة الطاقة الذرية تعمل على تصميم مفاعل للمياه الثقيلة بقوة 40 ميغاواط، يهدف إلى «إجراء أبحاث طبية» بموازاة عمليات إعادة تطوير تقوم بها السلطات منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019، لتشغيل الدائرة الثانية لمفاعل أراك باسم مفاعل «خنداب» الذي يهدف لإنتاج الماء الثقيل المستخدم لإبطاء التفاعلات في قلب المفاعلات النووية.
وبحسب عموئي، فإن المادة الخامسة من القانون الجديد تلزم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بتقديم جدول زمني لإنشاء مفاعل مياه ثقيلة لأهداف «طبية».
في شأن متصل، كشف أمير حسين قاضي زاده، نائب رئيس البرلمان، عن نية الحكومة الإيرانية ضخ العملة إلى الأسواق، مع بداية إدارة بايدن، بهدف خفض كبير في أسعار الدولار في الأسواق، متهماً إدارة حسن روحاني بـ«التلاعب» بأسعار الدولار و«توظيف سياسي للعملة وحاجات الناس».
وأشار قاضي زاده في مقابلة تلفزيونية، ليلة الأحد/ الاثنين، إلى مخطط للحكومة الإيرانية لضبط أسعار الدولار في غضون ستة أشهر، لافتاً إلى أن الخطوة تأتي تمهيداً للمفاوضات.
«الطاقة الذرية» تطلب «إحياء الدبلوماسية» بعد تهديد طهران بتقويض عمل المفتشين
الخارجية الإيرانية تحدثت عن «اتفاقية الضمانات» وليس معاهدة حظر الانتشار... والبرلمان طلب خطة لإنشاء مفاعل مياه ثقيلة
«الطاقة الذرية» تطلب «إحياء الدبلوماسية» بعد تهديد طهران بتقويض عمل المفتشين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة