«حزب الله» يخرق الجمود في «التواصل» مع بكركي... ولا ينهي التأزم

مصادر البطريركية المارونية تؤكد أن أبوابها «مفتوحة للجميع»

TT

«حزب الله» يخرق الجمود في «التواصل» مع بكركي... ولا ينهي التأزم

لم ينهِ الاتصال الذي بادر إليه مسؤول في «حزب الله» بالبطريرك الماروني بشارة الراعي بغرض تقديم واجب العزاء برحيل شقيقه، التأزم بين بكركي والحزب الذي ظهرت ملامحه في الصيف الماضي إثر إطلاق الراعي وثيقة «الحياد الناشط»، ولو أنه حقق خرقاً في الجمود الذي طرأ على تواصلهما خلال الأشهر الماضية.
وأجرى رئيس المجلس السياسي في الحزب إبراهيم أمين السيد اتصالاً بالبطريرك الراعي لتقديم واجب العزاء برحيل شقيقه، وتطرق الحديث بينهما إلى «مواضيع الساعة في لبنان».
وقللت مصادر مواكبة لهذا الاتصال من رمزيته السياسية، داعية للفصل بين الواجبات الاجتماعية والشؤون السياسية، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن الاتصال «جرى بغرض التعزية»، من غير الجزم ما إذا كان كسراً للجمود أو ترميماً للعلاقة «لأن البطريرك ليس جزءاً من اللعبة السياسية»، مشددة على أن أبواب بكركي (مقر البطريركية المارونية) مفتوحة للجميع.
ويعد هذا الاتصال، الأول منذ انقطاع التواصل بين الطرفين الذي كان يجري عبر لجنة مشتركة في السابق، لم تجتمع منذ قرابة العام، ما يؤشر إلى قطيعة سياسية بين الطرفين، وتأزمت العلاقة بينهما إثر إطلاق الراعي في يوليو (تموز) الفائت وثيقة الحياد الناشط القائمة على «عدم دخول لبنان في تحالفات ومحاور وصراعات سياسية، وحروب إقليمية ودولية ومنع أي دولة عن التدخل بشؤونه»، و«تعزيز الدولة اللبنانية لتكون دولة قويّة عسكرياً وبجيشها ومؤسساتها وقانونها وعدالتها ووحدتها الداخليّة، لكي تضمن أمنها الداخلي من جهة، وتدافع عن نفسها بوجه أي اعتداء بري أو بحري أو جوّي يأتيها، سواء من إسرائيل أو من غيرها من جهة أخرى».
ورفضت مصادر قريبة من بكركي وصف مستجدات العلاقة منذ عام على أنها «قطعية»، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن الأفضل تسميتها «عدم تواصل على خلفية اختلاف بوجهات النظر». وإذ شددت على أن «أبوب بكركي مفتوحة للجميع»، قالت إن مواقف البطريرك «ربما فُسرت على نحو خاطئ، وحُملت على أنها استهداف للحزب بالنظر إلى أنها لا تنسجم مع مواقف الحزب في بعض الملفات مثل النأي بالنفس، ما انعكس على العلاقة بين الطرفين رغم أن الراعي لا يبتغي الضرر بل لم الشمل الوطني والالتفاف حول دولة واحدة يسودها القانون والاستقرار والسلم الأهلي».
ودخل مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط تقريب وجهات النظر، بمبادرة شخصية منه، بحسب ما قالت المصادر، لكن لم يحصل أي تقدم، لافتة إلى أن «البطريرك لا يبدل ولا يعدل بمواقفه عندما يكون مقتنعاً بها، إلا إذا فرضت المصلحة الوطنية العليا ذلك».
ورغم التأزم الواضح في العلاقة، لم يصدر الحزب أي تعليق على وثيقة الحياد، أو انتقاد الراعي لملف سلاحه، طوال الأشهر الماضية. وإذ نأى بنفسه عن إصدار موقف مباشر، يكرر مسؤولوه تمسكهم بـ«سلاح المقاومة» بوصفه «الطريقة الوحيدة لحماية لبنان من التهديدات الإسرائيلية».
ويرى عميد «المجلس العام الماروني» الوزير الأسبق وديع الخازن أن الاتصال «يمثل مؤشراً على فتح الباب لإعادة وصل ما انقطع بين بكركي والحزب، بالنظر إلى أهمية هذا الصرح الوطني»، مشيراً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «البطريرك لا يتعاطى سياسة، بل الشأن الوطني، ويسعى من منطلقاته الوطنية إلى جمع الشمل والانتظام العام بمؤسسات الدولة». وقال: «بناء على ذلك، يرى البطريرك أن الحياد هو الطريق الأسلم لاستنهاض الدولة ومؤسساتها»، مشدداً على أن الأولوية التي يمنحها الراعي اليوم لحراكه، «تتمثل في تشكيل حكومة إنقاذية مؤلفة من اختصاصيين ومستقلين ترعى شؤون البلد وتحوز على رضا المجتمع الدولي لاستدراج المساعدات الدولية الآيلة إلى إنقاذ الوضع الاقتصادي».
وأكد الخازن أن الراعي لم يستبعد أي جهد يمكن أن يؤدي إلى تذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة في هذا الوقت، ولا يرفض أي مساعدة من أي جهة تستطيع أن تؤثر لحل التعقيدات القائمة، مشيراً إلى أن هذا الملف، إلى جانب المخاطر الداهمة التي تترتب على البلد لجهة الأزمة الاقتصادية والمعيشية والخلافات بين السياسيين وملف معالجة كورونا، «تجعل منها أولويات للإنقاذ، بما يتخطى التفاصيل الوطنية الأخرى، على أهميتها» ومن ضمنها الخلافات القائمة حول سلاح «حزب الله» والمقاومة.
وتعثر تشكيل الحكومة منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيلها في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ويرى «حزب الله» أن «أزمة ثقة» تقع خلف التعثر بتشكيل الحكومة، وسط تباعد بين الحريري والرئيس اللبناني ميشال عون دفع الراعي أول من أمس لمطالبة الرئيسين الشريكين دستورياً بتشكيل الحكومة، إلى عقد لقاء مصالحة بينهما ينتهي بالاتفاق على تشكيلها.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.