أنقرة: الليرة تعاود مسار الهبوط وسط تفشي الفقر والبطالة

فقدان الثقة يدفع بالأتراك إلى التخلص من عملتهم

تزداد ضبابية الاقتصاد التركي مع تردي الأوضاع الاجتماعية والمالية للمواطنين (أ.ف.ب)
تزداد ضبابية الاقتصاد التركي مع تردي الأوضاع الاجتماعية والمالية للمواطنين (أ.ف.ب)
TT

أنقرة: الليرة تعاود مسار الهبوط وسط تفشي الفقر والبطالة

تزداد ضبابية الاقتصاد التركي مع تردي الأوضاع الاجتماعية والمالية للمواطنين (أ.ف.ب)
تزداد ضبابية الاقتصاد التركي مع تردي الأوضاع الاجتماعية والمالية للمواطنين (أ.ف.ب)

عاودت الليرة التركية مسار الهبوط مجدداً بعد أسابيع من استعادة قوتها وتحقيق استقرار جيد، بينما كشفت أرقام رسمية عن ارتفاع حاد للبطالة في صفوف الشباب وزيادة مساحة الفقر في البلاد.
وبعد أسابيع من الاستقرار سجلت فيها الليرة التركية ارتفاعاً عوض بعض خسائرها خلال عام 2020 ووصلت إلى مستوى مرتفع عند 7.23 ليرة للدولار، عادت وسجلت هبوطاً في بداية تعاملات الأسبوع أمس (الاثنين) بأكثر من اثنين في المائة مقابل الدولار واليورو، في ظل استمرار مكاسب الدولار وسط آمال بمزيد من التحفيز للاقتصاد الأميركي.
وهبطت الليرة إلى مستوى 7.47 ليرة للدولار بحلول الساعة 06:02 بتوقيت غرينتش مقارنة مع مستوى الإغلاق يوم الجمعة عند 7.3550، وفي وقت سابق، كانت قد انخفضت نحو 2.2 في المائة إلى 7.52 ليرة مقابل الدولار، فيما سجل اليورو نحو 9.0660 ليرة.
ولا يزال الأتراك يتسابقون على تحويل مدخراتهم للدولار واليورو، بعد أن فشلت أدوات البنك المركزي التركي، من بينها رفع أسعار الفائدة على الليرة، في ضبط سوق الصرف خلال الشهرين الماضيين، كما يتسابق الأتراك على شراء الذهب والاحتفاظ بمدخراتهم في بيوتهم بسبب عدم الثقة في وضع الأسواق والبنوك والخوف على ودائعهم.
وأظهرت بيانات للبنك المركزي التركي، صدرت في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن ودائع الأتراك بالعملة الأجنبية سجلت رقماً قياسياً لمدة 10 أسابيع متتالية، لتصل إلى 234.8 مليار دولار. وكشفت أرقام عن استغلال الأتراك ارتفاع قيمة الليرة خلال شهر ديسمبر الماضي في زيادة ودائعهم بالعملات الأجنبية، مما يؤكد فقدان الثقة بالعملة الوطنية واستمرار الاتجاه إلى الدولرة.
وانخفضت الليرة التركية إلى مستوى قياسي بلغ 8.58 مقابل الدولار خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قبل أن ترتفع في ديسمبر.
في الوقت ذاته، قال البنك المركزي التركي، في بيان أمس، إن البلاد سجلت تدفقاً في صافي استثمارات المحافظ بلغ 1.298 مليار دولار خلال نوفمبر الماضي، مشيراً إلى أن صافي التدفقات الواردة من الاستثمارات المباشرة بلغ 299 مليون دولار.
وتأثرت التدفقات النقدية الصافية في تركيا وحول العالم، خلال عام 2020 بفعل التبعات السلبية لتفشي وباء «كورونا» وعمليات الإغلاق على غالبية اقتصادات العالم، لكن مؤشرات التعافي في السوق المحلية بدأت في الظهور منذ الربع الثالث 2020، عبر زيادة الاستثمارات الأجنبية، وتراجع مؤشرات في الاقتصاد الكلي أبرزها البطالة، بحسب البيان.
وبحسب البيان، بلغ عجز الحساب الجاري في نوفمبر الماضي 4.063 مليار دولار، في حين حقق الحساب الجاري، باستثناء الذهب والطاقة، فائضاً بلغ 4.094 مليار دولار، مقابل 632 مليون دولار في الفترة المقابلة من عام 2019.
وسجل عجز ميزان المدفوعات في التجارة الخارجية ارتفاعاً بمقدار 2.9 مليار دولار على أساس سنوي إلى 3.844 مليار دولار.
وأظهرت بيانات «معهد الإحصاء التركي»، أمس، ارتفاع البطالة المعدلة موسمياً بنسبة 0.1 في المائة إلى 12.9 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول)، بعد 3 أشهر من التراجع. ووصلت البطالة بين الإناث إلى 15.5 في المائة، وإلى 11.5 في المائة بين الذكور. ووصلت البطالة بين الشباب إلى 24.8 في المائة.
وسجل معدل البطالة 13.4 في المائة قبل عام. وخلال عام 2020، ظل المعدل منخفضاً نتيجة حظر تسريح العاملين خلال أزمة فيروس «كورونا».
في الوقت ذاته، كشفت دراسة أجراها «اتحاد نقابات القطاع العام» التركي عن ارتفاع حد الجوع إلى 3146 ليرة، وارتفاع خط الفقر إلى 11187 ليرة، بعدما بلغ معدل التضخم السنوي في نوفمبر 14.6 في المائة.
وأشارت الدراسة إلى أن حد الجوع ارتفع بنحو 45 ليرة خلال شهر ديسمبر الماضي مقارنة بالشهر السابق له، ليسجل 3146 ليرة، بجانب ارتفاع النفقات اللازمة من أجل الاحتياجات الأساسية غير الغذائية بنحو 73 ليرة لتسجل 8041 ليرة، وعلى الصعيد الآخر ارتفع خط الفقر بنحو 118 ليرة ليسجل 11187 ليرة.
وبعد زيادته مؤخراً بلغ الحد الأدنى للأجور في تركيا 2825 ليرة للموظف، و3313 للموظف الذي لديه 3 أطفال، قبل الضرائب والرسوم؛ الأمر الذي يشير إلى فرق كبير بين ما يتقاضاه الموظف من أجر وما يجب أن يتقاضاه لتوفير احتياجاته الأساسية.
وأدت الزيادة الكبيرة في أسعار السلع الغذائية خلال العام الماضي إلى ارتفاع حد الجوع، الذي يجرى احتسابه بناء على السلع الغذائية اللازمة لأسرة من 4 أفراد من أجل الحصول على التغذية السليمة، إلى 3146 ليرة، وارتفاع حد الجوع بنحو 438 ليرة على أساس سنوي.
وكشفت الدراسة عن تراجع نفقات الملابس والأحذية للأسرة المكونة من 4 أفراد بنحو 200 ليرة مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق لتسجل 597 ليرة، بينما ارتفعت نفقات الإيواء شاملة الإيجار بنحو 129 ليرة لتسجل 1481 ليرة. وارتفعت نفقات مستلزمات المنزل بنحو 139 ليرة لتسجل 875 ليرة، كما ارتفعت نفقات الصحة بنحو 41 ليرة لتسجل 278 ليرة.



نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة، عقب اجتماع روسيا و«أوبك»، إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

وأضاف نوفاك بعد اجتماعه مع الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في موسكو، إن دول «أوبك بلس»، التي تضخ نحو نصف إنتاج النفط العالمي، تتخذ كل القرارات اللازمة للحفاظ على استقرار السوق.

وقال نوفاك: «بينما نناقش الوضع والتوقعات اليوم، يخلص تقييمنا إلى أن السوق في الوقت الحالي متوازنة. يرجع الفضل في ذلك في الأساس إلى تحركات دول (أوبك بلس)، والإجراءات المشتركة للامتثال للحصص والتعهدات الطوعية من دول في (أوبك بلس)».

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المُصدّرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، لعقد اجتماع في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

وفي الأسواق، تراجعت أسعار النفط قليلا يوم الجمعة، لكنها اتجهت إلى تسجيل زيادة أسبوعية بنحو أربعة في المائة مع احتدام الحرب الأوكرانية، بعد تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها قد تتحول إلى صراع عالمي.

وبحلول الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 34 سنتا أو 0.46 في المائة إلى 73.89 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 36 سنتا أو 0.51 في المائة إلى 69.74 دولار للبرميل. وزاد الخامان اثنين في المائة يوم الخميس، وكان من المتوقع أن يسجلا مكاسب أسبوعية بنحو أربعة في المائة، وذلك في أفضل أداء من نوعه منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال بوتين يوم الخميس إن الحرب في أوكرانيا تتحول إلى صراع عالمي بعدما سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بأسلحة مقدمة من البلدين. وأضاف أن روسيا ردت بإطلاق نوع جديد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى على منشأة عسكرية أوكرانية، محذرا الغرب من أن موسكو قد تتخذ مزيدا من الإجراءات.

وتعد روسيا من بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، حتى مع انخفاض الإنتاج بعد حظر الاستيراد المرتبط بغزوها لأوكرانيا وقيود الإمدادات التي تفرضها مجموعة «أوبك بلس». وقالت روسيا هذا الشهر إنها أنتجت حوالي تسعة ملايين برميل من الخام يوميا.

لكن بيانات مخزونات الخام الأميركية حدت من المكاسب. فقد تأثرت الأسعار بارتفاع مخزونات الخام الأميركية 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات المحللين.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن إجراءات في السياسات لتعزيز التجارة منها دعم واردات منتجات الطاقة وسط مخاوف بشأن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية.

ومن جانبه، قال بنك غولدمان ساكس في مذكرة إنه يتوقع أن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل هذا العام، رغم العجز في المعروض في 2024 والغموض الجيوسياسي، مشيرا إلى فائض متوقع قدره 0.4 مليون برميل يوميا العام المقبل.

وأضاف في المذكرة مساء الخميس: «توقعنا الرئيسي هو أن يظل برنت في نطاق 70 إلى 85 دولارا، مع قدرة إنتاج فائضة عالية تحد من ارتفاع الأسعار، فيما تحد مرونة أسعار (أوبك) وإمدادات النفط الصخري من انخفاض الأسعار».

ويتوقع البنك مخاطر قد تدفع أسعار برنت للصعود على المدى القريب، مع احتمال ارتفاع الأسعار إلى نطاق 85 دولارا في النصف الأول من عام 2025 إذا انخفض المعروض من إيران بمقدار مليون برميل يوميا بسبب فرض عقوبات أكثر صرامة.

وأوضح البنك أن مخاطر الأسعار على المدى المتوسط تميل إلى الجانب السلبي نظرا للطاقة الإنتاجية الاحتياطية المرتفعة. وقال: «في حين أن هناك طاقة احتياطية وفيرة في إنتاج النفط، فإننا نتوقع أن يظل التكرير قليلا للغاية، وأن تتعافى هوامش البنزين والديزل بشكل أكبر».

وأبقى البنك على توقعاته بأن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت 76 دولارا للبرميل في عام 2025، لكنه خفض توقعاته لعام 2026 إلى 71 دولارا للبرميل في ظل فائض قدره 0.9 مليون برميل يوميا.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يستمر الطلب على النفط في النمو لعقد آخر، مدفوعا بارتفاع الطلب الإجمالي على الطاقة إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي واستمرار وجود تحديات في إزالة الكربون من قطاعي الطيران والمنتجات البتروكيماوية.