«نيوم»... نموذج سعودي لمشروع التحول الحضري الحديث

يجسد مرتكز استيعاب الأبعاد التقنية والبيئية والإدارية وحركة التنقل ومفهوم الاستدامة

السياحة والترفيه والاكتشاف أحد القطاعات المستهدفة في مدينة نيوم السعودية (الشرق الأوسط)
السياحة والترفيه والاكتشاف أحد القطاعات المستهدفة في مدينة نيوم السعودية (الشرق الأوسط)
TT

«نيوم»... نموذج سعودي لمشروع التحول الحضري الحديث

السياحة والترفيه والاكتشاف أحد القطاعات المستهدفة في مدينة نيوم السعودية (الشرق الأوسط)
السياحة والترفيه والاكتشاف أحد القطاعات المستهدفة في مدينة نيوم السعودية (الشرق الأوسط)

منذ الإعلان عنه في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2017، جسد مشروع نيوم (شمال غربي المملكة) المشروع الحضاري الحديث الذي أطلقته «رؤية المملكة 2030» إلى العالم، حيث بات مرتكزاً ومرجعاً لأسلوب تحول المدينة الحديثة لتبني مفاهيم وأبعاد المستجدات التكنولوجية، واعتماد صداقة البيئة في كل التفاصيل، على أعلى مستوى من المهنية والمعيارية ومفهوم الاستدامة وحركة النقل.
وانطلق مشروع «نيوم» «حلماً جريئاً» حينما أفصح عنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2017، ليكون أحد التطلعات الطموحة لـ«رؤية المملكة 2030»، وتحويل السعودية إلى نموذج عالمي في مختلف جوانب الحياة، عبر استقطاب سلاسل القيمة في الصناعات والتقنية وآليات العمل ومناهج حماية البيئة. وفي وقت أعلنت فيه السعودية أمس تطورات مهمة لمشروع عملاق أطلقت عليه مسمى «ذا لاين»، تبتكر «نيوم» نهجاً جديداً لتطوير نموذج مستقبلي لمركز صناعي تحويلي أساسي، وتشمل خطط التطوير المناطق الساحلية والجبلية التي ستخلق مجتمعات إدراكية، ومناطق جذب سياحي، وفق أعلى معايير الاستدامة، بالإضافة إلى تطوير مرافق تجارية ذات شهرة عالمية. فإلى حكاية المشروع الذي بدأ يتحول إلى واقع ملموس:
مفترق الطرق
لم يكن اختيار موقع «نيوم» محض صدفة، إذ تمتاز المنطقة بموقع جغرافي مثالي يؤهلها لتحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها، فوجودها على مفترق طرق العالم يمكن 40 في المائة من سكان العالم من الوصول إليها في أقل من 4 ساعات، بينما 70 في المائة من العالم يمكنه الوصول إلى «نيوم» جواً خلال 8 ساعات، كما أن قرابة 13 في المائة من تجارة العالم تمر عبر البحر الأحمر، بل إن السفر من لندن إلى مطار نيوم الجديد سيستغرق 5 ساعات فقط، وساعتين من دبي أو القاهرة، و5 ساعات ونصف من زيوريخ في قلب أوروبا.
شركة «نيوم»
صندوق الاستثمارات العامة هو داعم المشروع الذي تقدر قيمة الاستثمارات فيه بقرابة 1.8 تريليون ريال (500 مليار دولار)، بمشاركة مستثمرين محليين وعالميين، حيث تقوم شركة نيوم، بصفتها شركة مساهمة مقفلة برأسمال مدفوع تعود ملكيته لـ«الاستثمارات العامة» التي تأسست في عام 2019، على أعمال تطوير المنطقة والإشراف عليها.
وتقول «نيوم» على موقعها الرسمي إن مشروعها وُلد بصفته رؤية لولي العهد السعودي، ليصبح ركناً أساسياً من «رؤية المملكة 2030» من أجل النمو وتنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي، حتى تتبوأ المملكة مكانة ريادية في التنمية العالمية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن المملكة هي التي تقود وتُمول مشروع «نيوم» منذ انطلاقته الأولى، إلا أنه مشروع عالمي سيشارك في قيادته وتمويله والعيش فيه أطياف مختلفة من الناس حول العالم.
وتقوم «شركة نيوم» على مسؤولية إنشاء مدن جديدة وبنية تحتية كاملة للمنطقة، تشمل ميناءً، وشبكة مطارات، ومناطق صناعية، ومراكز للإبداع لدعم الفنون، ومراكز للابتكار تدعم قطاع الأعمال، إضافة إلى تطوير القطاعات الاقتصادية المستهدفة.
تأسيس المطار
في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، أي بعد عام من إعلان المشروع، أفصح الرئيس التنفيذي للشركة المهندس نظمي النصر عن تشغيل أول مطار في المدينة، ليتم تسيير رحلات أسبوعية إليه مع بداية عام 2019، على أن يكون المطار واحداً من شبكة مطارات عدة سيتضمنها المشروع.
وبالفعل، استقبل المطار الذي يحمل رمز مطار منظمة الطيران المدني الدولي الواقع في ضاحية «شرما» أول رحلة للخطوط السعودية (الناقل الرسمي في المملكة) في العاشر من يناير (كانون الثاني) عام 2019، عبر طائرتين تجاريتين من طراز إيرباص (إيه 320) تقلان 130 موظفاً في المشروع.
«نيوم» المفهوم
تؤكد المعلومات الرسمية أن مفهوم «نيوم» لا يقتصر على المكان فحسب، بل هو توجه فكري ونمط حياة، حيث سيجسد سكان نيوم أخلاقياتٍ وقيماً تمثل روح الجماعة، كما سيعتمدون ثقافة تتبنى الاستكشاف والمغامرة والتنوع، مدعومين بنظام قانوني منسجم مع الأعراف الدولية، ولا يتوقف عن التطور، مستهدفاً أن يثمر نمواً اقتصادياً ومجتمعاً مكللاً بالنجاح والزهو. وأورد موقع «نيوم» التالي: «تخيل مكاناً يحتضن أصحاب الإنجازات والكفاءات من كل بقاع الأرض، على اختلاف معتقداتهم ومشاربهم، يعيشون جنباً إلى جنبٍ، مُتحدين متآزرين لتحقيق هدف مشترك»، مشيراً إلى أن «نيوم» ستقدم نموذجاً جديداً للاستدامة، وستغدو مكاناً يُركز على تطوير معايير جديدة لصحة المجتمع وحماية البيئة والاستخدام الأمثل للتقنية بفاعلية وإنتاجية.
القطاعات الحيوية
تؤكد المعلومات على الموقع الرسمي أنه سيكون للحياة شكل مختلف مع قطاعات «نيوم» الاقتصادية التي تتمثل في مستقبل لا يضاهى للطاقة المتجددة، على حد وصفها، حيث تتميز بمناخ يتيح لها توليد طاقة متجددة ستكون ذات أسعار تنافسية، بفضل إشعاعات الشمس القوية وسرعات الرياح، ما يجعلها تبني نظاماً وفق ذلك بنسبة 100 في المائة، كما ستنطلق حقبة جديدة لتحويل الطاقة من خلال إنتاج الهيدروجين الأخضر.
وسيسهم استخدام الطاقة المتجددة في تحلية المياه في ضمان خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى الصفر، مع التأكيد على تجنب تصريف أي مواد أو مخلفات مضرة حفاظاً على نقاء البيئة، فيما سيتم معالجة توليد الطاقة وتحويلها إلى أسمدة، وإعادة تدوير المياه لتحويلها إلى مياه صالحة للري. وستقود نيوم مستقبل التنقل، بصفتها مركزاً حيوياً يكون بمثابة نقطة اتصال دولية إقليمية، بحراً وبراً وجواً، حيث التخطيط قائم لبناء ميناء من شأنه أن يحفز التجارة العالمية، كما سيمثل الربط الجوي النموذج الأمثل، مع العمل على التأكد من وجود نظام خال من الانبعاثات الكربونية تماماً، فيما سيكون التنقل البري قائم على حركة نقل عالية السرعة قائمة على مبدأ التشارك عند الطلب.
وستعمل «نيوم» على مستقبل الرعاية الصحية، عبر إنشاء مركز عالمي متقدم للتقنيات الحيوية، وربط المنظومة بالعلاجات الصحية في زمن قياسي، بهدف ترسيخ موقعها، بصفتها موطناً لكبرى شركات التقنيات الحيوية والشركات الواعدة في هذا المجال.
وبحسب مستهدفات نيوم في القطاعات الحيوية، ستفسح المجال لتطوير آليات استدامة النظام الغذائي، سواء في المناطق الصحراوية الصعبة أو خارجها، حيث ستحتضن مقومات الابتكار اعتماد أذكى التقنيات لإحداث نقلة نوعية في هذا المجال.
وتأتي التقنية في قلب القطاعات التي تركز عليها «نيوم»، حيث أكدت أنه لن يقتصر على تقنية النانو، والطباعة الثلاثية الأبعاد، وأجهزة الاستشعار، وإنترنت الأشياء، والمركبات الكهربائية، والروبوتات، والمواد المتجددة فحسب، بل ستوفر الظروف المواتية لابتكار أنظمة تعزز التحولات واعتماد أنظمة تصنيع متقدمة، مع شبكات متكاملة للدعم اللوجيستي المدعومة بمنظومة متقدمة للأبحاث والتطوير.
خطط «نيوم»
وبحسب الخطط التي وضعتها «نيوم»، سيكون أكثر من مليون ساكن هم قوام سكانها بحلول عام 2030، بينما ستستضيف ما يفوق 5 ملايين سائح في العام ذاته، في وقت توفر فيه أكثر من 380 ألف وظيفة.
ويجري العمل حالياً على تطوير نيوم، وقد تم توقيع اتفاقيات مع شركتي «أيكوم» و«بكتل» من أجل تطوير البنية التحتية للنقل، كما جرى توقيع اتفاقيات مع «آر بروداكتس» و«أكوا باور» من أجل بناء منشأة عالمية خضراء لإنتاج الأمونيا تعتمد على الهيدروجين وتعمل بالطاقة المتجددة، كما تم التعاون مع شركة الاتصالات السعودية من أجل إنشاء البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس التي من شأنها دعم طموحات نيوم الرقمية.



عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
TT

عضو في «المركزي الأوروبي»: المصرف سيراقب من كثب خطر عدم بلوغ هدف التضخم

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

قال رئيس البنك المركزي الفرنسي، فرنسوا فيليروي دي غالهاو يوم الجمعة، إن «المركزي الأوروبي» لم يتأخر في خفض أسعار الفائدة، لكنه يحتاج إلى مراقبة خطر عدم تحقيق هدفه للتضخم من كثب، وهو ما قد يؤدي إلى تثبيط النمو بشكل غير ضروري.

وخفّض البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة ثلاث مرات هذا العام بالفعل، ويتوقع المستثمرون مزيداً من التيسير النقدي في كل اجتماع حتى يونيو (حزيران) المقبل، وهو ما قد يؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع، الذي يبلغ حالياً 3.25 في المائة، إلى 2 في المائة على الأقل وربما أقل، وفق «رويترز».

ومع ذلك، تدعم البيانات الاقتصادية الضعيفة، كما يتضح من تقرير مسح الأعمال المخيّب للآمال الذي نُشر يوم الجمعة، الرأي القائل إن البنك المركزي الأوروبي قد يحتاج إلى تسريع إجراءات التيسير النقدي، وقد يضطر إلى اتخاذ تدابير إضافية لدعم الاقتصاد.

وقال دي غالهاو في فرنكفورت: «نحن لسنا متأخرين في المسار اليوم. الاقتصاد الأوروبي يسير نحو هبوط ناعم».

واعترف بوجود مخاطر على التوقعات المستقبلية، مشيراً إلى أنه يجب على صانعي السياسات التأكد من أن أسعار الفائدة لا تبقى مرتفعة لمدة طويلة، مما قد يضرّ بالنمو الاقتصادي.

وأضاف قائلاً: «سوف نراقب بعناية توازن المخاطر، بما في ذلك احتمال عدم بلوغ هدف التضخم لدينا، وكذلك تأثير ذلك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي بمستويات منخفضة بشكل غير ضروري».

وكانت التوقعات تشير إلى خفض للفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في 12 ديسمبر (كانون الأول) بوصفه أمراً شبه مؤكد، لكن بعد نشر أرقام مؤشر مديري المشتريات الجديدة يوم الجمعة، أصبح هناك احتمال بنسبة 50 في المائة لخيار خفض أكبر يبلغ 50 نقطة أساس، نتيجة لتزايد المخاوف من ركود اقتصادي.

ومع ذلك، يشير صانعو السياسات إلى أن المسوحات الاقتصادية قد تكون قد قدّمت صورة أكثر تشاؤماً عن وضع الاقتصاد مقارنة بالبيانات الفعلية التي كانت أكثر تفاؤلاً.

ورغم التباطؤ في التضخم الذي وصل إلى أدنى مستوى له بنسبة 1.7 في المائة هذا الخريف، فإنه يُتوقع أن يتجاوز 2 في المائة هذا الشهر، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرار بخفض أكبر في الفائدة.

ومع ذلك، شدّد دي غالهاو على أن التضخم في طريقه للعودة إلى الهدف المتمثل في 2 في المائة، وأنه من المتوقع أن يتحقّق بشكل مستدام قبل الموعد الذي حدّده البنك المركزي الأوروبي في نهاية 2025.

وقال: «نحن واثقون للغاية بأننا سنصل إلى هدفنا البالغ 2 في المائة بشكل مستدام». وأضاف: «من المرجح أن نحقّق هذا الهدف في وقت أقرب من المتوقع في 2025، مقارنة بتوقعاتنا في سبتمبر (أيلول) الماضي».